رئيس التحرير: عادل صبري 02:14 صباحاً | الاثنين 07 يوليو 2025 م | 11 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

اشتباكات طرابلس.. بين الهدنة الهشة والتوازن الجديد

اشتباكات طرابلس.. بين الهدنة الهشة والتوازن الجديد

العرب والعالم

الحرب في ليبيا

اشتباكات طرابلس.. بين الهدنة الهشة والتوازن الجديد

أحمد علاء 18 سبتمبر 2018 23:14
على وقْع اشتعال شرارة الاشتباكات في طرابلس الليبية، تقرر تشكيل "قوة عسكرية"، تحفظ ربما ما تبقى من أمن العاصمة.
 
القوة العسكرية المشتركة تم تشكيلها لـ"فض النزاع وبسط الأمن" بالعاصمة طرابلس التي شهدت اشتباكات مسلحة ودامية قبل عدة أيام بين فصائل وقوى عسكرية.
 
سيقود القوة الجديدة، آمر المنطقة العسكرية الغربية في ليبيا اللواء أسامة الجويلي، حسب ما جاء في إعلان المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق الوطني" الليبية المعترف بها دوليًّا.
 
ووقع قرار تشكيل القوة رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي.
 
وحدد المجلس الرئاسي قراره رقم (123) لسنة 2018 بشأن تشكيل القوة المشتركة بقيادة الجويلي، مكوناتها ومهامها وفق نص القرار الذي نشره المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عبر صفحتها على "فيسبوك".
https://www.facebook.com/GNAMedia/posts/2178646829059367
 
وتتكون القوة المشتركة من كتائب مشاة خفيفة، ووحدات من وزارة الداخلية، وقوة من "كتيبة من المنطقة العسكرية الغربية"، و"كتيبة من المنطقة العسكرية الوسطى"، و"كتيبة من قوة مكافحة الإرهاب".
 
وستكون مهمة القوة فرض السلام واستتباب الأمن في المناطق المحددة لها، وتأمين وتحقيق أمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم، وعودة الحياة الطبيعية، وطمأنة السكان.
 
وأوكل المجلس مهام الفصل بين القوات المتحاربة وفض الاشتباك للقوة المشتركة، إضافة إلى توفير الحماية لفرق مراقبة ورصد وقف إطلاق النار، وتحديد أطراف النزاع والتواصل معها من خلال لجنة تشكل لهذا الغرض بقرار من آمر القوة المشتركة.
 
واندلعت شرارة الاشتباكات في طرابلس بعدما قام اللواء السابع القادم من مدينة ترهونة، الذي حله المجلس الرئاسي في أبريل الماضي، بالزحف نحو المدخل الجنوبي للعاصمة عبر منطقة قصر بن غشير، واستولى على معسكر اليرموك بعد قتال مع الكتائب العسكرية بطرابلس التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق.
 
اشتباكات طرابلس التي يجري الحديث عنها، نالت الكثير من ردود الأفعال، حتى وُصفت بأنّها تحقق توازنًا جديدًا في العاصمة.
 
يقول تقريرٌ تحليلي نشره المركز الإيطالي للدراسات الاستراتيجية الدولية "سيزي" إنّ جولة الاشتباكات الأخيرة التي اندلعت في العاصمة طرابلس، وانتهت بـ"هدنة هشة"، تلخص الأسباب الحقيقية وراء تعطل عملية التوافق الوطني في ليبيا، وتبرز نقاط ضعف العملية السياسية.
 
التقرير الذي حصل "مصر العربية" على نسخة منه، توقع أن تنتهي الأزمة عن ظهور أطراف جديدة بالعاصمة تم تهميشها من قبل، وتغير قوام النظام الأمني في طرابلس، الذي اعتمد حتى الآن على أربعة تشكيلات مسلحة رئيسة.
 
التقرير أعدّه الباحث الإيطالي بشؤون الإرهاب لورينزو مارينوني ويقول: "الصراع للسيطرة على العاصمة لا يقتصر على كونه نزاعًا محليًّا أو نزاعًا مرتبطًا بالتغيرات الكامنة في منطقة واحدة، بل متجذر في الصراع الليبي متعدد الطبقات".
 
فمنذ 2014، وانقسام المؤسسات الليبية بين شرق وغرب ليبيا، استمر الصراع على الصعيدين العسكري والسياسي الداخلي، وشمل بشكل متزايد لاعبين إقليميين ودوليين.
 
كما توجّه الكثير من الانتقادات لتعامل القوى الدولية مع الأزمة في ليبيا، حيث أنّ اللاعبين الدوليين - برأي الكاتب - تبنوا نهجًا أحادي الجانب، في محاول لتفضيل فصيل واحد في ليبيا على حساب الفصائل الأخرى"، بالإضافة إلى أنّ "غياب الاتساق في موقف المجتمع الدولي يظل أحد أبرز العراقيل أمام تحقيق الاستقرار في ليبيا".
 
ودائمًا ما تكون الجهود الدبلوماسية في ليبيا مصحوبة بخطر إشعال الخلافات القائمة، في ظل غياب منصة سياسية مشتركة تستخدمها جميع الأطراف، وهذا قد يساهم في خلق حلقة جديدة من الفوضى.
 
وضرب التحليل مثالًا بـ"حالة انعدام الثقة التي أظهرها لاعبون دوليون ومحليون عند الإعلان، عقب اجتماع باريس في مايو الماضي، عن إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في وقت قصير"، وهي مبادرة تتبناها الدبلوماسية الفرنسية.
 
وبشكل عام، فإنّ اشتباكات طرابلس هددت بشكل ملموس فرص بقاء حكومة الوفاق الوطني، وأبرزت مرة أخرى "الضعف الشديد الذي تعاني منه الحكومة برئاسة فائز السراج، وسلطت الضوء على حالة الغموض المستمرة المحيطة بعملية إعادة بناء المؤسسات الليبية".
 
وتّأكد ضعف فائز السراج بشكل أكثر وضوحًا بسبب العلاقة بين حكومة الوفاق والمجموعات المسلحة في طرابلس، واضطر السراج إلى إبرام اتفاق مع قادة المجموعات المسلحة في طرابلس، من أجل تأسيس حكومة الوفاق والسماح بدخولها العاصمة، وحفظ بعض مظاهر الأمن بالمدينة، وبالتالي حصلت تلك المجموعات على وضع مؤسسي وشرعي.
 
يُضاف إلى ذلك، أنّ "بعض المجموعات المسلحة تمّ إدماجها داخل هياكل مؤسسات مثل القوات الأمنية، تحت إدارة وزارتي الدفاع والداخلية، وهي خطوة مثيرة للجدل، حيث لم تؤدِ إلى حل التسلسل القيادي للمجموعات المسلحة، بل منحتهم هامشًا كبيرًا من الحرية والحكم الذاتي.
 
التقرير تطرّق إلى المجموعات المسلحة الأربع الأكبر في طرابلس، وقال إنّ "لديها هيكل مشترك للدفاع في حال تعرضت لهجمات من منافسين، وتدخل في تحالفات تكتيكية مع المجموعات الأصغر".
 
وحذر الباحث الإيطالي، من تأثير المجموعات الأربع على مسار القرارات السياسية، وقال إنّها "دائمًا ما تعمد إلى استخدام أساليب الترهيب والعنف، وهي قادرة على التأثير في القرارات السياسية، وتأمين سبل تمويل مالي ثابت، والتوسع على الأرض، وتحتكر تلك المجموعات، بحكم الأمر الواقع، القوة الشرعية".
 
وتحدّث الباحث، عن وجه آخر لاشتباكات طرابلس، وقال إنّ "الكيفية التي اندلعت بها الاشتباكات والطريقة التي انتهت بها أسفرت عن تغييرات مهمة في تركيب المجموعات المسلحة في العاصمة".
 
وقد طلب السراج تدخل مجموعات مصراتة والزنتان لفض الاشتباكات في طربلس، ووصلت مجموعات مصراتة إلى مطار معيتيقة، فيما وصلت مجموعات الزنتان إلى الجزء الغربي منها.
 
ومن شأن وصول لاعبين جدد إلى العاصمة أن يطلق عملية مراجعة لتركيب النظام الأمني في طرابلس، وهي عملية معقدة جدًا، لأنّ قادة المجموعات المسلحة لن توافق بسهولة على التخلي عن الامتيازات التي كسبتها دون مقابل مجزٍ.
 
من جانبها، استغلت مجموعات مصراتة والزنتان بذكاء الاشتباكات الأخيرة لاستعادة نفوذها على بعض مراكز القوة السياسية والاقتصادية، فكلتا المدينتين لم تحضرا اجتماع باريس، وبالتالي تريدان الاضطلاع بدور القيادة من جديد.
 
التقرير الإيطالي تحدّث كذلك عن توازن جديد للقوى في العاصمة، لكنه رأى أنّ توازن القوى القادم سيكون أقل استقرارًا من الناحية الهيكلية، مقارنةً بما سبق؛ وذلك بسبب الطبيعة الهشة جدًا للتحالفات بداخله، والتي لاتزال تقوم على دوافع كل طرف لتحقيق مصلحته الخاصة.
 
كما لم يستبعد الباحث ظهور أطراف تمّ تهميشها لفترة طويلة، أو إعادة تشكيل التحالفات بين المجموعات المسلحة، لا سيّما أنّ السراج يملك أدوات محدودة لحل الخلافات القائمة وتوسيع نفوذ حكومته، فعدم قدرة السراج على توسيع نطاق الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة في إقليم برقة، أجبر حكومة الوفاق على إتباع استراتيجية قصيرة المدى، مقتصرة على استمالة قادة المجموعات المسلحة الرئيسة في المدن الكبرى.
 
ورغم نجاح تلك الاستراتيجية في السماح بدخول حكومة الوفاق إلى طرابلس، اعتبر التقرير أنّها طستخلق في النهاية حلقة مفرغة من الآثار السلبية، فتوزيع المزايا والتعيينات الحكومية شجع المجموعات المسلحة على تحويل مؤسسات الدولة إلى مجرد قناة للوصول إلى الموارد المالية، وهذا سمح لهم بالإبقاء على هيكل الحكم الذاتي الخاص بهم، والإبقاء على موقف قوة أمام حكومة الوفاق".
 
واستنادًا إلى ذلك، فهناك الكثير من الشك حول الاستقرار في العاصمة، أو حتى قدرة حكومة الوفاق على تطبيق إصلاحات اقتصادية، وإن كان ذلك يتوقف على نوعية الحوار بين طرابلس وطبرق، وأيضًا على الكيفية التي يتم بها التعامل مع الانقسام المؤسسي الذي حدث في العام 2014.
 
أوصل ذلك، الكاتب إلى صعوبة التكهن بحدوث تطور كبير في الوضع بطرابلس، إذا لم تتزامن الجهود المبذولة مع ضمانات سياسية مناسبة بالمضي في عملية التوافق الوطني، وإجراء إصلاح موصع في النظام الاقتصادي، وقال: "الإطار الأمني الهش في طرابلس بمثابة (عنق الزجاجة) والعقبة التي تقوض جهود تحقيق التوافق السياسي والإصلاح الاقتصادي في ليبيا".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان