باسم يوسف.. عودة ناعمة بعد الانقلاب

باسم يوسف

"مرحبا بكم في برنامج البرنامج!"، كل أسبوع يتوجه المصريون لسماع هذا الشعار الذي يستهل به الناقد السياسي التلفزيوني باسم يوسف برنامجه الساخر جالدًا سياسييهم بقسوة واضحة. بعضهم أحب نكاته اللاذعة، بعضهم كرهه وأغضبه نقده الإسلاميين، لكن أحدًا لم يستطع تجاهله. وطوال الأشهر الأربعة الماضية، افتقده محبوه بعد أن انقطع عن برنامجه في أعقاب الاضطرابات السياسية التي أحاطت بالبلاد إثر الإنقلاب العسكري.

 

الآن، يعود الرجل الذي يعرف بجون ستيوارت مصر، إلى برنامجه الأسبوعي في بلاد لم تعد كما كانت قبل أربعة أشهر.

 

بعدما بثت آخر حلقة من برنامجه كان في السلطة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، هدف باسم يوسف المفضل. لقد سخر منه ومن أنصاره الإسلاميين دون رحمة أسبوعًا إثر آخر لمزجهم الدين في السياسة ولإفسادهم الحكم في البلاد. وبعد الحلقة الأخيرة، إندلعت التظاهرات الكاسحة ضد مرسي ممهدة السبيل للجيش لعزله.

 

ومنذ ذلك الحين تعمقت الخلافات والشقاقات واستعرت الأحقاد. المئات قتلوا أثناء سحق الاعتصامات المطالبة بعودة مرسي إلى سدة الحكم.

 

وتصاعدت الهجمات ضد الإسلاميين. وطغت على البلاد حمى الوطنية ودعم الجيش ما ترك القليل من مساحة التسامح بين الجمهور أو المسؤولين إزاء نقد القيادة الجديدة، مع قائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي الذي يحتفى به كبطل.

 

والسؤال الذي طرح نفسه قبل بث أول حلقات "البرنامج" أمس بعد هذه الفترة من التوقف: هل سيقدم باسم يوسف على السخرية من القيادة التي تدعمها الجيش وأنصارها بذات الحدة التي كان يطلقها ضد مرسي والإسلاميين؟

 

وبعدما انتهت الحلقة، وضح الفارق بين الفترتين، حيث غلب الحذر على انتقاداته للقيادة الجديدة، مقارنة بما كان يفعل مع نظام مرسي، حسبما أفادت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر اليوم.

 

وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه بالرغم من أنه لم يتخلَ عن لغته الساخرة وانتقد بعض الشيء الحكومة الجديدة "لكن هذه الانتقادات صيغت وعرضت بعناية وحرص بالغين".

ويبدو أن لكل فترة ظروفها، فبعد الانقلاب على الإسلاميين وإزاحتهم من السلطة، لم يعد بالقنوات التلفزيونية العامة أو الخاصة أصواتًا معارضة، ولا تنطق وسائل الإعلام إلا بالتهليل للحكومة الجديدة المدعومة من الجيش والتركيز على نزعة القومية.

 

وبالرغم من أن جمهوره كان ينتظر عودة البرنامج كصوت مستقل، سيكون هذا البرنامج بمثابة اختبار بمساحة الحرية التي سيمنحها النظام الجديد للإعلام.

 

ومنذ الإطاحة بمرسي، زادت القيود بشكل غير مسبوق على وسائل الإعلام، وقتلت السلطات المئات، واعتقلت الآلاف من أنصار التحالف الوطني لدعم الشرعية، في الوقت الذي يتعرض فيه الصحفيون المصريون والأجانب للمضايقات والاعتقالات، بحسب نيويورك تايمز.

 

وفي هذا المناخ آثر باسم يوسف أن يتبنى طريقًا سياسيًا ثالثًا بين الولاء للجيش وبين الولاء للأحزاب الإسلامية، ولم يدخل في مواجهة مع القادة الجدد، بحسب نيويورك تايمز.

 

ولم يتحدث بالتفصيل عن أبشع الأخبار التي شهدتها مصر بعد الانقلاب، والمتمثلة في عمليات القتل الجماعي لأنصار مرسي، وإن كان قد أبدى رفضه للعنف سواء من الدولة أو ضدها.

 

وفي حين سخر من الرئيس المؤقت عدلي منصور وهيئته وأداءه، لم يتطرق إلى شخص السيسي الذي ينظر إليه مؤيدو الانقلاب باعتباره الزعيم الفعلي للبلاد، واتسمت تعليقاته بالتسلية أكثر منها انتقاد مباشر له، مثلما كان يفعل مع مرسي.

مقالات متعلقة