رئيس التحرير: عادل صبري 12:15 مساءً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

ما يزال الوقت طويلاً

ما يزال الوقت طويلاً

ساحة الحرية

أحمد بهجت صابر

ما يزال الوقت طويلاً

أحمد بهجت صابر 19 نوفمبر 2016 11:42

في تعقيبها على الاحتجاجات التي اندلعت بجامعة كيب تاون جنوب أفريقيا بمارس 2015 ضد وجود تمثال رودس, قالت بليندا بوزولي وزيرة التعليم بحكومة الظل بحزب التحالف الديمقراطي ببلادها في ذلك الوقت "إنَّ الوقت ما يزال طويلاً أمام جنوب أفريقيا للقضاء على العنصرية, وإنّ المصالحة الحقيقية لم تبدأ بعد".

قفزت هذه الكلمات إلى ذهني أثناء لقائي بالأب الدومنيكي الدكتور أمير ججي– عضو مؤسس فى المجلس العراقي للحوار بين الأديان– بمقر الدير بالقاهرة, فالصورة التي رسمها للعراق شديدة القتامة والأسوأ ما ذكره بأن المستقبل ربما ينذر بتفتت بلاده لثلاثة مناطق مستقلة بين الأكراد والشيعة والسنة.

فنسبة الجهل– حسبما قال– مرتفعة, والكثير من نخبة بلاده منذ عام 2006 بين قتيل أو مهاجر, والأخطر هو توقعه لتفجر الخلافات الطائفية بعد طرد داعش, ثم هناك سيطرة الأكراد على المناطق التي حرروها في الموصل حسب اتفاق مبرم بين حكومة إقليم كردستان وبغداد.

 

لعل كلمات الدكتور أمير تتفق مع كل من ورقة "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" والتي جاءت بعنوان "حسابات واشنطن في معركة الموصل", وأيضًا مقالة على موقع " مركز بروكينجز الدوحة " للباحثة بيفرلي ميلتون والتي جاءت بعنوان " هل حماية الأقلّيات في الموصل ذريعة للتقسيم؟ ", حيث أوردت ورقة مركز العربي ما يلى " يقر المسئولون الأمريكيون أنّ المعضلة الأساسية التي تواجه معركة استعادة الموصل هي غياب خطة لليوم التالي للمعركة", بل أكثر من ذلك فقد رأت الورقة بأنّ الأجندات المتعارضة لأعضاء التحالف تنذر بمعضلة كبرى, فهناك التواجد العسكري لكل من تركيا وإيران والولايات المتحدة, فالتواجد الأمريكي على سبيل المثال بلغ– حسبما ذكرت الورقة -  5262 جنديًا, بالإضافة إلى 1500 جندي بعقود عمل مؤقتة أو قصيرة الأجل, ناهيك عن أنّ الموصل  مدينة تتألف غالبية سكانها من السنة العرب، مع وجود أقليات أخرى من مسيحيين وأكراد وتركمان وشيعة وإيزيديين, مما ينذر بتفجر الخلافات بعد أن تصمت أصوات المدافع.

هذا ما ذهبت إليه باحثة بروكينجز بيفرلي فقد قالت "على سبيل المثال، بات من الواضح أنّ عددًا من الأطراف لديه مصالح بتقسيم المحافظة إلى ستة أو ثمانية كانتونات على أساسٍ عرقي أو مذهبي، بحيث تكون هذه الكانتونات ذاتية الحكم ومستقلة عن حكومة حيدر العبادي في بغداد", من ضمن هذه الأطماع ما تسعى إليه إيران لإقامة حكومة موالية لها في الموصل بعد طرد داعش حسبما ذكرت ورقة لمركز الجزيرة للدراسات بعنوان "معركة الموصل.. حسابات بغداد في رفض المشاركة العسكرية التركية", كما أنّ تركيا ما تزال تتعامل مع المحافظ السابق لنينوى أثيل النجيفى والذى يقود "حرس نينوى" – الحشد الوطني سابقاً– على أنه الممثل الرسمي لمنطقة الموصل وبالتالي فمن المتوقع أن تدعمه تركيا في فترة ما بعد داعش.

الصورة السابقة التي حاولت كل تلك الأوراق البحثية رسمها جزء من كل, فالدولة العراقية تعانى بالأساس مما يمكن أن نسميه " الهشاشة " ناهيك عن الفساد الذى ينخر في جسدها, وهذا ما ذهبت إليه مقالة لدبلوماسي أمريكي على موقع صحيفة " الديمقراطية " الأمريكية؛ حيث رأى في مقالته التي حملت عنوان " سنة الغضب في العراق " بأن قرابة 76 % من العراقيين يرون الفساد سببًا رئيسيًا لضعف الدولة, بالإضافة لأكثر من 82 % يرون بأن بلادهم تسير نحو الأسوأ, المقالة قالت أيضًا بتزايد أعداد العراقيين الذين يرفضون التصويت بانتخابات 2018 .

مقالة الدبلوماسي الأمريكي لم تختلف كثيراً عن التوقعات السابقة من اتجاه العراق للأسوأ في حال استمرت الخلافات الطائفية والفقر وضعف الأحزاب السياسية, وعلى الرغم من توقع البعض ومنهم الدكتور أمير بأن العراق سيحتاج وقتًا طويلاً للملمة جراحه– قدّرها بـ 20 عامًا – فإن باحثة بروكينجز بيفرلى رأت بأن إقرار الأمن وتطبيق القانون بشكل متساوٍ على الجميع ودون محاباة لأحد على حساب الآخر سيكون الحل, وهذا ما أراه – على الأقل في الفترة الحالية – مناسباً لعراق تتجاذبه الأهواء والرؤى .

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان