فجرت الذكرى الـ44 لانتصار حرب أكتوبر، العديد من التساؤلات حول عدم وجود فيلم سينمائي يتناسب مع هذه الملحمة العظيمة التي سطرت تاريخ مصر والمنطقة العربية ورسمت مستقبلها.
ليثار في الذهن عدد من التساؤلات المهمة، منها: لماذا لم نقدم أفلام تتناسب مع حجم الحدث؟ ولماذا لم تُستغل هذه اللحظة لإنتاج كم هائل عن لحظات العبور والنصر؟ وهل قصص الحب التي غلفتها هذه الأفلام كانت أكثر أهمية من لحظة النصر؟، ولماذا لم يسع المنتجون لتوثيق الحرب في فيلم سينمائي ضخم؟ ولماذا محمود ياسين البطل الأوحد لهذه الاعمال؟. وعندما نرجع بالذاكرة إلى الوراء، نجد أن الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر قديمة وقليلة، ومن أشهرها: "بدور .. الوفاء العظيم.. العمر لحظة.. الرصاصة لا تزال في جيبى.. أبناء الصمت.. حتى آخر العمر"، والتي كان القاسم المشترك فيها الفنان محمود يس.
وخلال السنوات الماضية وقفت السينما المصرية عاجزة عن تناول أحد أعظم اللحظات في تاريخ مصر الحديث، ليبقى التساؤل إلى متى ستظل الأفلام الوطنية وخاصة المتعلقة بحرب أكتوبر في طي النسيان؟..
في البداية، قال المخرج سمير سيف، إن السينما لم تنجح في تأريخ حرب أكتوبر ، بالرغم من أننا نمتلك أكثر من فيلم يتناول الحرب تم عرضهم مازالوا يعرضون حتى وقتنا هذا إلا أنه لا يوجد فيلم تناول المعركة بشكلها الحقيقي.
ولفت سمير سيف، إلى أن إنتاج فيلم عن حرب أكتوبر يزداد صعوبة بمرور السنين لأن تكلفته ستصبح كبيرة جدًا، لأنه يتطلب ملابس وأسلحة بشكل يتناسب مع هذا العصر .
وعن مدى تقبل الجمهور لأفلام وطنية جديدة، يرى المخرج سمير سيف، أنه إذا قدم عمل بشكل تقني وبكتابة إنسانية سيحقق نجاحا كبيرا.
وأختتم كلامه قائلًا: "الحرب في الأساس دراما إنسانية تبرز أنبل ما في الإنسان ويمكن أن تبرز أسوأ ما فيه أيضا، وهذه النوعية من الأفلام من الممكن أن تحقق نجاحا كبيرا إذا استطاعت أن تستثير الروح الوطنية للمشاهد".
واتفقت معه الناقدة حنان شومان، التي ترى أن هذه الأعمال لم ترتقٍ للانتصار الوحيد في عصرنا الحديث، فكان على الكتاب أن يبتعدوا عن هذه الفترة الزمنية ليستطيعوا أن يبدعوا ولكنهم كانوا يتصارعون في وقتها من أجل تقديم الولاء وتحية العلم. وأضافت: "أفلام حرب أكتوبر لم تكن مناسبة لحجم الحدث فهي تكاد اسوء الأفلام التي قدمتها السينما، وصناع السينما في هذا الوقت وبعد الانتصار تعاملوا مع الأعمال التي تتحدث عن هذه اللحظة وكأنها واجب وطني وليست مهمة فنية".
وتابعت، "هذه الأفلام تحتاج إلى ميزانيات ضخمة وسينما قوية، ووقت ومجهود، وتسألت "من من المبدعون المتواجدون على الساحة سوف يتفرغ لصناعة فيلم لمدة خمس سنوات"، فمع الأسف نحن سينما فقيرة بجميع المقايس.
وأشارت حنان شومان، إلى أن هذا الأمر لا يتوقف عن الجهات المالية والكتابة فقط فهناك الكثير من الجهات التي سوف تتدخل في الإشراف والموافقة على خروج العمل للنور وعلى رأسها القوات المسلحة والرقابة، واصفة كل ذلك "وجع دماغ" لا يحفز أي مبدع.
أما عن قصص الحب التي سيطرت على هذه الأعمال، فأوضحت أن قصص الحب كتبت بشكل درامي، لذلك ربما تكون علقت في الذاكرة أكثر من الحرب، فالأمر في النهاية يتوفق على الإبداع.
وأثنى الناقد طارق الشناوي، على كلامهم، مؤكدًا أن السينما المصرية فشلت في تأريخ حرب أكتوبر. وأوضح أن الأفلام التي تحدثت عن حرب أكتوبر أفلام "تجارية" في المجمل العام، متابعا أن هناك مفهوم خاطئ وهو تقديم فيلم عن الحرب يعني أن يكون عسكريا، وليس بشكل فني ودرامي صحيح.
وأشار إلى أن المنتجون لا يبتعدون خوفا من الخسائر بقدر عدم إدراكهم للتعامل مع هذه النوعية من الأفلام.
وعن سبب اختيار الفنان محمود ياسين، ليكون البطل في جميع هذه الأفلام، يقول الناقد نادر عدلي، إن المخرجين كانوا يختارون "ياسين" لأن ملاحمه مصرية، وأهلته أن ينقل صورة حرب أكتوبر للمواطن المصري، ويحقق مصداقية وشعبية عالية.
وأوضح نادر عدلي، أن محمد ياسين كان في وقتها نجم مصر الأول وفتى الشاشة، فكان المنتجون يستعينون به لتحقيق إيرادات وخاصة مع نوعية هذه الأفلام التي لا تجذب الجمهور.
أما المخرج عادل الأعصر، فطالبنا بالاعتراف أنه دون هذه الأفلام القديمة التي جسدت حرب أكتوبر والتي مازالت موجودة على مدار الـ44 عامًا لم نكن سنصنع أي فيلم عن حرب أكتوبر وساهمت في في توثيق حرب أكتوبر.
ويرى الأعصر أنه رغم قيمة هذه الأفلام إلا أن السينما المصرية بالفعل لم تجيد صنع فيلم عن حرب أكتوبر يتوازى مع قيمة هذه الحرب العظيمة .