اعتبر خبراء اقتصاديون أن إجراءات الحكومة فى مواجهة ارتفاع الأسعار التى أعلنت عنها وزيرة التخطيط هالة السعيد خاصة رفع أسعار الفائدة على الودائع فى البنوك شكلية وتدمر الاستثمار وتعيق التنمية.
وقالت وزيرة التخطيط إن الحكومة تتخذ إجراءات فورية لمواجهة ارتفاع الأسعار على رأسها امتصاص السيولة من الأسواق برفع سعر الفائدة للسيطرة على التضخم وإتاحة السلع بزيادة المعروض منها، فضلا عن زيادة الدعم النقدى وبرنامج تكافل وكرامة.
وقررت لجنة السياسة النقدية برئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزي، تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع 14.75 % والإقراض 15.75 %، وسعر الائتمان والخصم عند 15.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 15.25% بنهاية شهر مارس.
ويعد التضخم أحد العوامل الرئيسية التي تقرر مستوى أسعار الفائدة، فمعدلات التضخم العالية تزيد من التكلفة على أسعار الفائدة على المدى الطويل، ولهذا فإنه يؤثر عليها ويرفعها.
وكان آخر تعديل أجراه البنك المركزي على معدلات الفائدة تم بالتزامن مع تحرير سعر الصرف يوم الثالث من نوفمبر الماضي؛ إذ رفعها 3% دفعة واحدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، لتصل إلى 14.75% و15.75% على التوالي، ورفع سعر العملة الرئيسية للبنك المركزي، والائتمان والخصم بواقع 3% أيضاً إلى 15.25%.
إجراءات شكلية الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى، قال إن إجراءات الحكومة لمواجهة ارتفاع الأسعار التى أعلنت عنها الدكتورة هالة السعيد وزيرة الاستثمار شكلية ولا تتماشى مع ما يحدث على أرض الواقع.
وأضاف عبده فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن إجراء رفع سعر الفائدة على الودائع فى البنوك لامتصاص السيولة آثاره سلبية على الاقتصاد المصري لأن المستثمرين سيفضلون وضع أموالهم فى البنوك بفائدة أعلى بدلا من تحمل مخاطر استثمارها فى المشروعات واحتمالية الربح أو الخسارة.
وأوضح الخبير الاقتصادى أن رفع سعر الفائدة يجعل المستثمرين يبتعدون عن الاقتراض من البنوك بسبب الفائدة المرتفعة ما يؤدى إلى توقف الاستثمارات التى تؤثر بالسلب على نمو الاقتصاد.
وأشار إلى أن بعثة صندوق النقد الدولى التى تزور مصر حاليا هدفها الأساسى فى المباحثات والمناقشات كيفية السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة من خلال رفع سعر الفائدة مجددا.
وتوقع عبده أن توافق الحكومة على شروط صندوق النقد الدولى الجديدة والتى من المتوقع أن يكون من بينها رفع سعر الفائدة ولكن سيكون ارتفاعا طفيفا قائلا "هيرفع سعر الفائدة أكتر من كده إيه تانى".
ووافق صندوق النقد الدولي على منح الحكومة قرضاً بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات، في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح ومواصلة خفض الدعم للسيطرة على عجز الموازنة المتفاقم.
وبدأت بعثة من الصندوق زيارة لمصر ، للاطلاع على تطورات برنامج الإصلاح قبل صرف الشريحة الثانية من القرض بقيمة 1.25 مليار دولار.
وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي، في تصريحات مؤخراً، إنه يتوجب على مصر العمل على مزيد من الإجراءات لمعالجة مشكلة التضخم.
وأوضحت لاجارد أن الإصلاحات الأخرى يجب أن تستمر، ولكن يجب أن يكون هناك تركيز خاص على التضخم، وأعتقد أن محافظ البنك المركزي ووزير المالية في مصر على حد سواء يدركان ضرورة معالجة مخاطر التضخم التي تؤثر على السكان.
كارثة حقيقية الخبير الاقتصادي، محمد رضا، قال إن استمرار رفع أسعار الفائدة مسمار جديد في نعش الاقتصاد المصري وكارثة حقيقية، مؤكدا أن رفع الفائدة يؤدى لزيادة تكلفة الدين العام وعجز الموازنة، وارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة الأسعار على المستهلك النهائي.
وأضاف رضا، فى تصريحات لـ"مصر العربية" أن هذا اﻹجراء يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية لارتفاع تكلفة الاستثمار، وسحب السيولة من الأسواق والبورصة المصرية والاستثمارات الأخرى وتجميعها وركودها في القطاع المصرفي دون استثمارها، والتأثير السلبي على أداء البورصة المصرية، وإحجام البنوك عن تمويل المشروعات الاستثمارية وتوجهها لإقراض الحكومة في أدوات الدين ذات الفائدة المرتفعة لتتفاقم معدلات الدين المحلي وتكلفة الدين لمستويات كارثية وغير مسبوقة".
وأشار إلى أن الاقتصاد المصري في وضع صعب، وأثار رفع أسعار الفائدة سيؤدي إلي زيادة مشاكل الاقتصاد بالاتجاه نحو سياسة انكماشية واضحة في الوقت الذي تنتهج فيه الحكومة سياسة توسعية تقوم على أساس زيادة الانفاق الاستثمارى وجذب الاستثمارات لرفع معدلات النمو الإقتصادى.
وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تراجع معـدل التضخم السنـوى فى أسعار السلع الاستهلاكية خلال شهر مارس إلى 32.5%، بعدما سجل التضخم السنوى فى شهر فبراير الماضى 33.1%.
وأرجع جهاز الإحصاءأسباب ارتفاع معدل التضخم إلى الارتفاع فى أسعار مجموعة الخضروات بنسبة (7.1%)، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة (3.4%)، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (10.6%)، علاوة على ارتفاع أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة (7.2%)، ومجموعة الدخان بنسبة (7.3%)، ومجموعة رحلات العمرة بنسبة(7.7%).
امتصاص السيولة وقال خالد الشافعى الخبير الاقتصادى، إن رفع سعر الفائدة جاء بسبب معدل التضخم المتزايد نتيجة قلة المعروض من السلع وزيادة الطلب عليها، وبالتالى كان لابد من رفع سعر الفائدة لامتصاص السيولة من اﻷسواق ولتقليل حجم الاستهلاك وزيادة المدخرات.
وأضاف الشافعى فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الاستثمار لن يتأثر بسعر الفائدة، لأن هذا الإجراء استثنائى اتخذته الحكومة فى الوقت الحالى لمواجهة التضخم وسيكون لفترة محدودة حتى تتم السيطرة عليه وليس له تأثير على المدى البعيد.
وأشار الشافعى إلى أن المستثمر الجاد لا ينظر إلى سعر الفائدة وإنما يبدأ بتنفيذ مشروعاته على أرض الواقع، لافتا إلى أننا نحتاج إلى مزيد من المشروعات الإنتاجية والخدمية فى الفترة المقبلة.
التضخم السبب وقال الدكتور أشرف العربى عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، إن ارتفاع نسبة الفائدة يأتى بسبب تأثرها بالتضخم وانخفاض معدلات الإنتاج المحلى فى ظل إجراء الحكومة عدد من القرارات الاقتصادية الصعبة.
وأضاف العربى، فى تصريحات صحفية، أن ارتفاع نسبة الفائدة البنكية لقرابة 20% فى بعض البنوك مرتفعة جدًا لأى مشروع استثمارى، مشيرا إلى أنه لو هناك مستثمر خارجى يريد دخول السوق المحلى سيكون أفضل له الاعتماد على رأس ماله الخاص.
وتطرح بعض البنوك الحكومية شهادات إدخار لمدة 18 شهرًا بعائد 20% سنويًا تصرف كل ثلاثة شهور، إلى جانب طرح شهادات أخرى لمدة ثلاث سنوات بعائد 16% يصرف عائدها كل شهر.
وبحسب آخر تقرير صدر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،فقد ارتفعت نسبة الفقراء إلى 27.8% خلال عام 2015 مقابل 25.2% عام 2010- 2011، وذلك وفقا لبحث الدخل والإنفاق، ومن المتوقع أن تكون هذه النسبة قد ارتفعت بشكل ملحوظ خلال هذا العام، بحسب الخبراء.
وقال "الإحصاء" إن نسبة الفقر المدقع ارتفعت لتصل إلى 5.3% من السكان خلال عام 2015، مرجعا ذلك لارتفاع أسعار السلع الغذائية، حيث بين أن 322 جنيهاً هو متوسط قيمة خط الفقر المدقع للفرد في الشهر عام 2015، في حين أن 482 جنيهاً هو قيمة خط الفقر الكلى للفرد في الشهر.
وانهار الجنيه المصري بعد التعويم مسجلا الأداء الأسوأ خلال العام 2016 بين عملات العالم، وذلك بحسب تقرير صدر عن بلومبرج، حيث انخفض بنسبة 102% خلال 2016، ليكون العملة الوحيدة في العالم التي خسرت أكثر من نصف قيمتها في 2016، فيما ظلت الأجور كما هي خلال هذا العام، الأمر الذي هبط بالقوة الشرائية للمواطنين لأكثر من النصف، ودفع بالكثير من الطبقة الوسطى إلى الفقر.