رئيس التحرير: عادل صبري 05:21 مساءً | السبت 26 أبريل 2025 م | 27 شوال 1446 هـ | الـقـاهـره °

حمزة محسن يكتب: ساندوتشات المؤسسية !

حمزة محسن يكتب: ساندوتشات المؤسسية !

ساحة الحرية

قيادات جماعة الإخوان المسلمين

ضمن سلسلة سوف أحكي عن تجربتي (7/20)

حمزة محسن يكتب: ساندوتشات المؤسسية !

حمزة محسن 12 مايو 2017 16:13

 

منذ أن بدأت أتساءل.. وأنا أتساءل!.. أتحدث مع مَن يهمه الأمر وأدعوه للتساؤل.. أرى نفسي منبرًا إعلاميًا يواجه تعتيم "الإخوة الكبار" وسعيهم لقيادة "قطيع".. أجتهد في الحصول على مقالات الرأى.. بيانات أطراف الأزمة وأمررها لأكبر عدد ممكن.. لم أكن أرى نفسي غير محرك لحجر في ماء راكد؛ فيما "ركَّبني" معظمهم صاروخ "الفتنة نائمة لعن الله مَن أيقظها".. بلا تذكرة!.. لا بأس.. أن أركَب خير من أن أُركب..

 

كنت أمقت سلبية أولئك القاعدين الذين يدَّعون الحكمة أو الذين يرون أن على السجين واجبات ليس من بينها الاهتمام بما آلت إليه الأمور في الخارج؛ "دع عنك التفكير في أمور أقام الله لها من يفكر فيها وتأكد أن هناك في مكان ما من يفكر في تلك الأمور ويبحثها.. ثق في ذلك؛ علينا أن نهتم بالقرآن وبتحصيل العلوم الشرعية وأن....."، كنت أتساءل لماذا لا أدين بدينهم؛ ذلك الدين الغريب الذي يصدعون فيه ب"من لم يهتم بأمر المسلمين..." فقط إذا وافقت هوى الجماعة!.. ذلك الدين الذي يزأرون فيه "إذا لم تقل الأمة للظالم يا ظالم؛ فقد تودع منها".. ولكن فقط إذا وافق هوى الجماعة!.. ذلك الدين الذي يسعى ليقيم اعوجاج العالم بأسره ويغفل عمدّا كوارث تنظيمه!!؛ فذاك الدين هو حتمًا هوى أولئك الأفراد في الجماعة!..

 

بين كلا الفريقين من أطراف الأزمة كان سجال؛ بيان هنا وآخر هناك.. متحدث إعلامي؛ رسمي عند فريق وموقوف عند آخر.. مبادرات هنا وهناك.. محاولات لرأب صدع.. من بينها كانت مبادرة عالِم جليل؛ تحكيم بين الفريقين؛ وبصرف النظر عما يستنكر منه البعض؛ في صحة تحكيم "فرد" بين فريقين ضمن "مؤسسة"، وبغض الطرف عن ملابسات ذلك التحقيق الذي طعن في موضوعيته وحياده آخرون؛ فإن بعضًا من كلامه قد استوقفني...

 

هل تحولت الجماعة إلي جماعة "فقيه"؛ يخط فيها "المرشد" الفرد استراتيجية عملها.. بتلك البساطة غدونا!

 

يتحدث الأستاذ "محمد أحمد الراشد" المفكر الإسلامى المخضرم في تحكيمه المنشور في ٢٥/٢/٢٠١٦ فيقول: "... ﻭﺣﻮﻝ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻋﺰﺕ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﺎﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﺮﺷﺪ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺠﻮﻥ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺷﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ"!!..

 

كنت أتساءل!!.. وبعيدًا تمامًا عن صواب "السلمية" من عدمه.. هل تحولت الجماعة إلي جماعة "فقيه"؛ يخط فيها "المرشد" الفرد استراتيجية عملها.. بتلك البساطة غدونا!!..

 

تعجَّبت أكثر عندما قرأت: "...ﺃﻣﺎ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ، ﻓﻬﻮ ﻗﻮﻝ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﻧﻮﺍﻳﺎﻫﻢ ﺣﺴﻨﺔ ﺣﺮﻳﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺭأﺏ ﺍﻟﺼﺪﻉ، ﻟﻜﻨﻲ ﺃﻟﺤﻆ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻠﺤﻈﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺍﻟﺸﺪﺓ، ﻭﻗﺪ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺣﻤﻠﺔ ﺍﻋﺘﻘﺎﻻﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ الاتصالات ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻟﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ، ﻓﻮﻕ ﺃﻥ ﺇﺷﺮﺍﻙ ﻋﺸﺮﺍﺕ الألوف ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩة ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻦ : ﺍﻷﻗﺪﻡ ﻭﺍﻷﻭﻋﻲ ﻭﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ"!!..

 

إذن من وجهة نظر الرجل أن على عجلة الزمان أن تتوقف لغياب بعض "القادة" عن المشهد!!..

 

إذن ماذا عن "ساندوتشات" المؤسسية التي كنتم تضعون لنا عليها "سلاطات" التوريث والترديف وتدعوننا لتناولها في "محاضنكم".. ألا تثقون في تلامذتكم؟!!..أم أنكم احتكرتم "المطعم"!!؛ فلا يطعم الجائع إلا من أيديكم المتوضئة!!!..

 

وبالعودة إلى أولئك "القادة".. "الأقدم والأوعى والأكثر تجربة...".. كانت لي مع بعضهم في محبسي مواقف....

 

فمع أحد الذين كان يشار إليهم بالبنان كان لقائي.. عضو سابق بالمكتب الإداري للإخوان في محافظته.. كان الرجل يرد على أطروحة أحدهم التي تدعو للفصل التام بين العمل الدعوي والحزبي؛ لما فيه من تخصصية وخير لكلا المجالين -تلك الأطروحة القديمة جدًا- .. عارض القيادى الكبير الأمر بشدة معللًا بأنه: "تجريد ل"الداعية" من أدواته"!!؛ مردفًا: "مثلًا حين تقدمني الجماعة للترشح بمجلس النواب؛ فإن الناس لا تنتخبني إلا لأنها تعلم "الشيخ فلان" الذي يعظهم على المنبر، والمشهور بالتقوى والصلاح والذي سيحقق لهم مصالحهم...".. كان كلام الرجل واضحًا أيما وضوح، وحين رد عليه أحد الشباب بلطف: ".. وهذا ما يعيبه علينا الآخرون؛ أننا نتحصل على مكاسب سياسية من أرضية دعوية..." قاطعه منفعلًا: "وهل ما يفعلونه هم هو الصحيح؟!!؛ إنهم يستخدمون المال الحرام والإعلام في التسويق لأنفسهم، إنهم....."!!.. كانت قناعات "القيادي" الخمسيني واضحة تتحدث بملء الفيه أن "الغاية عندنا تبرر الوسيلة"؛ حتى وإن نفيناها في بعض الأحيان لفظًا؛ فما هي إلا ذر للرماد في العيون.. ولأن المتحدث لم يكن سفيهًا أو حديث عهد ب"منهاج دعوة" أو "جنديًا" فردًا؛ فقد كان قياديًا مرموقًا ومعروفًا بين أبناء محافظته؛ فكان طبيعيًا أن يستوقفني حديثه ببعض الملاحظات..

 

الأولى: فكرة مقارنة ممارساتنا بما يمارسه الآخرون وليس بما يجب أن نكون عليه؛ كانت حاضرة بغرابة!.

 

الثانية: الرجل مارس تعميمًا فجًا حين نعت "الآخر".. كل الآخر؛ باستخدام المال "الحرام"؛ وكأننا الملائكة الأطهار وغيرنا بديهيًا هم الأنجاس الأشرار!.. ما نفى فى مخياله وجود شريف "آخر" ممارس للسياسة!!.

 

الثالثة: وبقليل من العلم بأصول السياسة؛ كان عليه أن يدرك أن "المال"و"الإعلام"و"الدعاية" هى من مفردات "السياسة"، وامتلاك القوة بنوعيها "الصلبة"و"الناعمة" هو أحد القواعد الهامة لممارسة اللعبة.. إن لم يكن جوهرها!.

 

الرابعة: حضر الاجتماع ثلاثة آخرون ممن اشتعلت رؤوسهم شيبًا؛ لم أسمع من أحدهم تعليقًا أو رفضًا لمقالة الرجل!؛ اللهم إلا سرد أحدهم ل"توجيه" من إخوانه بالتزام الفصل بين الخطابين في معرض الحديث مع الأقباط مثلًا!، ولم يتطرق لأطروحة فصل الكيانين!..

 

 ما أعتقده منعهم من التعقيب على كلام الأخ "القيادي" هو إما لقبولهم بأطروحته ورفضهم لكلام الشاب.. وإما لعلو صوت ذلك "الأخ" المتحدث واستئثاره ب"الميكروفون".. وإما لقناعتهم بأنه من مسوغات "احترام" الرجل عدم معارضته!.. وإما لضبابية أطروحة "فصل الدعوي عن الحزبي " عندهم؛ فهم لم يكَوِّنوا حول الأمر قناعة أصلًا؛ فليس بالإمكان أبدع مما كان!.

 

ماذا عن "ساندوتشات" المؤسسية التي كنتم تضعون لنا عليها "سلاطات" التوريث والترديف وتدعوننا لتناولها في "محاضنكم".. ألا تثقون في تلامذتكم؟!

 

الخامسة: أن ممارسة فكرة "النقد الذاتي" عندهم تسير ببطء السلحفاة -وذلك بإحسان الظن وافتراض وجودها أصلًا- وهو ما تجلَّى لي من استهجان معظمهم لأطروحة قُتلت بحثًا عند آخرين منذ عقود!..

 

في نفس اللقاء الذي تطرَّق الحديث فيه إلى مناقشة طرق الخروج من مأزق الإخوان الراهن كان حديث أحدهم عن ضرورة "دراسة تجربتنا التاريخية مع الأنظمة السابقة وتحديدًا نظام عبد الناصر؛ لاستخلاص الدروس" .. كان حديث الرجل الخمسيني قد أعجبني حينها بشدة؛ فقلت في نفسي "أخيرًا وضع أحدهم قدمه على أول الطريق"، ولكن سرعان ما تبيَّن لي أنها كانت مقولة ضمن سلسلة "ذر الرماد في العيون"؛ فلم أجد من قائلها أو من غيره تبنِّيًا جادًا لتلك الأطروحة!..

 

تحدث إلىَّ أحد الرفاق ذات يوم ناصحًا إياى بالهدوء قليلًا؛ فالأمر لا يستحق!.. وبعد أن فصَّلت له كارثية الأحداث وجُرم ما يفعله القادة بأتباعهم وتعجَّب كثيرًا.. أردفت له قائلًا: "وهما ورموا من قليل؟!!".

 

حمزة محسن

مدون مصري وسجين سياسي

 

المقال الأول: متساقط أنا
المقال الثاني: القواعد من الرجال

المقال الثالث: زحل ٢٠٤٠

المقال الرابع: كالميت بين يدي مُغسلِه !

المقال الخامس: الانقلاب يترنح!

المقال السادس: ورأى الإمام و"لموأخذه" نائبه!

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان