كينيا والنمسا.. الديمقراطية الإفريقية تنافس الأوروبية

احتفالات المعارضة الكينية بإلغاء الانتخابات الرئاسية

في سابقة هي الأولى من نوعها بإفريقيا، والثانية على العالم خلال عام تقريبًا، ألغت المحكمة العليا في كينيا نتائج انتخابات الرئاسة التي أجريت في 8 أغسطس الماضي، وأمرت باقتراع جديد خلال شهرين.

 

وقبل يومين فوجئ أورورو كينياتا الفائز في انتخابات الرئاسة الكينية، بفارق 1.4 مليون صوت عن منافسه بقرار من المحكمة العليا يبطل نتائج الانتخابات التي أعلنتها اللجنة الانتخابية في 11 أغسطس الماضي.

 

ويجعل الحكم، الذي أشار إلى ارتكاب مخالفات، كينيا أول دولة إفريقية تبطل نتيجة انتخابات رئاسية.

 

وبدأت تفاصيل القضية بطعن قدمته المعارضة أمام المحكمة العليا على نتائج الانتخابات، مشيرة إلى أنَّ «العملية بأكملها، بدءًا من التصويت والتسجيل والنقل والتحقق وتأكيد النتائج، كانت عرضة لتزوير في شكل لا يمكن فيه الحديث عن نتائج ذات معنى».

 

الرئيس الكيني السابق أورورو كينياتا

 

وقال محامو المعارضة في المحكمة إنَّ العملية الانتخابية «جرت في شكل سيئ وشابتها مخالفات، بحيث لم يعد مهماً معرفة مَن فاز أو مَن أُعلن فائزاً».

 

وأضافوا أن فرز النتائج شابته أخطاء «مقصودة ومحسوبة» لتضخيم عدد الأصوات الذي ناله كينياتا، وتقليل نتائج خصمه. واتهموا اللجنة الانتخابية بالتأخر في إعلان نتائج بعض مكاتب الاقتراع والدوائر، ما أتاح تلاعباً بالنتائج.

 

وعلى الفور أصدرت المحكمة العليا قرارها بغالبية أربعة قضاة مقابل اثنين من هيئة المحكمة العليا، ولدى تلاوة الحكم، قال القاضي ديفيد مراغًا إن الانتخابات التي جرت في الثامن من أغسطس لم "تلتزم بالدستور".

 

وأضاف أن «إعلان فوز كينياتا باطل ولاغ»، إذ «لم يُنتخب ولم يُعلن رئيساً في طريقة صالحة».

 

وتابع أن لجنة الانتخابات «فشلت أو أهملت أو رفضت تنظيم انتخابات الرئاسة في شكل يتّفق مع ما يمليه الدستور»، متحدثاً عن مخالفات في إصدار النتائج.

 

واحتفلت المعارضة بالحكم الذي وصفته بالتاريخي أمام مقر المحكمة العليا، وكذلك في مقارهم، و زعمت أن الأنظمة الإلكترونية للجنة تعرضت للقرصنة بهدف التلاعب بالنتائج.

 

وعقب صدور الحكم، قال مرشح المعارضة في الانتخابات رايلا أودينغا "إنه يوم تاريخي لشعب كينيا، امتدادا لشعوب قارة أفريقيا".

 

وتسببت النتائج في اندلاع أحداث عنف متفرقة قُتل فيها 24 شخصا.

ورغم أن الرئيس أوهورو كينياتا الذي أعلن فوزه كان رئيسا للبلاد في وقت سابق، ويتمتع بنفوذ واسع بالبلاد أكد  عدم موافقته على الحكم إلا أنه أعلن أنه «يحترمه».

 

أما أحمد ناصر عبدالله، محامي الرئيس، فاعتبر أنَّ القرار «مسيّس جداً»، مؤكداً أن لجنة الانتخابات «لم ترتكب أي مخالفة»، لكنه شدّد على ضرورة احترام القرار.

 

وكان مراقبون دوليون أعلنوا أنهم لم يرصدوا أي مؤشرات إلى تلاعب في التصويت أو عمليات الفرز في مراكز الاقتراع. وأشاروا إلى أنَّ المعارضة لم تجرِ فرزاً موازياً للأصوات ولم تطعن في النتائج، بناءً على بيانات كاملة جمعتها.

 

وأثار الأمر مخاوف من نشوب أعمال عنف خطيرة مثل ما حدث إثر النزاع على نتيجة الانتخابات في عام 2007.

 

وكانت اللجنة أعلنت في 11 أغسطس فوز كينياتا، بنيله 54.27 % من الأصوات، في مقابل 44,74 في المئة لأودينغا الذي سبق أن خسر الانتخابات ثلاث مرات، أعوام 1997 و2007 و2013.

 

ليست الأولى  

لم تكن كينيا هي الأولي خلال العام الماضي ففي النمسا أعلنت المحكمة الدستورية في الأول من يوليو 2016 إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أدت إلى فوز المدافع عن البيئة إلكسندر فاد در بيلين بفارق طفيف على مرشح اليمين المتطرف نوربرت هوفر بسبب مخالفات في فرز عدد من الأصوات.

 

ووقتها حكمت المحكمة العليا بالنمسا بإجراء إعادة للانتخابات الرئاسية بعد استجواب أكثر من 60 شاهدًا أقروا بحدوث مخالفات واسعة النطاق، أثناء فرز الأصوات.

 

وكان هذا القرار هو الأول من نوعه في النمسا وكان يفترض أن يتولى فان دير بيلين الذي فاز ب50,3 بالمئة من الأصوات، مهامه في 8 يوليو 2016، إلا أنَّ رئيس مجلس النواب في البرلمان تولى الأمر بالوكالة لحين عقد انتخابات جديدة.

 

وفي ديسمبر الماضي أجرت النمسا، الجولة الثانية لانتخابات الإعادة الرئاسية إلا أنه ألكسندر فادر فاز بالمنصب مرة أخرى بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية النمساوية في السادس من ديسمبر بفوز زعيم حزب الخضر رئيسا للنمسا.

 

وبحسب بيانات الداخلية فإنّ فان دير بيلين (72 عاماً) حصد 53.8 بالمئة من الأصوات، مقابل 46.2 بالمئة لمنافسه من حزب الحرية اليميني-القومي المتطرف هوبرت هوفر.

 

ورأى مراقبون أن إصدار القضاء حكمًا بإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية وإعلان المرشح الفائز احترامه للحكم.. مؤشر واضح على أنّ كينيا تسير في الاتجاه الصحيح نحو الديمقراطية، وأنّ هناك تغيرًا كبيرًا تشهده الدولة الإفريقية جعلها تتعامل بطريقة مشابهة لذات الطريقة التي تعاملت بها النمسا مع حدث مماثل، معتبرين أنَّ احترام القضاء مؤشر قوي على الالتزام بمبادئ الديمقراطية.

 

 

 

 

 

مقالات متعلقة