رئيس التحرير: عادل صبري 04:50 مساءً | الجمعة 04 يوليو 2025 م | 08 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

بحملات السخرية.. رياح التغيير تتجه لمجلس الشورى السعودي

بحملات السخرية.. رياح التغيير تتجه لمجلس الشورى السعودي

العرب والعالم

الملك سلمان بن عبد العزيز

بحملات السخرية.. رياح التغيير تتجه لمجلس الشورى السعودي

أحمد جدوع 23 أكتوبر 2017 10:58

يبدو أن المملكة العربية السعودية ماضية وبسرعة في طريقها نحو التخلي عن ثوابتها التي وضعها مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود، خاصة بعد الهجوم المستمر والسخرية من مجلس الشورى السعودي.

 

وكانت المملكة العربية السعودية شهدت سلسلة تغيرات جذرية تعلقت بعديد من القضايا المجتمعية والاقتصادية والسياسية في الفترة الأخيرة، إذ كان من اللافت وجود بوادر "إعلامية" لهذه التغيرات قبل أن تحصل، ولعلّ أقرب مثال على ذلك موضوع قيادة المرأة للسيارة، والذي ضجّ بها وسائل الإعلام السعودية منذ تولي الملك سلمان سدة الحكم وتعيين نجله محمد بن سلمان وليًا للعهد، ومع مرور الأيام يتخوف السعوديون من المصير الذي قد يحاك بالمجلس الذي تأسس قبل 80 عامًا.

 

ويعتبر مجلس شورى المملكة العربية السعودية ذا صفة سياسية يصعب نقدها، وذلك لكونه أهم هيئة تشريعية في البلاد، كما أن أعضاءه يتم تعيينهم من قبل الملك وهو ما يجعل التعدي عليه أمرًا غير عادي.

 

لكن التوجه الحالي للمملكة بفصل الدين عن الدولة لتغيير الصورة الذهنية السيئة عن السعودية لدى الغرب، كان بمثابة الضوء الأخضر للهجوم على هذه المؤسسة العريقة التي لطالما استمدت قوتها من القصر الملكي.
 

خطوات نحو العلمانية

 

وبدأت خطوات السعودية تجاه ما يسمى بالدولة المدنية عندما أصدر مجلس الوزراء السعودي قرارًا العام الماضي خاص بتنظيم جديد للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحدُّ من صلاحياتها التنفيذية.

 

"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، هيئة رسمية سعودية مكلَّفة بتطبيق نظام الحسبة المستوحى من الشريعة الإسلامية، كما توصف من قبل بعض وسائل الإعلام بـ"الشرطة الدينية"، أو "رجال الهيئة"، وأحياناً "الهيئة" فقط للاختصار.

 

وأعضاء الهيئة كانوا يجوبون الشوارع والمراكز التجارية للتأكّد من ارتداء السيدات والفتيات أزياء "مناسبة بالمجتمع دون عري" كما كانوا يحرصون على إغلاق جميع المتاجر والمحال أثناء مواعيد الصلوات، واعتقال من يشرب المخدرات أو من يمارسون السحر والشعوذة.

 

خطوة صادمة

 

هذه الخطوة بدت صادمة للوهلة الأولى، خصوصًا عند الحديث عن دولة تتمتع فيها المؤسسة الدينية بقوة مؤثرة في المجتمع، لكن إذا كان الأمر متعلقًا بخطة إصلاحية شاملة تقوم بها المملكة فلا صوت يعلو فوق صوت ولي العهد الجديد.

 

ففي يناير الماضي نقلت مجلة فورين بوليسي تصريحات للأمير محمد بن سلمان الذي كان حينها وليًا لولي العهد السعودي، أكد فيها وضع استراتيجية من ثلاثة محاور لتجنب أي رد فعل عنيف من محافظين دينيين معارضين للتوجه الإصلاحي في المملكة.

 

وكتب أحد الباحثين الذين التقى بهم الأمير بن سلمان نهاية العام الماضي أن الأمير - الذي يشرف على أكبر عملية إصلاح للدولة والمجتمع السعوديين- أبلغهم بأنّ إجراءات عقابية سيتم وضعها في الاعتبار إذا أقدم أي رجل دين على التحريض على العنف أو ممارسته كرد فعل على الخطة الإصلاحية.

 

هجوم حاد

 

وأكثر القضايا التي تتشدد فيها القوى الدينية في المملكة هي حقوق المرأة، لكن الملك سلمان بن عبد العزيز حطم أحد ما اعتبر لعقود محرما دينيا، بمنح المرأة الحق في قيادة السيارة، بعد سنوات من الجدل والنضال النسوي لنيل هذا الحق ليكون هذا القرار الثاني على طريق العلمانية.

 

ورغم بساطة الخطوة، فإن حق المرأة في قيادة السيارة في السعودية، يفتح المجال أمام استكشاف معالم المرحلة القادمة لطبيعة علاقة الدولة بالشعب في السعودية، خاصة بعد تعيين الأمير الشاب وليا للعهد.
 

وفور صدور قرار "قيادة المرأة السعودية للسيارة" ضمن حدود المملكة، تصاعدت حدة الهجوم على مجلس الشورى في عدة وسائل إعلام، وبذلك تدير المملكة ظهرها لسمةً بارزةً وهى الشورى التي ضعها الملك عبد العزيز للمساهمة في سن أنظمة المملكة القرآن والسنة.

 

قرارات جريئة لا تناسب المملكة
 

هذا الهجوم كان على عدة صعد وأكثر من اتجاه، فقد وصفته عضوة في مجلس الشورى بأنه "متخلف"، في حين صعدت صحف ووسائل إعلام وكتاب مشهورون هجومهم اللافت على مجلس الشورى، وكيل له العديد من الاتهامات، وصل بعضها إلى التشكيك بما يقوم به أعضاء المجلس واتهامه بأنه "عقبة في طريق التغيير".

 

ومجلس الشورى السعودي برلمان المملكة تأسس بقرار من الملك عبد العزيز، في 20 ديسمبر 1924 تحت اسم "المجلس الأهلي الشوري"، يتكون من 150 عضواً، منهم 30 امرأة، لكنه غير منتخب.
 

بدوره قال المحلل السياسي المتخصص في الشأن العربي، إسماعيل حسني، إن الظاهر من الإدارة السعودية أنها تحكم بالشريعة، إلا أن نظام الحكم فيها لم يقوم على الشريعة الإسلامية بشكل كامل، لكن ، إن القرارات الأخيرة المتعلقة بخطة الإصلاح جريئة ولا تتناسب على الأقل مع المكانة الدينية للأراضي المقدسة.

 

عواقب وخيمة

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن هذا التوجه من السعودية ربما يطبق في دول عربية عديدة خاصة بعدما التيار الإسلامي وعلى رأسه جماعة الإخوان في حكمهم و اصطدام المحافظين من الدعاه مع القيادات السياسه والشارع.

 

وأوضح أن الدولة المصرية خاضت في الفترة الأخيرة معركة مع الأزهر ذو الرمزية الدينية لتجديد الخطاب الديني لم يستجيب بالشكل المطلوب، إلا أن المملكة العربية السعودية فعلت ما لم يفعله الأزهر الشريف.

 

وأكد أن الأمير الشاب محمد بن سلمان يبدو أنه سيحول المجتمع السعودي إلى ما يريد لكنه لابد ان يعلم أنه لن يمر ذلك بسهولة خاصة أن من بايعه هم الوهابيون وفقا لأحكام الإسلام، ولكن الآن الأمر سيختلف لأنه لن يكون له عليهم سمع ولا طاعة لأنهم سيعتبرونه منقلب وفاقد للشرعية.
 

ردود أفعال

 

الناشط السياسي السعودي خالد محمد هابيل، قال إن العلمانية لا تعني فصل الدين عن الدولة كما يروجون للعوام بل هي فصل الدين عن السياسة قائلاً :" الدين طهارة والسياسة نجاسة".

 

وأضاف في تدوينه له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي توتير، أنه لا جديد منذ أن نشأت هذه الدولة وهي علمانية، الدين مفصول تماما عن السياسة، علماء الدين لهم المساجد والحاكم له السياسة".

 

وهاجم الكاتب السعودي الشهير، جمال خاشقجي، في مقال بصحيفة "الحياة" اللندنية، تحت اسم "دكان العلمانية"، ما وصفه بمحاولات كتاب سعوديين إقناع الشارع السعودي بالعلمانية، ونشرهم مقالات حول فضائل العلمانية.

 

وقال خاشقجي: "يريد أصحاب دعوات مطالبة الشعب بتطبيق العلمانية أن يزجوا بتلك الأفكار إلى داخل نظام طبيعته وتركيبته لا تتفق معها، بل إن قليلاً منها يمكن أن يفسد المزاج، ويفقد الدولة أهم مقوماتها وركائزها في الحكم".

 

وتابع قائلا "المملكة (دولة إسلامية) في نظامها الأساسي للحكم، الذي يعادل الدستور عند غيرها، وفي تاريخها وأسباب وظروف نشأتها، وأقصى ما تستطيع فعله للحفاظ على كيانها هو أن تجتهد في فقه الإسلام الذي تمضي عليه، أما أن تستبدل (أيديولوجيا) التأسيس والاستمرار والبقاء ببعض من العلمانية فهذه مخاطرة.

 

الكاتب حسين شبكشي كتب في صحيفة عكاظ، قائلاً في مقال بتاريخ 2 أكتوبر 2017 "المجلس بحاجة ماسة إلى أن يكون مطبخاً حقيقياً للقرارات والتشريعات التي تسد الفجوة والهوة المطلوبة في السعودية في مجالات عديدة، وتحث على تكريس دولة المؤسسات والنظام النافذ، وتعميق مفهوم المواطنة العادلة والكاملة والشاملة".

 

أما الكاتب على الشريمي فقال في صحيفة الوطن أونلاين السعودية: "يبدو أن سلم الأولويات والاهتمامات والمشاكل التي يعاني منها المواطن أبعد ما تكون عن مزاج وتفكير ومخططات وبرامج وقوانين بعض أعضائه (المجلس)، فلم نجد في الوضع الحالي ولا في الأفق البعيد ما يشير إلى أن بعضهم له علاقة بالمواطن، فالعلاقة الوحيدة التي يهتمون بها هي علاقتهم ببقاء صورهم الذهنية في أعين الناس ناصعة البياض...".

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان