رئيس التحرير: عادل صبري 08:09 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

أوجاع الفلاحين في مصر.. هموم في زمن «العطش» (صور)

أوجاع الفلاحين في مصر.. هموم في زمن «العطش» (صور)

أخبار مصر

معاناة الفلاحين في مصر

أوجاع الفلاحين في مصر.. هموم في زمن «العطش» (صور)

أيمن الأمين 10 أبريل 2021 12:27

قديمًا ورغم معاناة الفلاح المصري وهمومه التي ظلت تلازمه طوال حياته، إلا أن الابتسامة كانت لا تفارق وجهه الممتلئ بالتجاعيد رغم شيخوخته، أما الآن، فقد ازداد "تجاعيد" وجهه، وكثر شعره الأبيض وتشققت يداه أكثر فأكثر، وبدا وكأنه لم ير الابتسامة أبدا، فهمومه ومعاناته لم يعرفها غيره، ولم يعد يفكر إلا في القادم، والذي يراه بأنه الأسوأ.

 

"الفلاح المصري"، والذي عرف في السابق بصمته وصبره على الأزمات، لم يعد كذلك، فحياته الآن باتت خليطًا بالهموم والديون، حاصرته متاعب الدنيا وأرغمته بالتفكير نحو هجرة أرضه، هربًا من كثرة الديون التي باتت تلاحقه ليلا ونهارا من كثرة "الديانة"، فالأرض التي طالما بدر منها الخير أصبحت هي "الهم".

 

هموم الفلاحين وحصار "الديانة"

 

الفلاح، والذي وصف بكونه "محني كأنه نخلة فوق البئر تطرح وتبدر الخير، محني على أرضه في يديه الفأس يقلب ويعدل فيها، والذي أتى إليها فجرا عبر حماره مصطحبا مواشيه إلى "الغيط" لزراعة أرضه، ومع غروب الشمس يعود إلى داره حاملا الخير، الآن ماتت معه "تلك الفرحة".. هكذا عبر "عم عبد الله" عن حال الفلاح الآن.

 

فبصوت خافت ودموع تملأ عينيه، وبإشارة بيديه التي لم تر فيها سوى التشققات، تحدث عم عبد الله صاحب الـ 60 عاما، قائلا: "كل شيء راح" نعاني ليل نهار من كثرة الهموم والأزمات، نفكر في هجرة الأرض التي ولدنا بها من كثرة الديون والهموم التي باتت تلاحقنا حتى في أحلامنا، فكل شيء له طاقة ونحن لم يعد لدينا القدرة على تحمل الأعباء والمشكلات.

 

 

"كل يوم كنا نصبر ظنا بأن الحال قد يتغير للأفضل، لكن مع مرور الوقت وكثرة الغلاء اتضح العكس، فكثرت الهموم والديون، وأصبحنا لا نستطيع حتى العيش.

 

"مشكلاتنا في كل شيء، أسعار المحاصيل التي نزرعها تباع "ببلاش"، في حين أن أسعار الأسمدة والبذور مرتفعة جدا، ناهيك عن أزمات الأدوية والمبيدات، حتى مياه الري، ورغم أننا في بلد "نهر النيل" إلا أننا نعاني في ري الأرض، فالترع المجاورة لأرضنا دائما فارغة من المياه، وإذا جاءت تأتي مصطحبة بمياه الصرف الصحي، وحينما نلجأ للمياه الجوفية نظل بالساعات حتى نستخرجها من باطن الأرض رغم تكلفتها العالية ومشقة الحصول عليها.

 

"تعبنا وحاصرتنا الديون".. استكمل عم عبد الله حديثه، "الكوابيس تحاصرنا" حينما نسمع بأن الدولة ستفرض رسوما على مياه الشرب وقد تصل لـ 5000 على كل "ماكينة ري " طبقا لقانون الري الجديد، متسائلا: "ماذا نفعل"؟.

 

أنور الصعيدي، مزارع آخر روى لنا معاناته قائلا: "بيتنا اتخرب"، أعمل في أحد مشاتل الزراعة طوال الأسبوع، وفي أجازتي أذهب لأباشر أرضي التي أتركها 6 أيام وأعود إليها فجر كل يوم "جمعة"، تركت الأرض وذهبت للعمل لجانبها لكي أستطيع العيش، فالأزمات والديون حاصرتني.

 

وأكمل الرجل الخمسيني: "قطعة الأرض التي أزرعها داخل قريتي لم تكف احتياجات أسرتي المكونة من ولدين وابنة لم تكتمل العشرة أعوام، فقررت قبل عامين "المجازفة" وتوسيع العمل، فاستأجرت 5 أفدنة بالصحراء المجاورة لبلدتي، وقمت بزراعتها بمحصول "البصل" كلفتني الآلاف، وحين اقتربت من جني المحصول استعنت ببعض المبيدات وقمت برش المحصول، وهنا كانت الكارثة فالمبيد لم يكن مطابقا للمواصفات لكونه "من شركات بير السلم" نظرا لغلاء المبيدات الأخرى، فضاع محصولي ولاحقتني الديون، وأنا الآن أعمل ليل نهار ولا أستطيع سداد ما علي من دين.

 

الفلاح منذ "فاروق والجمهورية"

 

"عم أمين"، مزارع آخر روى لنا تجربته في زراعة أرضه طوال 70 عامًا، قال: "قديما كانت الأرض هي السند لنا في معيشتنا، كنا نحرث ونزرع ونسقي الأرض بأقل الأسعار، وكان المحصول دائما يكفي احتياجاتنا، فالأسعار كانت بسيطة جدا، لكن الآن فالخسارة والديون تلاحق أي فلاح، فأنا الآن عمري اقترب من الثمانين عامًا، ورغم أنني اقتربت من الموت، إلا أني لم أترك أرض أجدادي رغم كونها ليست ملكا لي، فغالبية الفلاحين بمصر يستأجرون الأرض بأسعار عالية، وصلت لـ 20000 جنيها للفدان، وأكثر، ومع ذلك نقاوم وننتظر من الله العون.

 

"أنا مواليد الأربعينيات"، وعاصرت 7 رؤساء لمصر، منذ الملك فاروق وحتى الآن، ومع ذلك الفلاح دائما كان يعاني، لكن المعاناة الآن ازدادت، أسعار إيجار الأرض مرتفعة جدا، وكذلك المبيدات، ومياه الري، والأيدي العاملة، وأسعار المحاصيل "رخيصة" جدا.

 

 

"نواجه المشكلات أيضا في تسويق إنتاجنا، كذلك لم نعد نعرف الآفات التي تدمر محاصيلنا، وكذلك أنواع التقاوي الجيدة من الرديئة، نظرا لغياب دور الجمعيات الزراعية  والإرشاد الزراعي.

 

وأنهى عم أمين حديثه، قائلا: كابوس "العطش" يلاحقنا، فحينما نسمع عن نقص مياه النيل وأن إثيوبيا ستمنع المياه، نموت من الخوف، فنحن الآن نعاني من نقص المياه، ما بالنا إذا نقص نهر النيل، حينها سيهجر كل الفلاحين أرضهم".

 

الخبير الزراعي المهندس وائل المحجوب، قال: قديما كنا نسمع الأغاني لوصف حال الفلاح، كانت أشهرها، "محْلاها عيشة الفلاح"، كان المزارعون يستيقظون قبل صياح الطيور وينتجون الزبد والجبن واللبن والخبز الفلاحي، الذي تعده الزوجة في نار الفرن "البلدي"، حيث لا يحتاج المزارع لأي شيء آخر، لكن الآن لم يعد ذلك حال الفلاح كما كان من قبل.

 

فالفلاح هو الوحيد الذي لم يتوقف عن الإنتاج يوماً واحداً، لأنه على دراية كاملة أن في رقبته مسؤولية كبيرة لا تتوقف عند حد عائلته وإنما تمتد إلى حيواناته وزرعه، فثقافة الفلاح راسخة بأنه المسئول الأول عن غذاء المصريين، وهو أمانة ورسالة لا يمكن أن تنقطع، أما الآن فهجر أرضه بسبب المشكلات التي تواجهه منذ بداية زراعته للمحاصيل مرورا برعايته لها حتى حصاده.

 

وأكمل: "تستمر معاناة الفلاحين المتمثلة بارتفاع أسعار المنتجات الزراعية والمبيدات والأيدي العاملة ومياه الري والأسمدة، واحتكارها.

 

هل اضطهد الفلاح المصري في "عهد الفراعنة"؟

 

دائما يشعر الفلاح بظلم وتهميش كونه لم يلمس بعد أي مؤشر على بدء الاهتمام به أو تطبيق النذر اليسير من الوعود التي تدفقت له حول تحسين الحكومات المتعاقبة لظروفه القاسية، منذ القدم وحتى يومنا هذا.

 

 

وعبر دراسة سابقة رصدت معاناة الفلاح المصري، عبر العصور المختلفة، والتي تتشابه في تفاصيلها منذ عهود الفراعنة وحتى اليوم، قالت الدراسة التي أعدتها الدكتورة خديجة فيصل مهدى، والباحثة دعاء مهران إن مشاكل الفلاح المصري لا تزال تتواصل عبر آلاف السنين وتتمثل في المعاناة من اضطهاد الحاكم والشكوى من رخص أسعار المنتج الزراعي، وتجاهل الحكام لمطالبهم، حيث يعانى الفلاح اليوم من تجاهل الحكومة لمعاناته من نقص الأسمدة وعدم وجود دعم أو تسهيلات تمكنه من اقتناء المعدات الحديثة، وعدم تماشى دورة الري مع متطلباته، ونقص المياه في الكثير من المحافظات التي يمر بها نهر النيل والترع المتفرعة منه.

 

وأشارت الدراسة إلى ضرورة فتح حوار مجتمعي لوضع استراتيجية وطنية للنهوض بالقطاع الزراعي ووضع حلول حقيقية لمشاكل الفلاحين والاستجابة لمطالبهم بما يحقق الاكتفاء الذاتي للبلاد من المنتجات الزراعية الاستراتيجية مثل القمح وقصب السكر، وحل مشكلات صغار الفلاحين مع فروع بنك التنمية والإصلاح الزراعي الذي يهدد آلاف الفلاحين بالحبس حتى اليوم، نتيجة للشروط التي وصفتها الدراسة بالمجحفة في حق الفلاحين الراغبين في الحصول على قروض وسلف زراعية.

 

وقالت الباحثتان خديجة فيصل مهدى ودعاء مهران: إن للفلاح المصري تاريخا ضاربا في القدم وتاريخا طويلا مع فنون الزراعة والحرث كما أن له تاريخا طويلا أيضا مع المعاناة يعود لعهود الفراعنة، فكما كان الفلاح في العصر الفرعوني يتمتع برشاقة وخفة حركة وفيا لأرضه رغم مشقته‏,‏ كان يغني في الحقل ويشارك في مناسبة شم النسيم‏,‏ وفي وفاء النيل‏.. ‏فقد "عاش الفلاح المصري معيشة ضنكاً. فأما من كان منهم مزارعاً حراً فلم يكن يخضع إلا للوسيط والجابي".

 

كان الفلاح المصري معرضاً في كل وقت إلى أن يسخر في العمل لخدمة الملك، وتطهير قنوات الري، وإنشاء الطرق، وحرث الأراضي الملكية، وجرّ الحجارة الضخمة لإقامة المسلات وتشييد الأهرام والهياكل والقصور. انظر كيف رسم نص أدبي تاريخي معاناة فلاحى مصر الفرعونية: "هلا استعدْت في خيالك صورة الزارع حين ُيجبى منه عُشر حَبّه؟ لقد أتلفَتْ الديدان نصف القمح، وأكَلَتْ أفراس البحر ما بقى له منه، وهاجمتها في الحقول جماعات كبيرة من الجرذان، ونزلَت بها الصراصير والماشية النهمة، والطيور الصغيرة تختلس منها الشيء الكثير؛ وإذا غفل الفلاح لحظة عما بقي له في الأرض، تعدى عليه اللصوص. يضاف إلى هذا أن السيور التي تربط الحديد والمعزقة فقد بليت، وأن الثورين قد ماتا من جرّ المحراث.

 

وعلى الرغم من ذلك التاريخ من "الضنك والسخرة والظلم" فإن ذلك لم يمنع الفلاح المصري من أن يكون رائدا للزراعة في العالم وقائدا لتقدم وطنه ومسيرة حضارته حيث يؤكد علماء المصريات أن الحضارة المصرية القديمة قامت وازدهرت على الزراعة. وعبر التاريخ القديم والحديث ظلت الزراعة تفرض نفسها على مصر، تؤثر على اقتصادها وحضارتها وأسلوب الحياة فيها.

 

 

وكما أسهمت الزراعة والفلاح في صنع الحضارة المصرية فقد أسهمت الزراعة والفلاح في صنع التاريخ، ذلك التاريخ التقدمي الذي صاحب تطور البشرية منذ فجر نشأتها، واقترن بالمدنية ليتفاعل معها ويؤثر فيها. والزراعة كانت وما زالت أساس الحضارات، منها تكونت وبها دعمت، إنها تراث وتقاليد ومهنة وحياة، تسلمتها الأجيال المتعاقبة عبر التاريخ، وسجلها قدماء المصريين برسوم تاريخية على مقابرهم ومعابدهم لتسجيل أعظم حضارة عرفها التاريخ.

 

 

لماذا لجأت الحكومة لـ "تبطين الترع"؟

 

الحكومة المصرية مؤخرا عملت على بعض المشروعات والتي أعلنت أنها في صالح الزراعة للتخفيف عن كاهل الفلاح، وهو ما عبر عنها بعض نواب مجلس الشيوخ مؤخرا، ففي رؤية بعضهم حول أزمة ومشكلات الفلاحين، تحدث النائب نور هاشم، أحد نواب مجلس الشيوخ في تصريحات صحفية قبل أسابيع، قائلا: "إن المشروع القومي لتبطين وتأهيل الترع، يحافظ على مياه الري في وقت يعاني فيه العالم من أزمة في نقص المياه".

 

وأكد هاشم، أن ذلك المشروع القومي إضافة جديدة لإنجازات الرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصة أنه سيقضي على المعاناة التي يواجهها الفلاحين بسبب عدم وصول المياه إلى نهايات الترع، حيث سيضمن سرعة تدفق المياه بانسيابية لري الأراضي التي عانت لسنوات طوال.

 

وتابع: "وصول المياة في مواعيدها لري الأراضي سيساعد المزارعين في ري أراضيهم بالكميات اللازمة للمحاصيل في مختلف الأوقات، وتحقيق إنتاج أكبر من المحاصيل وهو ما ينعكس على زيادة الصادرات الزراعية".

 

وأشار إلى أن مشروع تبطين الترع سيساعد أيضًا في تقليل نسبة البخر من المياه، بسبب عدم ركودها بالترع، وبالتالي يحفاظ على كميات المياه بشكل عام، وتحقيق أكبر قدر من الاستفادة منها في الزراعة دون إهدار للمياه.

 

هل ستبيع الحكومة "مياه الري" للفلاحين؟

 

وفق آخر الإحصائيات، تعاني مصر حاليًا من عجز مائي يصل لنحو 22 مليار متر مكعب، تسبب في استيرادنا نحو 65 % من احتياجاتنا من السلع الغذائية الأساسية نتيجة عدم وجود مياه كافية لزراعتها، وهو ما يدفع مصر نحو خطوات لتقليل ذلك العجز، منها قانون الري الجديد والذي وافق عليه مجلس النواب مبدئيًا قبل أيام.

 

 

أيضا، تتربع مصر على قمة الدول المستورد للقمح بحجم 13.5 مليون طن سنويا، ورابع أكبر مستورد للذرة الصفراء بنحو 10 ملايين طن سنويا، وخامس أكبر مستورد لزيوت الطعام بنحو 3 مليون طن سنويا، و100% من احتياجاتنا من العدس، ونحو 80% من الفول، وفقا لخبير المياه نادر نور الدين.

 

وكان مجلس النواب ناقش قانون الري الجديد المقدم من الحكومة، ولكنه تسبب في حالة من الجدل، لما تضمنته المادة 38 من رسوم تصل إلى 5 آلاف جنيه مقابل تشغيل آلة الري.

 

وقوبل مشروع قانون الري الجديد ببعض الانتقادات من قبل نواب وفلاحين وخبراء مياه، معتبرين أن الهدف من المادة 38 هو جمع المال مقابل مياه الري، فيما أكد آخرون أن الرسوم تكون على ماكينات الترع العامة فقط وذلك من أجل ترشيد المياه.

 

فيما نفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ما يتردد بشأن بيع المياه للفلاحين، مؤكدا أن مشروع قانون الري الجديد لا يتضمن نهائياً أي مواد تخص بيع مياه الري للمزارعين على مستوى الجمهورية، وإنما يستهدف ترخيص آلات رفع المياه على نهر النيل والترع والمجاري الرئيسية فقط، لتنظيم عملية توزيع المياه بما يضمن حصول كافة المنتفعين على حصصهم المائية بشكل عادل.

 

وأكد مجلس الوزراء أن مشروع القانون يأتي بمثابة خطوة جادة نحو تحقيق الأمن المائي، وكذلك تنظيم استخدام ماكينات رفع المياه، بما يواكب أساليب الري الحديثة.

 

الأزمة التي طرحها قانون الري الجديد ترجع إلى المادة 38 من مشروع القانون المقدم من الحكومة، إذ تنص على دفع الفلاح 5 آلاف جنيه كرسوم لترخيص استخدام ماكينات رفع المياه، وهي المادة التي أثارت لغطا كبيرا طالب على إثرها عدد من النواب بإلغائها.

 

وجاء في نص المادة 38 من قانون الري الجديد :"لا يجوز بغير ترخيص من الوزارة إقامة أو تشغيل أي آلة رفع ثابتة أو متحركة تدار بإحدى الطرق الآلية (الميكانيكية) أو غيرها لرفع المياه أو صرفها على مجري نهر النيل أو المجاري المائية أو شبكات الري والصرف العامة أو الخزانات، سواء لأغراض الري أو الصرف أو الشرب أو الصناعة أو غيرها وكذا رفع المياه من بحيرة ناصر".

 

وتضمن النص :"ويصدر الترخيص لمدة لا تزيد على خمس سنوات قابلة للتجديد وبعد أداء رسم ترخيص بما لا يجاوز خمسة آلاف جنيه ويستحق نصف الرسم عند تجديد الترخيص، وتنظم اللائحة التنفيذية الإجراءات والبيانات والشروط اللازمة لذلك".

 

ويهدف مشروع قانون الري الجديد الذي يتضمن 131 مادة، بحسب "وزارة الري" إلى تنظيم عملية توزيع المياه، وتحديد المساحات المقررة للزراعة، وتحديد مواقع ومواصفات مآخذ المياه ومصبات المصارف، وتنظيم استخدام ماكينات رفع المياه، وتنظيم أعمال الري والصرف في الأراضي، وعدم تخصيص أي أراض للتوسع الزراعي الأفقي قبل موافقة الوزارة عليها.

 

وفي هذا السياق رأي عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن الزراعة في خطر نتيجة مشروع قانون الري الجديد، لافتا إلى أن المزارعين البسطاء يعانون أشد المعاناة في دفع إيجار الأراضي الزراعية والتقاوي والأسمدة والعمالة والري والتسويق، ومعهم أيضا المزارع الكبرى.

 

وأضاف شراقي، عبر حسابه على موقع فيس بوك :"صحيح أن هناك مصروفات كثيرة في إنشاء المشروعات المائية وتبطين الترع، ولكن هذا دور الدولة منذ عصر محمد على لدعم الزراعة، كفاية أسعار الوقود في هذه الماكينات، وكان المزارع الصغير يستحق دعم وقود عند رفع أسعاره من قبل ولكنه تحمل مثل باقي المواطنين من أجل مصلحة بلدنا".

 

وبحسب بيان  صحفي صادر عن مجلس الوزراء الشهر الجاري، فإن الدولة تنفق مئات المليارات للحفاظ على كل نقطة مياه، وضمان حسن استغلالها بشكل أمثل، وتعمل على زيادة الرقعة الزراعية باستصلاح ما يزيد على مليوني فدان.

 

 

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى أن الحكومة تمضي قدماً في تنفيذ المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع بأطوال تصل إلى نحو 20 ألف كيلو من الترع، بتكلفة تبلغ نحو 68 مليار جنيه؛ سعياً لتوفير المياه ورفع كفاءة الترع في الوقت نفسه، والوصول بالمياه إلى نهايات الترع، وتأهيل الترع المُتعبة، وكذا تحسين الظروف البيئية.

 

وكشف رئيس الوزراء أنه خلال السنوات الأربع الماضية فقط شهدت كمية المياه المنتجة من تحلية مياه البحر زيادة ملحوظة بنحو 10 أضعاف، وذلك بخلاف ما يتم بذله من جهود غير مسبوقة في مجال الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة.

 

ولفت إلى أن الحكومة تعمل على تشجيع الفلاحين على زراعة المحاصيل الاستراتيجية، عبر ما يطلق عليها "الزراعة التعاقدية"، بتشجيعهم على زراعة القمح، والفول الصويا، وعباد الشمس، وغيرها، في ظل جهود الدولة لتحقيق الأمن الغذائي، وسيتم ذك عبر آليات سيتم الإعلان عنها.

 

العطش قادم.. هل فُرض سد النهضة على المصريين؟

 

في آخر المستجدات حول أزمة سد النهضة، والخيارات التي قد تسعى إليها دول المصب "مصر والسودان"، وفي تصعيد جديد، تواصل إثيوبيا خطابها العدائي وتحدي كل من مصر والسودان، وتأكيد اعتزامها على الملء الثاني لسد النهضة رغم رفض دولتي المصب، وأنه لا أحد يمكن أن يمنع أديس بابا من بناء سد النهضة، وهو ما اعتبرته القاهرة تهديدا لمصالح الشعب المصري والسوداني.

 

وبلغت نسبة بناء سد النهضة الإثيوبي نحو 79%، وتعتزم إثيوبيا الملء الثاني في شهر يوليو 2021، إلا أن مصر والسودان رفضا أي إجراءات أحادية من قبل إثيوبيا قبل التوصل لاتفاق قانوني ملزم يحفظ حقوق الشعبين المصري والسوداني في مياه النيل.

 

ووصل العمل بالسد، الذي بدأ في عام 2011 ، إلى نقطة فارقة في يوليو 2020 عندما بدأت إثيوبيا في ملء خزانها، مرورا بالمشاكل الفنية التي تواجه البناء الضخم، وصولا إلى تحديد موعد الملء الثاني في يوليو 2021.

 

وتحاول إثيوبيا مواصلة سياسة فرض الأمر الواقع، فبعد أن فاجأت مصر والسودان بالملء الأول في يوليو 2020 الماضي، تصر على استكمال السد رغم تعثر المفاوضات، وهو ما بدى في تصريحات نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ديميكي ميكونين، بأنه لا يجب لأحد أن يمنع إثيوبيا من التنمية في مواردها الطبيعية وهي تساهم بـ 86 في المائة من نهر النيل.

 

واحتفلت إثيوبيا قبل أيام، بذكرى مرور 10 سنوات على تدشين سد النهضة، وهو الاحتفال الأول من نوعه، والذي أكد خلاله نائب وزير الخارجية الإثيوبي إن استكمال مشروع سد النهضة مسألة ضمان لسيادة بلاده، حسبما نقلت هيئة الإذاعة الإثيوبية "فانا".

 

وخلال الاحتفالية أكد وزير المياه والري والطاقة سيليشي بيكيلي أن المرحلة الثانية لملئ السد ستبدأ في موسم الأمطار المقبل، مشددا أنه لن يتم تأجيل المرحلة الثانية لملئ السد "بأي حال من الأحوال".

 

ويأتي ذلك بعد أيام من رفض إثيوبيا للمقترح السوداني الذي أيدته مصر، بتشكيل وساطة رباعية دولية تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي، لحلحلة مفاوضات سد النهضة التي فشلت على مدى السنوات العشرة الماضية.

 

وخلال عام 2020 تعثرت المفاوضات التي قادها الاتحاد الأفريقي بقيادة دولة جنوب أفريقيا، ومن قبل أيضا فشلت المفاوضات التي قادها البنك الدولي والخزانة الأمريكية.

 

التصريحات الإثيوبية الأخيرة، اعتبرتها وزارة الخارجية المصرية كشف عن نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب، مؤكدة رفضها لهذا الأمر لما يمثله من تهديد لمصالح الشعبين المصري والسوداني، ولتأثير مثل هذه الإجراءات الأحادية على الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

على الجانب الآخر، انتقد خبراء مياه التصريحات الإثيوبية التي أكدت خلالها على مواصلة بناء السد دون التوصل لاتفاق، معتبرين أنها تصريحات فجة وعدائية، مؤكدين على ضرورة البحث عن حلول حاسمة دون الانتظار لمفاوضات رباعية دولية.

 

وفي أحدث ردود فعل الرئيس عبد الفتاح السيسي على استفزازات إثيوبيا، طمأن الرئيس السيسي المصريين، خلال مؤتمر قبل أيام، إن أحدا لا يستطيع المساس بحق مصر في مياة النيل، محذرا من أن المساس بها "خط أحمر" وسيكون له تأثير على استقرار المنطقة بكاملها.

 

وأضاف السيسي في تصريحاته على هامش زيارته لقناة السويس: "لا أحد يستطيع أن يأخذ قطرة ماء من مياه مصر، ومن يريد أن يحاول فليحاول وستكون هناك حالة من عدم الاستقرار في المنطقة بكاملها ولا أحد بعيد عن قوتنا".

 

وأشار الرئيس إلى أنه لا يهدد أحدا بتصريحاته، مؤكدا أن "العمل العدائي أمر قبيح وله تأثيرات طويلة لا تنساها الشعوب".

 

وقال إن التفاوض هو الخيار الذي بدأته مصر وأنها في مسألة التفاوض بخصوص أزمة سد النهضة وتأمل في التوصل إلى اتفاق قانوني منصف وملزم يحقق الكسب للجميع.

 

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان