طلاب الأردن يتخلون عن «ثقافة العيب» ويعملون في مهن مؤقتة

ما عاد محمد العمري ابن العشرين عامًا يحرج من العمل هو وزملاء له في الجامعة في أحد مطاعم الوجبات السريعة القريبة من الكلية بعد انتهاء محاضراته، بخاصة أنه لقاء هذا العمل يتمكن من تسديد أقساطه الجامعية والإنفاق على نفسه.

ويقول العمري الذي يدرس في الجامعة الأردنية في عمان أن دخل عائلته متواضع، ولا يمكن والده دفع أقساط دراسته، بعيداً عن الاقتراض من البنوك، لا سيما أنّ له ثلاثة أشقاء آخرين يدرسون في مدارس خاصة، ويحتاجون الى أقساط مدرسية شهرية.

ويقول الشاب أن والده لم يجبره على العمل، بل إن الفكرة راودته من تلقاء نفسه شعوراً منه بمعاناة أهله لتعليم أبنائهم وتأمين حياة مقبولة لهم. فالوالد موظف في شركة دواء في عمان ينفق راتبه على احتياجات الأسرة، فيما الوالدة تعمل مساعدة طبيب في إحدى العيادات المشهورة وتتكفل بدفع أجرة المنزل.

ويتجلى أحد تحديات البطالة في الأردن بـ «ثقافة العيب» التي تجعل الشاب يحجم عن العمل في قطاعات كثيرة كانت تعتبرها الثقافة الشعبية عيباً مثل العمل في المطاعم والإنشاءات وغيرها الكثير، بالإضافة الى ضعف العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل، والعوامل الديموغرافية، واتجاهات الطلب على الأيدي العاملة، وسياسات التشغيل في القطاع العام، وعدم كفاءة برامج دعم التشغيل، وتدني مستويات التدريب. والى ذلك، فإن سوء قطاع النقل العام يؤثر كثيراً في بقاء الأشخاص ضمن دائرة حركة محدودة حيث لا يمكن للشخص البقاء في مكان سكنه وإيجاد فرصة عمل في محافظة أخرى ما يزيد البطالة في المحافظات، ويعيق تنميتها بخاصة أن محافظة العاصمة تحظى بالقدر الأكبر من الفرص.

واصف الأحمد، زميل العمري في الجامعة والعمل، أكد أن ظروف العمل شاقة في مطاعم الوجبات السريعة حيث الإقبال كثيف لأن الزبائن من الشباب والطلاب تحديداً، ومردودها قليل، إلا أنها تشعره بالسعادة والأمان في توفير دخل يمكنه من دفع أقساط الجامعة.

وحول ما إذا كان يخجل من أن يراه زملاؤه أو زميلاته وهو يعمل في المطعم، أكد أن العمل «ليس عيباً»، بخاصة أنه عمل يحترم موظفيه من حيث ساعات العمل والرواتب والاشتراك في الضمان الاجتماعي. وأشار الى أنه منذ أن وطأت قدماه الجامعة وهو يعمل مع زملاء جمعتهم به الصدفه في هذا المطعم، ولم يسبب له ذلك أي إحراج بل على العكس فهو لا يسمع من رفاقه إلا كلمات تقدير والإعجاب من الأصدقاء خصوصاً الراغبين في القيام بهذا العمل ولا يستطيعون لأسباب مختلفة.

ويضيف أنه وثمانية زملاء يقطنون في منطقة واحدة تقريباً يوزعون ساعات العمل في ما بينهم كل يوم، بحيث يغطون الحاجة في شكل كامل كما وينسقون تغطية أي نقص نتيجة ظرف أو دواعي غياب معينة من دون أن يشعر صاحب العمل أو يرتبك العمل.

أحمد سرحان وهو أحد الطلبة العاملين يقول انه استغل خبرته في قيادة الدراجات النارية، للعمل في توصيل الطلبات الخارجية، فيما يعمل في الصالة أيضاً إذا تغيب أحد زملائه لظرف طارئ.

ويقول سرحان أنه يختار ساعات الدوام في المطعم بعد نهاية المحاضرات التي يسعى إلى أن يختارها متعاقبة في كل فصل لا تفصلها استراحات طويلة حتى يتبقى له ساعات للعمل.

ووفق ما يقول الخبير الاقتصادي زيان زوانة بأنه لا بد من التغلب على الهاجس الرئيسي للشباب في البحث عن عمل، ليتسنى لهم التفكير في أحلامهم وطموحاتهم، وإلا زادت احتمالات تعرضهم للخطر بجميع أشكاله من مخدرات، وعنف، وجريمة.

ويشير زوانة الى وجود أكثر من 40 مهنة تحتلها العمالة الوافدة ولا وجود لأي عمالة محلية فيها، الأمر الذي يعكس عزوف الشباب عن العمل المهني بصفة عامة، علماً بأن عوائده المادية جيدة نسبياً، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة ربط المجتمع التعليمي بالمجتمع المهني لتلبية حاجة السوق، وتعزيز المشاريع التشغيلية الذاتية والجماعية للمساهمة في الحد من مشكلتي الفقر والبطالة بوجه عام.

وقدرت منظمة العمل الدولية ارتفاع معدل البطالة في الأردن إلى 30 في المئة مع نهاية العام الماضي نسبة إلى عدد السكان، فيما أكدت مصادر وزارة العمل أن هذه النسبة تشمل فئة الشباب من الداخلين الجدد إلى سوق العمل، بينما تبلغ نسبة البطالة الفعلية لجميع الفئات نحو 11.8 في المئة فقط.

وأشارت المنظمة في تقرير الى أن معدل البطالة في الأردن «يزيد على معدل البطالة في الشرق الأوسط البالغ 27 في المئة تقريباً».

 

نقلا عن الحياة

مقالات متعلقة