رئيس التحرير: عادل صبري 07:42 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

«grace is gone».. فيلم أمريكي ينتصر للإنسانية بعد احتلال العراق

«grace is gone».. فيلم أمريكي ينتصر للإنسانية بعد احتلال العراق

ميديا

فيلم "grace is gone"

«grace is gone».. فيلم أمريكي ينتصر للإنسانية بعد احتلال العراق

كرمة أيمن 16 سبتمبر 2019 19:26

فتحت أحداث احتلال العراق وتداعياتها، شهية السينما الأمريكية التي وجدت فيها مادة مثيرة تضفي بعض التنوع على القوالب المتكررة في أفلامها.

وفيلم "grace is gone" أو "رحلت جريس" الذي أُنتج عام 2007، واحدًا من تلك الأفلام، وتعرضه مؤسسة عبد الحميد شومان، الساعة السادسة والنصف من مساء يوم غد الثلاثاء 17 سبتمبر، للمخرج جيمس سي ستروز.


وأخرجت هذه الموجة للنور ثلاثة أفلام، هي "صور مطموسة" للمخرج بريان دي بالما والذي جرى تصوير أحداثه في الأردن ويروي قصة اغتصاب فتاة عراقية من قبل جنود أمريكيين والتي تحولت إلى مادة لفيلم يقود أحداثه محقق يبحث عن الحقيقة ويفضح التورط الأمريكي في العراق وما يصاحبه من قمع كما يفضح تواطؤ وسائل الإعلام بحيث لا يجري كشف الحقيقة إلا من خلال مواقع الانترنت المستقلة، والفيلم مبني بطريقة أقرب إلى التسجيلية.

 

الفيلم الثاني "في وادي إيلاه" للمخرج بول هاجيس والذي يستفيد من حادثة حقيقية تتعلق باختفاء مجند أمريكي بعد عودته من العراق والعثور على جثته مقتولا بعد ثلاثة أشهر من اختفاءه، ليعطي دورا لمحقق يبحث عنه.
 

وشذ فيلمًا عن القاعدة، وهو فيلم "جريس رحلت" حيث استخدام المحقق والتحقيق، وتعامل مع الموضوع بشفافية فنية وبحس شعري وبروح إنسانية.

وفيلم "grace is gone" بسيط شكلًا وقصة إلا أنه ممتلئ روعة وعمقًا، فهو من نوع السهل الممتنع.



"جريس" اسم بطلة الفيلم الحاضرة الغائبة، وحكاية الفيلم بسيطة جدًا، وتدور حول الأب الشاب الذي يعتني بطفلتيه ويتلقى نبأ مقتل زوجته التي جندت للحرب في العراق، وهو الآن وتحت تأثير الصدمة يواجه مأزق إبلاغ ابنتيه الطفلتين بالنبأ المفجع.

تشكل هذه حبكة مسيرة الفيلم بكامله، حبكة توحي بفيلم تسيطر عليه الميلودراما، ولكن الفيلم لا يفعل ذلك بل ينحرف بقوة عن اتجاه الحبكة الميلودرامي وباتجاه معاكس تماماً. 

ويقرر الأب فجأة أن يأخذ طفلتيه بعيدا عن المدينة، يقرر أن لا يذهب إلى العمل، أن لا تذهب طفلتاه إلى المدرسة، وأن يذهبوا جميعا في رحلة تتيح للطفلتين بعض الفرح ومتع الحياة قبل أن يبلغهما النبأ المفجع في نهاية الفيلم.

وتشك ابنته الكبرى في قراره معتقدة أنه فصل من العمل، وهو ينكر ذلك ويطلب منها أن تتجاهل عمله وأن تتجاهل أيضا مدرستها وامتحاناتها وضمن هذا اللجوء إلى الحياة تحديا للموت نرى الأب في أكثر من مشهد يتصل هاتفيا بمنزله الفارغ ليتحدث عبر المجيب الصوتي في هاتفه المنزلي من زوجته وكأنها لا تزال حية تستمع إليه.

 

يقدم الفيلم لحظة إبلاغ الأب لابنتيه بمصرع والدتهما في مشهد شفاف وشديد التأثير لا صراخ أو مغالاة فيه.

بداية يذكر الأب لابنتيه أن أي إنسان يسافر بعيد قد يتعرض لخطر ما أو أذى ما، وحين تتنبه الابنة إلى أن مكروها ما قد أصاب أمها، يلغي المخرج صوت الكلام ونرى فقط مشهد الحديث ورد الفعل على الخبر على وقع موسيقى ملائمة.

 

على العكس من غالبية الأفلام الأمريكية وخاصة التي تنتمي إلى ما يسمى بالسينما الهوليودية، التي تعتمد على الإثارة والتي تسمى" أفلام الحركة"، ففي فيلم "جريس رحلت" الكثير من المشاعر التي تسيطر على المشاهدين، وهي مشاعر على درجة عالية من النبل، مشاعر لا يمكن وصفها، بل يمكن فقط معايشتها، مشاعر تنبض بالحياة، تماما مثلما أن الفيلم ينبض بالحياة.

 

ويقدم فيلم "جريس رحلت" مشاعر إنسانية ولا يقدمها ضمن الغرف المغلقة، بل ضمن أماكن منفتحة على الحياة، تماماً مثلما أن الفيلم منفتح على الحياة، وثمة العديد من المشاهد الساحرة الممتلئة بالحياة في الفيلم، ومنها مشاهد متنوعة نرى فيها الطفلتين وهما تلعبان معا أو تتشاكسان.

والطفلتان في الفيلم، الكبرى منهما في حدود الثالثة عشر من عمرها والثانية في حدود الثامنة، تقدمان لنا أداء تمثيليا مبهرا وصادقا إلى حد بعيد، وكأن كاميرا المخرج اقتنصت منهما لحظات فرح حقيقية يعيشانها في الواقع.

 

في جانب آخر، يقدم الفيلم نموذجا فذا لكيفية تقديم فكرة سياسية، أو ذات خلفية سياسية، بطلة الفيلم ماتت في الحرب أثناء وجودها مع قوات الاحتلال الأمريكية في العراق.

ويكتفي الفيلم بالإبلاغ عن هذه الحقيقة في مشهد قصير في بدايته ولا يعود لها، إلا في لحظة يتمنى فيها لو أنه ذهب بدلا منها، لكن فاجعة الموت في الحرب هي خلفية الفيلم كله، وتلقي بظلالها عليه رغم أن هذه الظلال غير مرئية، وبالتالي فهو فيلم سياسي في العمق، ولكن بدون سياسة ظاهرة.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان