الحكومة وقفت تتفرج في أزمة عمال غزل المحلة
أوضاع العمال المادية سيئة جدا..ولا يتلقون التدريب المناسب لسوق العمل
لو كنت في الحكومة لرفضت اتفاقية صندوق النقد الدولي
يجب إصدار فوري لقوانين الحد الأدنى للأجور و الرقابة على الأسواق
الأزمات الاقتصادية و السياسية أهم من انتخابات الرئاسة مليون مرة
التيار الديمقراطي لم يحدد موقفه من المشاركة في الانتخابات الرئاسية أم لا
قال الدكتور أحمد البرعي، وزير القوى العاملة الأسبق، إن تكرار أزمات العمال الفترة الأخيرة يرجع إلى الطفرة التي حلت بأسعار جميع السلع والخدمات ، فأصبحت الأجور لا تجاري الأسعار في مصر .
وأضاف البرعي في حوار لـ" مصر العربية"، أن الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها مصر أهم من انتخابات الرئاسة و من سيصبح الرئيس القادم ، مشيرا إلى أن هذا الحديث دليل على عدم إدركنا لأولوياتنا.
نبدأ من تعليق المساعدات الأمريكية مؤخرا لمصر.. كيف تراها في ظل العلاقات الطيبة بين الرئيس السيسي ودونالد ترامب؟ يُخطىء من يظن أن الصداقة بين رئيس أمريكا وأي دولة أخرى في العالم يكون شفيعا في أي قرار تتخذه أمريكا ؛ لأنها دولة مؤسسات ولا يحكمها الرئيس وحده، وخطأنا الأكبر أننا لانرى كيف يتم تنظيم العلاقات مع الدول الأخرى، فنحن نرتكب على المستوى الدولي أخطاء عدة منها أن ترامب راضي عن مصر وهذا سيشفع لها في المواقف الأمريكية تجاهها.
وهذا أمر خاطىء؛ لأن رسم السياسات الأمريكية ليس بيد ترامب وحده فهناك الكونجرس والبنتاجون، بجانب أنه مهما اختلف الرؤساء الأمريكيين، إلا أن هناك سياسات عامة يسير عليها الجميع أساسها المصالح الأمريكية؛ لذلك لا أصدق أن القرار سببه وجود مشاكل في الديمقراطية وحقوق الانسان بمصر ،ولكن يبدوا أن أمريكا لها مطالب تريد من مصر تنفيذها.
نتطرق لملف العمال، مؤخرا كان هناك اضراب لعمال غزل المحلة.. لماذا تتكرر أزمات العمال الفترة الأخيرة؟ السبب الرئيسي هو الطفرة التي حلت بأسعار جميع السلع والخدمات ، فأصبحت الأجور لا تجاري الأسعار في مصر وهذا أمور معروفة للجميع ، فالإحصاء الرسمي للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء أوضحت أن التضخم في يونيو الماضي وصل لـ33% ، وهذه نسب غير مسبوقة في العالم كله، وبالتالي أصبحت الأجور لا توفر الحد الأدنى من المعيشة.
كما أن هناك غياب لثقافة المفاوضة الجماعية بين العمال وأصحاب الأعمال، فالعالم كله يضع يضع تشريعات لحماية الحد الأدنى للمعيشة للعمال، وما فوق ذلك يخضع لبند المفاوضة، التي يرجع غيابها لعدم وجود 3 أمور النقابات العمالية المستقلة التي تحظى على ثقة العمال، الفكر المستنير لدى أصحاب الأعمال وإيمان الحكومة بالحوار الاجتماعي الذي يجب أن تراعاه وتحفظ مكاسب الطرفين. بالإضافة إلى أن الحركة العمالية في مصر تابعة للدولة منذ 1957 ، فاتحاد عمال مصر يعتبر إدارة من إدارات الدولة، ونحن حاليا ندفع بالعامل المصري للحافة فالمعيشة صعبة ولا أحد يتكلم عنه ،وهناك تعنت ضده كما حدث مع عمال غزل المحلة، وهناك اتجاه عام جديد في القضاء المصري وهو عدم تجريم الإضرابات؛ لأنها غير مخالفة للدستور ولا القانون؛ لذلك يجب أن تتيح الدولة فرصة للحوار الاجتماعي الذي افتقاده يعني المواجهة.
ما مدى مسئولية الحكومة عن أزمات العمال الحالية؟ الحكومة في أزمة عمال غزل المحلة الأخيرة كانت غائبة ووقفت كالمتفرج، فأنا ذهبت وجلست مع العمال وكان مطلبهم الأساسي الحوار لكن أصحاب الأعمال لم يستمعوا لأي شىء ولم يعيروا العمال اهتماما، والأزمة لم تكن لتنتهي إلا بتدخل أعضاء مجلس النواب والضغط على المفاوض باسم أصحاب الأعمال وإقناعه بمطالب العمال المنتظر تحقيقها خلال الفترة الأخيرة.
ولي رسالة في هذا الصدد وهالإصدار الفوري لقانون تحديد الحد الأدنى للأجور وأن يكون الإعفاء الضريبي السنوي متناسب معه، بجانب الرقابة على الأسواقو أن عدم المصداقية قد يُراكم الأمور وخلينا فاكرين إن ثورة 25 يناير كانت مؤشراتها إضرابات عمال المحلة، ففي حكومة عصام شرف كان هناك لعمال النقل العام وكان ليهم 6 مطالب ، فذهبت لهم وكنت وزيرا للقوى العاملة وفي النهاية رغم أننا استجبنا لمطلبين فقط فكوا الإضراب وعادوا للعمل؛ لأننا اهتممنا بهم وفتحنا معهم حوار.
العامل المصري كان أحد كنوز مصر المطلوبة، لماذا أصبح غير مطلوبا بالخارج؟ العامل الأكثر صحة وتعليما وارتياحا هو الأكثر إنتاجا، وفي مصر أوضاع العمال المادية سيئة جدا ولا يستطيعون كفاية مطالب بيوتهم، بجانب عدم تلقيهم للتدريب والتعليم المناسب الذي يتطلبه سوق العمل، وبالتالي قل انتاجهم فأصبحوا غير مطلوبين للعمل بعد أن كنا في الفترة من الخمسينيات إلى الثمانينيات نسبة عمالنا الأعلى في الخارجة.
و الدول الأسيوية فهمت أن القوى البشرية تستطيع جلب عملة صعبة لها فدربتهم، ففي إحدى المرات كنت في الإمارات وكنت أطلع على الصحف فقرأت أن الشارقة ستقيم مدينة صناعية وستستقدم 50 ألف عامل شريطة حصولهم على بعض التدريبات، فاتصلت بوزير القوى العاملة حينها الأستاذ أحمد العماوي، وطلبت منه إرسال مندوب للسفير الإماراتي بالقاهرة ؛ لمعرفة نوعية التدريبات التي يحتاجونها لتدريب عمالنا عليها.
فوجئت ثاني يوم أن دول " بنجلاديش وباكستان والهند" أرسلوا وفود للشارقة ؛ لمعرفة نوعية التدريبات والمواصفات المفترض توافرها في العمال المطلوبين وهذا يبين مدى اهتمام هذه الدول بالعامل البشري؛ لذلك فهي تقدمت وأحدثت تنمية مازلنا نبحث عنها.
مفتاح أزمتنا الحقيقية هي البحث عن العنصر البشري ، فالأنظمة التي تعاقبت على مصر بما فيها الحالي تركز على الماديات وتترك البشر، فالتنمية الحقيقية هي الاستثمار في الافراد؛ لأن الماديات دونهم لا قيمة لها ، وبدونهم لن يكون هناك تنمية ولا نهضة .
أين النقابات من أزمات العمال المتكررة بشكل دائم في مصر ؟
لا توجد نقابات عمالية في مصر قوية والوضع العمالي غير مريح، فالقرارات الاقتصادية التي اتخذت بناء على روشتة صندوق النقد الدولي ، أحدثت أزمة في الدواء والمعيشة بصفة عامة، ضغطت بشكل كبير على العمال والفلاحين، ويبدوا أن الأمر حُسب من الناحية الاقتصادية وافتقد للنظرتين السياسية و الاجتماعية.
الشارع العمالي في مصر يحتاج لتهدئة خطواتها معروفة وهي الإصدار الفوري لقانون تحديد الحد الأدنى للأجور وأن يكون الإعفاء الضريبي السنوي متناسب معه، بجانب الرقابة على الأسواق ، فلايمكن أن يكون التضخم متزايد والموارد قليلة وتترك الأسواق للعرض والطلب.
ولماذا وصلنا لهذا المنحدر؟
اتفاقية صندوق النقد الدولي فلو كنت في الحكومة لرفضتها؛ لأنها ما ذهبت لبلد إلا وأحدثت له مشاكل، كما أن الحكومة اتخذت قرارتها الاقتصادية دون دراسة سياسية واجتماعية مسبقة على آثارها، والدليل على ذلك "البرجلة" التي حدثت في الاسواق والأسعار.
أجمل ماقيل في هذه النقطة تستطيع لقياس مدى نجاح الحكومة أو فشلها كلام الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتيران " الهم الأكبر للدولة هو كيف يستريح المواطن في معيشته".
كيف ترى مطالبات تعديل الدستور إطالة فترة الرئاسة؟
الدستور لم يجف حبره حتى الآن أو يطبق حتى يتم تعديله، ونحن جربنا تعديل الدستور وتغييره أكثر من مرة ماذا حدث، وهناك واقعة خاصة بالدستور عندما كنت أمينا عاما لجبهة الإنقاذ عُقدت جلسة في رئاسة الجمهوريةمع الرئيس الأسبق محمد مرسي؛ للتفاهم حول لجنة وضع الدستور، وكنت ممثلا لرأي" الجبهة " وهو استمرار العمل بدستور 71 مع حذف المادة 76 التي أغضبت المصريين لمدة 5 سنوات ؛ لأن هناك تحديات اقتصادية وسياسية أهم يجب الاهتمام بها.
فرد عليا " مرسي" “ انتوا كده بتلبسونا في الحيط"، قلتله ياريس المواطن المصري لما بيصحى من نومه الصبح بيحط إيده على جيبه يشوف حيأكل أولاده إزاي وليس يبحث عن الدستور؛ لذلك لا يجب افتعال معركة حاليا حوله لا نتحمل عواقبها.
وماذا عن الانتخابات الرئاسية .. لماذا توقفت تحضيراتكم لها؟
احنا رؤيتنا محجوبة؛ لأن الأزمة الاقتصادية والسياسية التي نعيشها أهم مليون مرة من انتخابات الرئاسة ومن سيكون الرئيس القادم، وترديد هذا الكلام دليل على عدم إدراكنا لأولوياتنا، فالأولى بنا هو الاهتمام بالت، ويجب أن يكون الشغل الشاغل لنا ايه البرنامج اللي حيجي ويخلينا نطلع من أزمتنا خلينا نبطل عمل معارك وهمية في الهواء ونسيب معركتنا الرئيسية فأنا الانتخابات المقبلة سانتخب البرنامج الذي أرى انه سيخرجنا من أزماتنا الحالية وليس مرشح
هل يتم تشكيل"جبهة إنقاذ" لتولي ملف الانتخابات الرئاسية في المعارضة؟
نحن كتحالف التيار الديمقراطي سيكون لنا دور في الانتخابات الرئاسية، لكن الأمور متوقفة حاليا، ولم نُحدد بعد ماذا سنفعل.
وبمن ستدفعون لمنافسة الرئيس السيسي؟
لم نحدد موقفنا إذا ما كنا سنشارك أم ، وإذا ما دفعنا بمرشح أو دعمنا أحد، الأمور مجمدة حاليا.