بتمديد حالة الطوارئ للمرة الثانية.. هل تحايل السيسي على الدستور؟

وقفة رافضة لقانون الطوارئ

وسط اتهامات بوجود شبهة عدم دستورية، دخلت مصر أمس الجمعة حيزا جديدا في مرحلة الطوارئ التي فرضت للمرة الثانية بقرار من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي،حمل رقم ٥١٠ لسنة ٢٠١٧، وتمتد لثلاثة أشهر بدأ منذ الجمعة، إلا أن قانونين اختلفوا حول القرار واعتبره أحدهما تحايل على نصوص الدستور ومخالفة لها.

 

بموجب قرار رئيس الجمهورية في فقرته الثانية تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين.

 

ونصت المادة الثالثة على أن يفوض رئيس مجلس الوزراء، في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها بالقانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ بشأن حالة الطوارئ، كما نصت المادة الرابعة على أن يعاقب بالسجن كل من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية، بالتطبيق لأحكام القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ المشار إليه.

 

يدافع الدكتور صلاح فوزي أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة عن القرار الجمهوري، مشيرا إلى أنه لا يجد فيه أي تحايل أو مخالفة دستورية، مؤكدا أن الجهة الوحيدة المنوط بها إصدار حكم عدم دستورية القوانين هي المحكمة الدستورية العليا.

وقال لـ"مصر العربية"إن المادة 154 من الدستور حددت الحالات التي يسمح فيها لرئيس الجمهورية أن يعلن حالة الطوارئ، مشيرا إلى أن الرئيس فقط استخدم حقوقه الدستورية ولم يتجاوز، ﻷن المادة تتيح ذلك حالة الحرب معتبرا المواجهات التي تقودها الأجهزة الأمنية حاليا حربا تخوضها الدولة.

 

وتنص المادة "تنص المادة على أن يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء حالة الطوارئ، على النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا حدث الإعلان فى غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه.

وفى جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس.. وإذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد فى أول اجتماع له، ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ.

 

وبحسب فوزي فإن حالة الحرب التي بسببها أعلنت الطوارئ في 10 أبريل الماضي مازالت قائمة فقبل أيام استهدف متطرفون تمركز أمني تابع للقوات المسلحة وتسبب في استشهاد عدد من الجنود، وأيضا بالأمس قتل القس سمعان شحاتة، بشوارع القاهرة.

 

وتابع أن الرئيس طبق نصوص قانون الطوارئ دون التعدي عليها والتي تنص على" 20 مادة وصادر في عام 1958 بتوقيع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقت الوحدة مع سوريا وينص في أبرز مواده على" يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات فى الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء”.

وفي مادته الثانية "يكون إعلان حالة الطوارئ وانتهائها بقرار من رئيس الجمهورية ويجب أن يتضمن قرار إعلان حالة الطوارئ ما يأتى "بيان الحالة التى أعلنت بسببها، تحديد المنطقة التي تشملها، تاريخ بدء سريانها".

 

بموجب القانون يحق لرئيس الجمهورية "وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال، الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها”.

 

تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها.

 

الاستيلاء على أى منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة، والتي تستحق على ما يستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة.

 

سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة.

 

إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة فى المادة السابقة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الأمة فى أول اجتماع له.

 

ويؤكد صلاح فوزي أن السلطة من حقها تطبيق حالة الطوارئ طالما أن الحالة الأولى التي قامت بسببها قائمة ولم تنته.

 

وتابع أن المادة الدستورية يجب تغييرها ﻷنها تنبأت بشيء في علم الغيب بعدم إتاحتها لفرض حالة الطوارئ إلا ستة أشهر فقط، وهو ما يعني أنها افترضت انهاء حالة الخوف او الحرب أو الوباء أو أي مما نص عليه القانون خلال ستة أشهر فقط.

 

وتابع أن رئيس الجمهورية لا يستطيع استدعاء الجيش للمناطق المدنية في ظل عدم وجود قانون الطوارئ لذا جددت الرئيس حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر.

 

لكن يختلف معه الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، أن القرار الرئاسي الأخير فيه تحايل صريح على نصوص الدستور التي تقضي بعدم جواز مد حالة الطوارئ إلا لمدة ستة أشهر فقط.

وقال لـ”مصر العربية” إن دستور 2012 كان فيه نص صريح على أن تجديد حالة الطوارئ بعد 6 أشهر يجب أن يكون من خلال استفتاء شعبي، ﻷكن لجنة الخمسين في دستور 2014 حذفت هذه المادة وجعلته 6 أشهر فقط.

 

وأضاف أن ما حدث هو أن السلطة بقيت صامته يومين بعد انتهاء الفترة الأولى والتي بدأت في أبريل الماضي وأصدرت قانون جديد وهو ما يعني ستة أشهر جديدة واحتمالية تكرار الأمر لتعاني مصر مما عانته قبل ثورة يناير بقانون طوارئ جديد لكنه يتجدد كل 6 أشهر.

 

ولفت إلى أن القرار الأخير به شبه عدم دستورية وهو معرض للطعن عليه أمام المحكمة الدستورية، متوقعا أن يوافق عليه مجلس النواب دون التطرق للأسباب الداعية لمد حالة الطوارئ، وسيوافق المجلس بدون أي مناقشة مكتفيا بتبرير الأمر بأن الحالة الأولى مازالت موجودة.

 

ويتخوف الإسلامبولي من إجراء الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن تبدأ إجراءاتها في فبراير المقبل من إجرائها في ظل وجود حالة الطوارئ، وهو ما يعني أن مؤيدو أي مرشح معرضين للاعتقال في حالة تنظيم مسيرة أو تظاهرة داعمة له.

 

مقالات متعلقة