علاقة معقدة.. الصحة النفسية للمراهقين ووسائل التواصل الاجتماعي

موقع التواصل والصحة النفسية للمراهق

"أشعر بالاكتئاب حول الوقت الذي يقضيه الأطفال على الإنترنت" عبارة تحمل القلق لأحد الأمهات خوفا على أبنائها في مرحلة المراهقة. وتتشابه هذه المشاعر عند الكثير الآباء فيما يتعلق بكيفية تأثير التقنيات الرقمية على الحياة الاجتماعية والعاطفية لأطفالهم.

 

وقد ساهمت عناوين الأخبار السريعة المربكة في تعزيز مخاوفنا حيال هذا الأمر ولكنها اكتسبت قبولا في الرأي العام، فعناوين مثل "كيف يجعلنا الفيسبوك سعداء"، و"الفيسبوك لا يسبب الإدمان؛ يجعل الناس سعداء فقط" أصبحت غطاء للمكوث مدة طويلة أمام هذه المواقع .

 

وتنعكس هذه العناوين على نتائج البحوث المتباينة أيضا، فقد أظهرت دراسة حديثة في جامعة ميشيجان عن المراهقين، أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعية بكثافة يعانون بقدر أكبر من القلق مع زيادة في مشاعر الوحدة.

 

ورغم ذلك، إلا أن المراهقين أنفسهم يسارعون دائما إلى الدفاع عن حياتهم عبر الشبكات الاجتماعية، وأفاد غالبية المراهقين في هذه الدراسة، بأن وسائل التواصل الاجتماعي تساعدهم على الشعور بأنهم أكثر ارتباطا بأصدقائهم، ويقدمون دعما حاسما لبعضهم البعض خلال الأوقات العصيبة. وفي الوقت نفسه، يكشف واحد من كل خمسة مراهقين عن شعور أسوأ عن حياته بسبب ما يرونه عبر وسائل التواصل الاجتماعية.

 

ويعلق الدكتور إيرين والش استشاري الصحة النفسية، قائلا: "إذا كنت تنتظر دراسة نهائية لتقول لنا ما إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعية "جيدة" أو "سيئة" على الصحة النفسية للمراهقين، فسوف تنتظر لفترة طويلة. وبدلا من ذلك، معلينا أن نبدأ بتطهير الصورة ذاتها التي يقدمها المراهقون عن أنفسهم عندما تطلب منهم"، واصفا ذلك بالأمر المعقد.

 

كيف يستخدم المراهقون وسائل التواصل الاجتماعي؟

 

وتؤكد النتائج المتباينة للبحوث التي أجرتها مؤسسة علم النفس الأسترالية إلى أن هناك اختلافات في كيفية قضاء المراهقين وقتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعية؛ فعند استخدام الشبكات الاجتماعية وشبكة الإنترنت إلى حد كبير في التواصل مع العائلة والأصدقاء، فإن الدعم الاجتماعي الناتج يعود بالنفع على الصحة العقلية للمراهقين.

 

وعلى العكس من ذلك، فإن الاستخدام الواسع للشبكات الاجتماعية مع "الروابط الضعيفة" بعيدا عن الدوائر المغلقة يمكن أن يزيد من الشعور بالوحدة والقلق.

 

ماذا يفعل المراهقون؟

 

لا يستجيب جميع المراهقين بنفس الطريقة أمام الشبكات الاجتماعية، ولا يستخدم كل المراهقين نفس المواقع والأدوات. ولكن يبقى "الفيسبوك" محور معظم البحوث الحالية، رغم قيام الكثير من المراهقين بسرعة تبني منصات جديدة.

 

يبقى أفضل شيء يمكن للآباء والأمهات القيام به هو مراقبة المراهقين والبقاء على تواصل معهم، وطرح الأسئلة عليهم. فقد يشعر بعض المراهقين بالحزن ويتحولون إلى الإنترنت للحصول على الدعم الذي يحتاجون إليه. وقد يجد آخرون أن الإنترنت يزيد من مشاعر الحزن أو الشعور بالوحدة. قد يشعر البعض بالإبداع والإلهام، في حين أن الآخرين يصبحون غاضبين ويعانون من العصبية، وهذه هي العلامات الأكثر أهمية من أي دراسة.

 

ادخل في محادثة مع الشباب المراهق وجها لوجه حول حياتهم عبر الشبكات الاجتماعية، واسألهم لماذا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي؟ وما شعورهم نحوها؟ ومن من يتواصلون؟ وما هو أكثر شيء يفضلونه؟

 

يمكن أن توفر وسائل التواصل الاجتماعي الدعم الذي تشتد حاجة المراهقين إليه، وتعزز الصداقات القائمة، وتقدم شعورا بالانتماء لبعض المراهقين. ولكن إذا أصبحت هذه المواقع أداة لا تجنب العمل الفوضوي، فتأكد من أن وقت الذي يقضيه المراهق عبر هاتفه ليس بسبب تطبيقات مواقع التواصل الموجودة على الهاتف.

 

كيف تساعد المراهق؟

 

إذا كان المراهق يعبر عن قلقه ومخاوفه حول كونه "متصلا دائما"، فهناك بعض العوامل الوقائية التي تعود بالنفع على جميع المراهقين في العصر الحال، وهي:

 

خصص مع المراهق وقتا خاليا من الشاشة، فمن أكثر الأشياء صعوبة هو إدارة الوقت عبر الشاشة والنظر إليها كل عدة دقائق. وبدلا من ذلك، يمكن للمراهق التركيز على تخصيص أوقات محددة دون الاتصال  بالشاشات، مثل النظر في وجبات الطعام، أو قبل الإفطار، أو أثناء الواجبات المنزلية، أو أثناء ركوب السيارات.

 

إطفاء الشاشات قبل النوم بمدة كافية، فالحرمان من النوم له تأثير واضح وضار على الصحة النفسية للمراهقين، لذلك تأكد من أن المراهق يبتعد عن هذه الأجهزة قبل النوم كل ليلة.

 

قم ببناء العلاقات، وشجع المراهق على بناء علاقات بعيدا عن الإنترنت. فإذا كان عميقا في المجتمع المشارك على شبكة الإنترنت، إذا عليه البحث عن مجموعات مناسبة في الحياة الحقيقية، والتي يمكن أن تغذي هذه العاطفة أيضا.

مقالات متعلقة