فيديو| محاسن دسوقي.. السيدة الوحيدة التي بقيت قرب خط النار في حرب الاستنزاف

محاسن الدسوقي

سبعة أعوام قضتها محاسن دسوقي على خط النار طوال حرب الاستنزاف بمدينة الإسماعيلية، وهبت نفسها للعمل العام ورفضت أن تنضم لركب المهجرين إجباريًا من المدينة التي تعيش تحت قصف العدو الإسرئيلي كل يوم عقب نكسة 67.

 

فسخت خطبتها وودعت أسرتها على محطة القطار التي شهدت على تهجير آلاف الأسر وسارعت للمستشفى الأميري لتستقبل الجرحي من الجنود والمدنيين على خط النار محاولة أن تخفف عنهم آلامهم وجراحهم لتكون بذلك السيدة الوحيدة المتطوعة بالإسماعيلية.

 

ولدت محاسن في الإسماعيلية في 6 يونيو 1947 وحصلت على دبلوم المدرسة الفنية التجارية ومنذ كانت في السابعة عشر من عمرها انضمت لمنظمة الشباب الإشتراكي وتلقت عدد من الدورات التدريبية في معهد إعداد القادة وشاركت في التنظيم النسائي وكانت أول سيدة مرشحة في المجالس المحلية بالإسماعيلية في نهاية السبعينيات ونجحت ل6 دورات متتالية في المجالس المحلية على مدار 30 عاماً. وكنت مؤسسة لاول جمعية نسائية في الاسماعيلية لرعاية الاسرة والطفولة سنة 1976.

 

تقول «محاسن الدسوقي» التي بلغت السبعين من عمرها ولا تزال تواصل عملها التطوعي في الإسماعيلية في لقاء مع «مصر العربية»: "عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية الإسماعيلية عقب نكسة 67 كنت وقتها في الرابعة والعشرين من عمري  وأعمل موظفة بمديرية الإسكان وكنت مخطوبة وعلى وشك إتمام زفافي".

 

"وقتها سارعت بالإنضمام لكتيبة الهلال الأحمر وشاركت في أعمال معالجة  الجرحى من المدنيين ومساعدة أسر الشهداء في الوصول لجثامين ذويهم، كانت مشاهد الدماء والأشلاء المتناثرة في شوارع الإسماعيلية مؤلمة لكنها زادتني صلابة وقوة ".. هكذا تروي "محاسن".

 

وتابعت: "عندما صدر القرار بالتهجير الإجباري للمواطنين كان قراري المكوث وتقبلت أسرتي القرار ولم تفزع أمي، كانوا يعلمون أن طبيعتي التطوعية التي جبلت عليها لن تثنيني عن قراري، ودعت أسرتي وتوجهت نحو الأسر الباقية بالمدينة أقنعهم بضرورة التهجير حتى لا يكونوا مستهدفين  أمام قوات العدو التي جعلت من الإسماعيلية هدفاً ثميناً لها لإستعراض قوتها وجبروتها.

 

محاسن دسوقي: كانت لحظات قاسية على الجميع، نساء  وأطفال وشباب وعجائز أجبروا على الخروج من بيوتهم

 

وأوضحت أنها مكثت في منزل العائلة بحي عرايشية مصر بالإسماعيلية مع أخوها وكان يعمل وقتها بالمحافظة وكنت الفتاة الوحيدة المسموح بتواجدها في المدينة بعدما حصلت على تصريح وبطاقة هوية معتمدة من الحاكم العسكري حينها ".

 

وأكملت "كنت أقضي يومي بالكامل  في المستشفى الأميري لمساعدة طواقم التمريض في استقبال الجرحى القادمين من الجبهة وكنت فقط أسافر يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع لأسرتي التي تم تهجريها إلى الزقازيق، كنت أساهم في التخفيف عن الجرحى بالحديث معهم وعن بطولاتهم وكنت حلقة الوصل بينهم وبين ذويهم في محافظات مصر المختلفة ".

 

واستطردت: "مر نحو نصف قرن على نكسة يونيو وحرب الاستنزاف ولاتزال مشاهد أشلاء الضحايا ونزيف الدم  عالقة في ذهني ورائحة البارود  ا تفارقني حتى الآن، كنت أصاحب محمود بديوي –مصور وموثق – الحرب بالاسماعيلية في كل جولاته بالمدينة عقب كل غارة للبحث عن مشاهد يلتقطها عبر عدسته لينشرها للعالم وكانت هذه الجولة عادة ما تثير غضبي،  وأنا أرى مدينتي تهدم والأبرياء يتساقطون.

 

كانت لحظات الغارة من أصعب ما يمر علينا وكنت وقتها أقطن في الطابق الأرض مع شقيقي وفور سماعي دوي الغارة كنت أفتح باب المنزل حتى  يكون  ملجأ لاحتماء المارة  به من الغارات الاسرائيلية

 

وأضافت "كانت رئيستي في العمل بالهلال الأحمر المناضلة هند القاضي متواجدة مع الأسر المهجرة في محافظات مصر تراعي شئونهم وتعمل على تذليل العقبات أمامهم وكنت الوحيدة في الإسماعيلية وهناك الكثير من السيدات كانوا معها منهم  امال سعد وعائشة ابو السعود وكثيرات لا تسعفني الذاكرة في تذكر أسماءهن وإن كن قدمت بطولات لا تقل عن بطولات الرجال على خط النار .فالنساء كانت تقوم بحياكة الجوالات وملئها بالرمال ووضعها كسواتر أمام المصالح الحكومية".

 

واستكملت "كنا ننتظر لحظة إندلاع الحرب بفارغ الصبر وعايشنا لحظة العبور في أكتوبر 73 ولم أبرح المستشفى حتى عودة المهجرين أهل المدينة إليها في أوائل عام 1974 وكنت أول سيدة عبرت قناة السويس أثناء حرب أكتوبر مع وفد من الهلال الأحمر ".

 

واختتمت عقب انتهاء الحرب لم أتوانَ عن دوري التطوعي وشاركت في تأسيس الجمعية النسائية بالإسماعيلية  وكنت عضوة بالمجالس المحلية على مدار 30 عاماً  حتى عام 2010 ، وعملت بالعمل الاجتماعي وحاليا رغم بلوغي الـ 70 من عمري إلا إنني أواصل عملي في إدارة  جمعية التثقيف الفكري لخدمة الاطفال المعاقين ذهنيا .وأشارك في القوافل الخيرية بجمعية بيت العائلة ".

 

وعن حياتها الأسرية قالت  "تزوجت عام 1987 من صلاح الدين عوض مهندس بشركة الكهرباء وكان رجل عظيم وتوفي عام 2007 بعدما أنجبت منه  "محمد" ويعمل حالياً مدير في بنك مصر وعمرو محاسب في شركة الكهرباء ولدي  3 أحفاد وبفضل الله زوجات أبنائي كأنهن بناتي.

 

مقالات متعلقة