بينما اعتبر خبراء اقتصاديون أن توقيع عقود محطة الضبعة النووية شرطا رئيسا لعودة السياحة الروسية إلى مصر، أكد آخرون أنه لا علاقة بين القضيتين وأنهما يختلفان ولا يربطهما أى توازنات سياسية.
فيما حذر البعض من قيمة القرض الذي يعد الأعلى في تاريخ مصر بنحو 25 مليار دولار خاصة مع تنامي الدين الخارجي ووصوله إلى معدلات عالية خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر أكملت الاتفاق المتعلق بعقد بناء محطة الطاقة النووية المصرية في الضبعة مع الجانب الروسي، وأصبح العقد جاهزاً للتوقيع، كما دعا نظيره الروسي فلاديمير بوتين لحفل توقيع الوثيقة رسمياً، الذي سيجري في وقت لاحق.
ووفق بيان للرئاسة المصرية فإن الرئيسين استعرضا خلال لقائهما، على هامش قمة مجموعة "بريكس" في مدينة شيامن الصينية، عدداً من الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الثنائية، ومنها استئناف الرحلات الجوية الروسية إلى مصر.
وتوقفت حركة الطيران بين مصر وروسيا منذ نهاية عام 2015، بعد تعليقها من قبل روسيا على خلفية كارثة سقوط طائرة الركاب الروسية في المجال الجوي المصري يوم 31 أكتوبر 2015، التي راح ضحيتها 224 راكباً، إضافة إلى طاقم الطائرة.
وقال المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، إن جميع عقود محطة الضبعة قد اكتملت وباقي عقد واحد خاص بالوقود، لافتا إلى أنه سيتم وضع حجر الأساس قريبا، وأنه يتم حاليا مراجعة العقود في مجلس الدولة والتوقيع وتفعيلها فورا.
وأوضح إسماعيل أن هناك أربعة عقود لمحطة الطاقة بالضبعة تتمثل فى العقد الرئيسي، وعقد التنفيذ، وعقد الصيانة والتشغيل، وعقد للوقود.
ويتمثل العقد الأول فى الإنشاءات وتبلغ عدد صفحاته 3500 صفحة والثانى خاص بإلزام الجانب الروسى بتوريد الوقود النووى طول مدة المشروع الذى يصل لـ60 عاماً، والعقد الثالث خاص بإعادة استخدام الوقود النووى المستنفذ واستغلاله بشكل استثمارى، بينما العقد الرابع والأخير خاص بإمدادات الوقود.
عودة السياحة قريبا من جانبه، أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أنه تسلم دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لزيارة مصر، وسوف يلبيها بعد تحديد الموعد المناسب، مشيرًا إلى تحقيق تقدم فى العلاقات بين البلدين، متوقعا استئناف الرحلات الجوية الروسية مع مصر قريبًا، بشكل كامل.
وقال بوتين خلال مؤتمر صحفى فى ختام قمة مجموعة بريكس فى الصين، إن العلاقات بين روسيا ومصر فى صعود وأن الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى دعانى فعلا لزيارة بلده، وسأقوم بها بسرور بعد تحديد موعد مناسب.
وأضاف بوتين أن روسيا تتوقع أن يتم حل قضية أمن الطيران فى مصر بشكل كامل فى المستقبل القريب، لافتا إلى أن موسكو على علم بالجهود التى تبذلها القاهرة فى هذا المجال.
وتابع الرئيس الروسى "نحن أيضا نريد أن تستأنف الرحلات الجوية مع مصر بالكامل.. إننا نرى أن الأصدقاء المصريين يبذلون قصارى جهدهم لتوفير أمن الطيران".
مراحل المفاوضات وفي نوفمبر 2015، وقعت مصر وروسيا مذكرة تفاهم لإقامة أول محطة نووية في الضبعة شمال غرب مصر لتوليد الطاقة الكهربائية، على أن توفر موسكو 80% من المكون الأجنبي للمحطة، بينما توفر القاهرة 20%، وتقوم مصر بسداد قيمة المحطة النووية بعد الانتهاء من إنشائها وتشغيلها.
وتقدر تكلفة المشروع الإجمالية بنحو 29 مليار دولار، يموّل الجانب الروسي 25 مليار دولار، ويتكلف الجانب المصري ما يقرب من 4 مليارات دولار.
ونشرت الجريدة الرسمية، في مايو 2016، قرار الرئيس السيسي بالموافقة على اتفاقية قرض مع روسيا بقيمة 25 مليار دولار لإنشاء المحطة، التي ستضم عند اكتمالها في 2025 أربعة مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء بقدرة 1200 ميجا وات بإجمالي قدرات 4800 ميجا وات.
ومن المتوقع أن يوفر المفاعل النووي المصري ما يزيد على 20 ألف فرصة عمل، خلال فترة بناء المفاعل، كما سيوفر المشروع فرص عمل لـ 4 آلاف شخص بشكل دائم بعد عملية التشغيل.
خطوة مهمة وفى هذا الصدد، قال الدكتور ماهر عزيز، خبير الطاقة والبيئة وتغيير المناخ، إن إعلان مجلس الوزراء موافقة مجلس الدولة على عقود محطة الضبعة النووية خطوة مهمة كنا ننتظرها منذ فترة طويلة.
وأضاف عزيز، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن دعوة الرئيس السيسي للرئيس الروسي بوتين لحضور وضع حجر أساس المحطة قريبا جاء لكى يأخذ الافتتاح شكل سياسي واقتصادي وليس اقتصادي فقط، مؤكدا أهمية تلك الدعوة، قائلا "لازم يكون فى نوع من الافتتاح السياسي للمحطة النووية".
وأوضح خبير الطاقة، أن خطوة توقيع العقود المنتظرة ليست متأخرة لأن العقود كانت تناقش بدقة كبيرة والمفاوضات مع الجانب الروسي عقدت بدقة متناهية، لافتا إلى أنه لا علاقة بين قرار عودة السياحة الروسية لمصر وتوقيع عقود محطة الضبعة النووية لأن هذا المشروع مصيري واستراتيجي لا يرتيط بالمطارات والسياحة.
وتوقع عزيز، أن تكون زيارة بوتين لمصر ووضع حجر أساس المحطة خلال شهر من الآن لأن كل الأطراف جاهزة والاختبارات والفحوصات والتحليلات المعملية تجرى على قدم وساق فى أرض الموقع ولم يعد هناك إجراء ناقص سوى التوقيع.
عودة السياحة مرتبط بالمحطة النووية فيما قال باسم حلقة نقيب السياحيين، إن لقاء الرئيس السيسي بالرئيس الروسي بوتين فى قمة "بريكس" كان لقاء هاما فى ظل المفاوضات الخاصة باستئناف الرحلات الروسية لمصر مرة أخرى عقب توقفها فى 2015.
وأضاف "حلقة"، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن تصريحات بوتين بعودة السياحة الروسية لمصر قريبا لا تعنى الموافقة النهائية على ذلك لأنه اشترط عقب ذلك التصريح بقوله "بعد الرجوع للجنة الفنية"، مشيرا إلى أن هذه اللجنة لا تزال لديها خلافات مع سلطات الطيران المصرية حيث إنها رفضت تخصيص صالة مخصصة للسياح الروس ووضع فرد أمن روسي على الأراضى المصرية وهذا مرفوض من الجميع أيضا.
وتوقع نقيب السياحيين، أن يتم الإعلان عن عودة الطيران والسياحة الروسية لمصر خلال زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى مصر لحضور وضع حجر أساس إنشاء محطة الضبعة النووية وأن الرئيس السيسي اتفق مع بوتين على ذلك قائلا "محطة الضبعة مقابل عودة السياحة .. وكلها مصالح".
تصريحات بوتين ليست مشجعة للسياحة السفير جمال بيومي، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، قال إن هناك توازنات ومجاملات فى السياسة الدولية فى بعض القضايا ولكن قضيتي عودة السياحة الروسية لمصر وإنشاء محطة الضبعة النووية لا تربطهما علاقة أو توازنات.
وأضاف بيومي، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن محطة الضبعة ليست مقابل عودة السياحة الروسية لمصر لأن السياحة مرتبطة بأمن الأفراد والأرواح أما المحطة النووية فهى خاصة بالأمن النووي وإنتاج الطاقة، كما أن تصريحات الرئيس الروسي بوتين الأخيرة ليست مشجعة بالشكل الكافي للسياحة أو تشير إلى أنها ستعود قريبا لأنه مازالت هناك شروط أمنية لم تنفذ.
وحول موعد توقيع عقود المحطة النووية بالضبعة، قال بيومي إنه لا يستطيع التنبؤ بهذا الموعد وأن الأمر بيد الحكومة المصرية وهى صاحبة القرار فى هذا الشأن.
زيادة في الديون
فيما اعتبر الخبير الاقتصادي، أحمد العادلي، أن مصر خلال السنوات الأربع الماضية توسعت بشكل كبير في الديون الخارجية، يزيدها القرض الروسي تعقيدا.
وأضاف العادلي لـ"مصر العربية" أن الحكومة تنظر تحت قدميها فقط ولا تنظر لتبعات هذه القروض ولم تعلن خطة للسداد تطمئن بها المصريين.
وكشف البنك المركزي المصري، فى أحدث تقرير له، عن مؤشرات القطاع المصرفي الخاصة بالقروض والودائع ، بجانب مؤشرات الاقتصاد الكلي الخاصة بالدين الخارجي والاستثمارات المباشرة.
وأظهر التقرير ارتفاع إجمالي ديون مصر الخارجية إلي 73.88 مليار دولار بنهاية مارس 2017، مقابل 67.332 مليار دولار بنهاية 2016، بارتفاع قدره 6.5 مليار دولار.
وسجلت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي 41.2% بنهاية مارس مقابل 37.6% بنهاية 2016، وبلغ متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي 759 دولار بنهاية مارس 2017، مقابل 691 دولار بنهاية 2016.