رئيس التحرير: عادل صبري 04:27 مساءً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

عندما تنتحر الرجولة

عندما تنتحر الرجولة

ساحة الحرية

أمل أبوزيدة

عندما تنتحر الرجولة

أمل أبوزيدة 19 نوفمبر 2016 14:25

في كل حكاية من حكايات النساء كانت بين رجل وامرأة زوج وزوجة ولكن اليوم حكاية مختلفة تمامًا فهي بين أب وابنه بين أخ وأخته.

فليس من الغريب أبدًا أن نجد زوجًا خائنًا أو بخيلاً أو غيرها من صفات سيئة في الرجل فهو أولا وأخيرًا رجل من حق المرأة أن تخرجه من حياتها متي أرادت لكن من المؤسف والمحزن والمبكي أن تحدث تلك الخيانة من الرجل الذي يكون سندًا لكل فتاة في الحياة وأن تحدث تلك الخيانة من الرجل الذي يكون ظهرا لكل فتاة وهما (الأب، الأخ)..

 

حكايتي اليوم لفتاة لم تتعد السادسة والعشرين، مرت العشر أعوام الأخيرة من عمرها مرور الجحيم على أي فتاة فوجعها كان من أقرب الناس إليها فبدل من أن يكونوا سترة وسندًا لها في الدنيا أصبحوا هم بمثابة السيف الذي كسر ظهرها ..

 

تقول محدثتي كنت فتاة صغيرة لم تتعد العشر أعوام انفصلت أمي عن والدي بعد معاناة كبيرة فكانت حياتها مع ذلك الرجل أشبه بالغيمة السوداء التي لم تعرف النور قط وخاصة أن أمي تزوجت منه رغماً عن أهلها ولكن بعد أعوام طوال وإنجابها لي أنا واخوتي الذكور الاثنين لم تستطع ان تكمل حياتها في تلك الظلام فقررت الانفصال وواجهت كافه الظروف الصعبة من الأهل والمجتمع وتحدت وظلت تأخذ شهادات علمية إلى أن وصلت للدكتوراه وبالفعل تم تعيينها في إحدى الجامعات بالإسكندرية وانطلقت أنا وأمي بعد صراع مع والدي لتأخذ اخوتي الاثنين لكنه لم يوافق علي الإطلاق..

 

مرت سنوات وبدأ المستوي المعيشي لنا يتحسن بعد تعيينها في الجامعة وعندما علم والدي بالأمر بدأ باستغلال أمي وعرض عليها أن تأخذ إحدى اخواتي بمقابل مادي ووافقت وبعد فترة عرض عليها أخي الثاني بمقابل آخر ولا كأنهم سلعة تباع وتشتري فكانت تصرفاته تلك تجعلني أكرهه بشدة ولكن ـمي كانت دائما تحثني على صله رحمه.

 

الغريب في الأمر أن اخوتي الاثنين كان ولاؤهم الأول والأخير لوالدي رغم بيعهم لأمي بالمال..

مرت سنوات ونحن نعيش سويًا كاسرة مستقرة إلا أن جاء أحد الرجال المحترمين بطلب أمي للزواج مقابل التخلي عن وظيفتها وبالفعل وافقت وعشنا معه ولكنه كان بمثابة الأب الذي لم أشعر ولم أعرف معني الأبوة الحقيقية الا معه..

 

بعد زواجها بفترة كنت أنا وهي في طريقنا لزيارة أهلها وإذ حدث ما لم أكن أتوقعه أبدًا والذي كان بداية لحياتي المأسوية إلى الآن !!!

فانا وأمي في طريقنا إذ انفجرت إحدى عجلات السيارة ولم اشعر بشيء إلا وانا بالمشفى بين الحياة والموت وانتقلت أمي إلي الرفيق الأعلى لتبدأ من هنا معاناتي .....

فطيلة فترة علاجي لم يكن بجانبي أحد سوى زوج أمي وجدتي الكبيرة في السن ولم أجد بجانبي لا أبي ولا إخوتي الذكور طوال فترة علاجي التي دامت شهرين وعندما خرجت لم يكن لدي مأوي سوى جدتي وبدأ إخوتي بالظهور ليس من أجلي بل من أجل الميراث والتركة.

بعد فترة قليلة توفت جدتي ولم يكن لي مأوى سوى بيت أخي الكبير وزوجته أو منزل أبي الذي كان بمثابة نار جهنم بالنسبة لي فهو رجل غريب لا أعلم عنه اي شيء سوي اسمي على اسمه بالبطاقة الشخصية..

قررت العيش مع أخي الذي أقنعني أنه لا يصلح لفتاة مثلي أن تجلس بمفردها ولديها أخ فلم أكن أعلم أن هذا الحنان وراءه طمع في ميراثي من أمي

بالفعل أقنعني أن أعطيه كل ميراثي لكي يدخله في مشاريع استثمارية كي نزيد الأموال .

عشت في منزله فترة كان يعطيني من مالي شهر وشهر آخر لا يعطيني شيئا إلى أن حدثت بيني وبين زوجته مشاكل كثيره حرضته على طردي من المنزل وبالفعل دون تفكير طردني من منزله وعندما طلبت منه ميراثي كي أعيش منه قال لي خسرت كل الأموال في المشروع وليس لديك عندي أي أموال

خرجت ولم أعرف إلى أين تأخذني الريح فأنا فتاة مطمع لكثير من الرجال وخاصة أنني بلا مأوى وبلا رجل .

 

كنت دائما اتنقل بين بيت خالتي الوحيدة وصديقاتي،أانام هنا يوما وهنا يومين ولم يكن لي سكن محدد وخاصة أنني لم يكن معي من المال ما يجعلني ان أكمل تعليمي الجامعي لكي أجد وظيفة محترمة أجمع منها المال .

ومن صديقتي هذه وصديقتي تلك بدأت أبحث عن أي عمل كي لا أكون عبئا على أحد ..

فعملت في إحدى الفنادق بشرم الشيخ والغردقة ولكنني تعرضت لانتهاكات لم يتخيلها أحد فكانوا ينظرون لي علي أنني امرأة سهلة الوصال ورخيصة وعندما كنت أرفض تلك المعاملة أجد نفسي مطرودة من عملي .

قررت الرجوع إلى أبي وعليّ أن اتحمل ما يحدث لي منه ومن زوجته، وقلت لنفسي بالتأكيد هم أهون ألف مرة من نظرة الرجال التي كانت تجردني من ثيابي ..

قابلت والدي وأخبرته أنني ليس لدى مأوى غيره وأن أخي أخذ ميراثي كله وأنا اليوم بالشارع وأريد أن أعيش معه فكان رده طعانات بخناجر باردة في قلبي ...

قال لي اعذريني يا ابنتي البيت صغير ولا يتسع لكِ وأن دخله قليل فهو كان يربي أولاد زوجته وأولاده منها فطلبت منه يؤجر لي ولو غرفه تكون ملكي كي لا أكون عبئا علي أحد ولكن دون فائدة .

خرجت من عنده وأنا مكسورة الخاطر حزن العالم بأكمله في قلبي فلم يهتم أن يسالني ما حدث لي طوال الفترة السابقة وهل تعرضت لأي أذى نفسي أو بدني؟؟ اين كنت أعيش ومع من؟؟

كأي أب يسأل علي ابنته ولكني لم أكن ابنته سوى في شهاده الميلاد ..

ذهبت إلى أخي علي الرغم ما حدث عنده آخر مرة ولكني قلت أهون أن أعيش معه حتى لو كنت خادمة له ولأولاده ولكن لم يختلف رده عن والدي شيئا فكان كل تفكيره انني رجعت لأطالبه بالميراث مرة أخرى ولكنه لم يعلم أنني كنت أريد سكنا ومأوى كي لا أكون في الشارع فقط.

مرت سنوات وأنا بين وظيفة وأخرى لا يوجد لي بيت ثابت فبين صديقة وأخرى وبين إيجار مؤقت وآخر، وها هي حياتي حتي الآن ..

حاولت مرارًا وتكرارًا أن اجعل بيني وبينهم وسطاء كي يصلحوا الأمر ويرجعوا ميراثي أو يقنعوا والدي أن أعيش معه أو أن يجد لي غرفة بالإيجار ولكن دون جدوى..

 

ذهبت نخوة أخي من أجل المال وطمعًا في الميراث وأبي من أجل زوجته وارضاء لها وانا اليوم أخرجتهم من حياتي، ولكن كل مشكلتي نظرة الناس للفتاة التي تعيش وتعمل بمفردها فأنا لم أشعر ليوم واحد بعد وفاة والدتي بالأمان ..

 

الرجولة ليست لقبا يطلق على كل ذكر فأنا لا أعلم كيف يهدئ للأب تفكير وكيف ينام الأخ مرتاح !

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان