هاشم إسلام: مشايخ الانقلاب أشد إجرامًا من قادته

هاشم إسلام.. اسم ارتبط في الأذهان بمجموعة من الفتاوى التي صنفها البعض على أنها سياسية بامتياز، في حين يراها هو من صميم عمله كأزهري له حق ممارسة الإفتاء.. فمن فتوى إهدار دم المتظاهرين إلى فتوى بطلان محاكمة الرئيس محمد مرسي.

"الإعلام هو من حرَّف فتاواي عن مضمونها" هكذا يؤكد إسلام، مشيرًا إلى أن الفتوى الأبرز وهي ما سميت إعلاميًا بـ "إهدار دم المتظاهرين" لم تكن سوى التأكيد على حق الدفاع الشرعي عن النفس ردًا على بعض التهديدات التي انطلقت تتحدث عن قتل وحرق من بعض المجموعات.

 

تبرأ منه الأزهر، وأكد أن فتاواه لا تمت للمؤسسة الأزهرية بصلة، خاصة بعد فتوى بطلان المحاكمة، لافتًا إلى أنه يصدر فتاواه لخدمة فصيل معين، ويرد هو مشددًا: "أنا أزهري حتى النخاع.. ومعلوم أنني لم ولن أنتمي للإخوان مطلقا"، مؤكدا أنه عمل بالفتوى رسميًا بعد اجتيازه دورات خاصة بالممارسة الإفتائية وبدأ "بالتوقيع على الفتاوي كعضو أساسي في اللجنة منذ أواخر التسعينيات"، مؤكدا: "لدي أوراق بكل هذه الفتاوى وكانت هناك تسجيلات صحفية في لجنة الفتوى..".

 

وعن خلافه مع الأزهر قال: "موقف الأزهر مني موقف سياسي بامتياز بدأ في التبلور بعد ثورة  يناير لموقفي الداعم للثورة والثوار.."، مشيرًا إلى أنه الآن "عضو في لجنة الفتوى بحكم القانون".

 

الحوار مع هاشم إسلام، إذًا حوار كاشف عن حالة الخلاف داخل البيت الأزهري، وكذلك عن طبيعة الخطاب الإفتائي وآفاقه التي ينبغي أن يتحرك فيها طبقًا لفصيل من المدرسة الأزهرية التي يبدو أنها ليست على نسق واحد كما يعتقد البعض.

 

** في البداية نود من الشيخ هاشم إسلام أن يعرِّف نفسه للقراء؟

 

** أنا أزهري حتى النخاع فقد تخرجت في كلية تربية الأزهر قسم اللغة الفرنسية عام 86، ثم التحقت بعدها مباشرة بكلية أصول الدين وحصلت على الليسانس عام 92، وتدربت في الفتوى بالإضافة إلى عملي كمدرس للغة الفرنسية بالمعاهد الأزهرية لمدة 4 سنوات.

 

وانتقلت للوعظ والإرشاد بالأزهر الشريف وجزء من عمل الوعظ والإرشاد كان العمل بلجنة الفتوى، وأخذت دورتين في الفتوى فترة طويلة تدربت على الفتوى وبدأت بعد ذلك أن أعمل في اللجان الفرعية، عملت باللجنة الرئيسية بالإسكندرية وهي اللجنة الكبرى بالقاهرة، ثم لجنة الفتوى بالأزهر وبدأت بالإمضاء على الفتاوي كعضو أساسي في اللجنة، ولدي أوراق بكل هذه الفتاوى وكانت هناك تسجيلات صحفية في لجنة الفتوى.

 

إهدار دم المتظاهرين

 

** أنت من أصحاب الفتاوى السياسية التي أثارت جدلاً واسعًا ومنها فتوى إهدار دم المتظاهرين؟

 

 ** للأسف فإن الإعلام هو من أسماها ظلمًا بفتوى "إهدار دم المتظاهرين" التي كانت بخصوص الإعداد لمظاهرات يوم 24 أغسطس، والتي كان منظموها يهددون بأنهم سيحرقون ويقتلون، فأصدرت الفتوى التي كانت بغيتي منها التاكيد على حق الدفاع الشرعي عن النفس، ولكن للأسف فسرت هذه الفتوى بتفسيرات أخرى وأنها لصالح جماعة أو حزب معين.. وهذا عمل الإعلام الذي كان يريد إيجاد مبررات وخلق مناخ انقلابي.

 

** وهذا ما أكد عند البعض داخل الأزهر نفسه وليس من الإعلام فقط بأنك كادر إخواني تصدر فتاوى تناصرهم بالحق والباطل؟

 

** أنا لا أنتمي لأي حزب أو جماعة بل انتمائي إلى الله عز وجل ثم للأزهر الشريف.. لكن المؤسسة الأزهرية لا تريد وجود أي صوت حر؛ لأنهم يربون الناس على الديكتاتورية والظلم والقهر.. حتى يكون المناخ العام مهيئًا لممارستهم لهذه الديكتاتورية.

 

ومن المؤسف أن أقول لك إن المؤسسة الأزهرية تعاني من ديكتاتورية واستبداد خاصة في الوقت الحالي.. حيث يوجد على رأس هذه المؤسسة الدينية الإسلامية شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.. ومعلوم أنه كان عضوًا بلجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي في ظل نظام مبارك، ثم ترقى إلى أن أصبح عضوًا بالمكتب السياسي للحزب مما يعني أنه كان من ضمن أكبر معاوني مبارك في حكم مصر.

 

حقيقة التأديب

 

** ما الحقيقة في إحالتك إلى التأديب وعقوبتك؟

 

** بعد الفتوى التي أسماها الإعلام بفتوى "إهدار دماء المتظاهرين" قامت الدنيا وتعالت الأصوات التي تقول إنني لست عضوًا بلجنة الفتوى، وقدمت كثير من الشكاوى ضدي، وتحولت للمحكمة التأديبية.

 

لكن المفاجأة أن المحكمة أقرت بأنني عضو بلجنة الفتوى بالأزهر، غاية الأمر أنني كنت على كادر كبير باحثين بدرجة مدير عام، فقامت المحكمة بخفض الدرجة إلى الدرجة الأولى بحجة أنني تطاولت على أحد قيادات الأزهر في أحد اللقاءات الفضائية رغم إنني عرضت لآرائي بالأدلة الشرعية.

 

وفوجئت بعد ذلك بشيخ الأزهر يمنعني من مزاولة عملي بلجنة الفتوى بقوة الأمن، وقمت برفع دعوة قضائية ضده، وأنا الآن عضو لجنة فتوى بقوة القانون وأحاول استرداد كافة حقوقي المسلوبة ظلما بالقانون.

 

وأنا أؤكد أن موقف الأزهر مني هو موقف سياسي في المقام الأول، وقد ظهر جليًا وبقوة بعد مناصرتي لثورة 25 يناير.

 

** تحدثت في كثير من المواقف عن أن شيخ الأزهر جزء من النظام الحالي.. فعلى أي شيء بنيت هذا التصور؟

 

**  يؤسفني القول بأن شيخ الأزهر تحالف مع تواضروس ومع العلمانيين والليبراليين من أجل إسقاط حاكم مسلم وشرعي ومنتخب، وأنا أسأله سؤالاً: ألم يقل الله تبارك وتعالى "وأمرهم شورى بينهم"، ألم يقل الله "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"؟ أليست الأمة الآن عقدها يتمثل في الحكام المختارين فيما يسمى عقد الصناديق الانتخابية؟

 

** لكن هناك بعض العلماء وعلى رأسهم الدكتور علي جمعة دعوا الناس إلى طاعة "الحاكم المتغلب" لأن هذا واجب شرعًا حسب تعبيرهم؟

 

** هناك فرق بين الحاكم الشرعي والحاكم المتغلب، فمثلا الحاكم المتغلب يجوز الخروج عليه والتظاهر ضده، بينما الحاكم الذي أتى عبر الإرادة وله شرعية لا يجوز الخروج عليه بل يجب أن نقوم اعوجاجه بالوسائل المشروعة.

 

ولكن ما حدث بالفعل يوم 3 يوليو هو مؤامرة حيث حشد بابا النصارى كثيرًا من أتباعه وكثير من رجال الأمن ارتدوا الملابس المدنية ومعهم العلمانيون والليبراليون وتساندهم القوى الأمنية وترفع لهم الأعلام وتخرج البيانات حتى حدث الانقلاب، وهذا ما لا تقبله الأمة ويجب أن تكون هناك آلية لكي تعزل الأمة حاكمها.

 

وأنا أؤكد.. الأمة وليس وزير دفاع، حتى لا تحكمنا شريعة الغدر والبقاء للأقوى وهذا لا يجوز، ولكننا الآن للأسف لدينا شيوخ "بالدراع"، وعسكر بـ "الدراع" وأمن بـ "الدراع" وكنيسة بـ "الدراع"، وبالتالي كل هؤلاء يمثلون ويشكلون انقلابا بالدراع، وهذا ما لا يجيزه الإسلام أبداً فهناك آليات مشروعة، وهناك احترام لاختيار الشعب الذي يجب ان يحمي اختياره ويحاسب ويراقب.

 

انقلاب ضد الإسلام

 

** يقوم البعض بتوصيف ما حدث بأنه انقلاب على الإسلام ورفض بقاء الإسلاميين في الحكم حتى لو كانوا اختيار الشعب.. فهل توافقون على هذا التوصيف ؟

 

** أقولها بأعلى صوت كشهادة حق لله: ما حدث هو انقلاب شرس على الإسلام وأصول الإسلام وثوابت الإسلام وما يطلق عليه الاخونة هو ستار لضرب الإسلام، ولذلك عندما يقف ممثل الكنيسة ويقول: نرفض أي تفسير للشريعة والمادة الثانية ويريدون محو المادة 219، ما دخل ممثل الكنيسة في هذا الكلام، كما أن المسيحيين يريدون الكوتة، أتدري ما معنى أن يأخذوا كوتة الآن في هذا الدستور الباطل؟، معناه أنه تمهيد لدولة مسيحية بل إنه تمهيد لتفتيت مصر.

 

** إذن ماذا تقول للمسيحيين حتى يطمئنوا على حاضرهم ومستقبلهم في دولة غالبيتها العظمى من المسلمين؟

 

** أقول لإخواننا الأقباط عشنا على مدار 14 قرناً على أفضل ما يكون وعلى أفضل ما تكون حقوق المواطنة الإسلامية الكاملة لكم، ونحن نحفظ لكم العهد ونحن نعلم أنه اذا كان هناك بعض المتشددين ممن ينتسبون الى الإسلام فليس الكل على هذا بل إننا نرفضهم، ولكني أقول لكم إن هؤلاء المتشددين قد يجرونكم إلى ما لا يحمد عقباه.

 

مشايخ الانقلاب

 

** تؤكدون أن الإسلام يرفض ما حدث لكن هناك علماء يؤيدون ما حدث ويرونه عين الإسلام.. فماذا تقول عنهم؟

 

** يؤسفني القول بأن علماء السلاطين ومشايخ الانقلاب هم أشد إجراماً من قادة الانقلاب أنفسهم، بل إنهم قتلة لأنهم الذين يبررون القتل عندما يخرج أحدهم ويقول أقتلوهم طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، أليس هذا قاتلاً؟!!

 

أنا أؤكد أنه ومن على شاكلته يجب محاكمتهم في محكمة الجنايات الدولية، فضلاً عن أنه سيتعرض للمحاكمة الشعبية إن شاء الله عندما تعود الشرعية، ولابد من تقديم هؤلاء للمحاكمة الشعبية لأننا لدينا شيء اسمه "القتل بالتسبب" وهذا قتل بالتسبب وتحريض على القتل.

 

** لكن من تسميهم "مشايخ الانقلاب" علماء لهم وزنهم في العالم الإسلامي ومعهم أدلة شرعية مما أصاب الرأي العام بالحيرة لأن كلا الفريقين يتحدث باسم الإسلام.. فما الحل؟

 

** أدعوهم إلى مناظرة علنية أمام الرأي العام وفي الفضائيات وليعرض كل منا حجته الشرعية ونترك الحكم للشعب ليقتنع بالأقوى أدلة شرعية، وأنا وكثير من العلماء مستعدون لهذه المناظرة اليوم قبل الغد.. وأتحداهم أن يقبلوا ويظهروا لنا أدلتهم الشرعية.

 

حزب النور

 

** حزب النور فصيل إسلامي يرفع الشريعة عنوانًا وقد جاء موقفه السياسي على الأقل مغايرًا لموقف الإخوان.. كيف ترى ذلك؟

 

** حزب النور حزب خائن وعميل، وقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين، وهذا الحزب معروف أنه رُبي من الدول التي ساندت الانقلاب، ولذلك فهو يسير على الخطى ويرى ما يريدون، ولهذا فإنه أعطى ولاءه لغير الله ووضع يده في يد الخارجين على الشرعية من المسيحيين والعلمانيين لأجل إسقاط حاكم مسلم، وقد سقطوا الآن من نظر الجميع.

 

 

 

 

 

مقالات متعلقة