مشهد استرجعته الذاكرة الآن؛ تعود تفاصيله لشهر مارس من العام 2017، حينما أهل عبد المحسن سلامة ضيفاً بموقع (مصر العربية)، قبل فوزه بمنصب نقيب للصحفيين، جاءت زيارته فى إطار الجولات الدعائية للمرشحين، وفتحت مصر العربية أبوابها على مصراعيها له.
وقتها، دعا عادل صبرى رئيس تحرير مصر العربية، جميع صحفيى الموقع للحضور فى قاعة الشهيدة ميادة للاستماع لبرنامج "عبد المحسن" وتغطيته، وقتها أطلق المرشح على منصب النقيب العديد من الوعود التى أحيت آمالا في نفوس بعضهم، كان على رأسها عدم تركه لأى زميل يحبس فى قضية نشر.
وجاء نص كلماته التى سجلتها عدسات "مصر العربية" : "مش هنسيب زميل متهم فى حرية رأي .. متهم فى جريمة نشر.. لن نترك زميلا..وسنكون سنداً وعوناً له حتى النهاية.. وهنطلع قانون حرية تداول المعلومات.."إلى آخر حديثه الذى أكد فيه على احترام حرية الصحافة والصحفيين.. وكان حينها يجلس إلى جواره عادل صبرى رئيس تحرير الموقع الذى أطلق منه عبد المحسن وعوده.
مرت الأيام والشهور وحان آوان الاختبار إن كانت مجرد كلمات رنانة تطلق فى الهواء لكسب متعاطفين، أم أنه سيثبت للجميع مدى صدق كلماته والتزامه بها، بعدما بات رئيس تحرير مصر العربية، حبيساً منذ أيام وأغلق موقع مصر العربية، الذى كانت عدساته شاهدة على تلك الوعود فهل يفى بها النقيب اليوم؟
طيلة الأيام القليلة الماضية تسارعت وتيرة الأحداث، وتحول خلالها الصحفيين لمادة خبرية ما بين غرامات فرضت على مصر العربية والمصرى اليوم بلغت حصيلتها 200 ألف، على خلفية نشر تقارير تطرقت لمسألة الحشد فى الانتخابات الرئاسية، انتهت بتشميع موقع مصر العربية والقبض على رئيس تحريره عادل صبرى.
ونسبت وزارة الداخلية و النيابة تهم عدة لصبري ، بدأت بعدم الحصول على ترخيص رغم وجود كافة الأوراق والاطلاع عليها من جانب الأجهزة المختلفة فى الدولة، ولم يكن هناك مبرراً لحبسه لينته الأمر بتوجيه اتهامات أخرى.
أما المصرى اليوم فغادر رئيس تحريرها موقعه وجاء آخر بدلاً منه، ووسط تفاصيل كثير وبعد أيام حملت أحداث وثيقة الصلة بصاحبة الجلالة، ينعقد غداً اجتماع مجلس النقابة ليكون أمامه ملفاتٍ عدة جميعها تتعلق بقضايا نشر وحريات فهل يلتفت لها؟
فى البداية أوضح محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، بأن أولوياته هو ومجموعة من الزملاء أعضاء المجلس محددة، قائلاً: ننوى التطرق فى البداية لمناقشة الهجمة التى تمارس ضد الصحافة وحرية الرأي والتعبير، والتى أسفرت مؤخراً عن إغلاق مصر العربية كمقر، وسجن الزميل عادل صبرى، وتداعيات ما جرى فى المصرى اليوم.
ولفت إلى أن المشكلة تكمن فى عدد من يتبنوا هذا الطرح من أعضاء المجلس، قائلاً: هم قلة قوامها 5 أشخاص، وأوضح أن هناك بياناً معد سلفاً سيتم فى حالة عدم الاستجابة، عرضه على الجمعية العمومية، قائلاً: سيحدث هذا إن لم يخرج مجلس النقابة بموقف واضح وصريح، وقتها سنعلم الجمعية العمومية أن المجلس غير قادر على اتخاذ ما يلزم تجاه تلك الهجمة.
وتابع:" لو لم تتحرك الجمعية العمومية خوفاً على مصالحها الصحفيةيبقى محدش يطلب مننا بعد كده اننا نحارب لوحدنا".
ومن ناحية أخرى؛ تواصلت مصر العربية مع نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة، الذى أكد أنه فيما يتعلق بحبس عادل صبرى، رئيس تحرير الموقع، أن النقابة ستدعمه بكافة السبل القانونية، قائلاً: سنقف وراءه بكل ما تملكه النقابة إلى أن يخرج سالم غانم ويعود لأسرته.
وتابع عبد المحسن: "فيما يخص الزملاء فلم ولن نتأخر يوماً عنهم، ولكن كل ما فى الأمر أننا نتحرك فى الإطار القانونى المعهود، ونقوم بكل ما يمكننا فعله من خلال تقديم كافة وسائل الدعم وتسهيلات لهم ومساعدتهم فى كافة المشاكل القانونية".
وأضاف أنه فيما يتعلق بالمصرى اليوم فقد تم حل مشكلتهم بأقل أضرار ممكنة،موضحا أن فكرة وجود غرامة وإحالة التحقيق للنقابة كلها أمور طبيعية للغاية، متمنياً أن يكون هذا مسلكاً طبيعياً فى كل الإجراءات، ولفت إلى أن مشكلة مصر العربية، تكمن فى عدم إحالتها للتحقيق من خلال النقابة ، قائلاً: هذا ما نطالب به فى قضايا النشر عموماً.
وأكد أنهم يطالبون بأمرين فى قضايا النشر الأولى تتعلق بإلغاء الحبس، والثانية أن يكون التحقيق داخل البيت النقابى، قائلاً: هذا هو هدفنا وما نريد التركيز عليه، فنحن نقوم بكل ما يمكننا القيام به خلال هذه الفترة وسنظل مساندين لهم لحين انتهاء كل الأمور المعلقة الخاصة بهم.
وعن هذه الملفات إن كان سيتطرق لها المجلس فى إجتماعه غداً قال عبد المحسن: هى موجودة بشكل دائم ولم تكن غائبة وعلى مائدة البحث .
قضايا عدة باتت تهدد حرية الصحافة والصحفين ظهرت بوادرها خلال الفترة الماضية، بقرارين من النائب العام يطالب من خلاله بتتبع وسائل الإعلام وما يبث خلالها من شأنه تكدير الأمن القومى، فكلف فى قراره الأول المحامين العموم، والمؤسسات المسئولة عن الجماعة الصحفية، وفى القرار الثانى خاطب المواطنين بطرح أرقام.
أعقب هذين القرارين بفترة وجيزة وعقب انتهاء الانتخابات الرئاسية، قرارين آخرين من المجلس الأعلى للإعلام، برئاسة مكرم محمد أحمد الأول متعلق بتغريم المصرى اليوم 150 ألف جنيهاً، لنشر تقرير تطرق عن حشد الدولة فى الانتخابات.
وطالب القرار ايضاً بإحالة رئيس التحرير والصحفيين الذين حرروا الخبر للتحقيق بالنقابة، ونشر اعتذار، أما قرار الأعلى للإعلام الثانى فكان من نصيب موقع مصر العربية بتغريمه 50 ألف جنيهاً بعد نشر تقرير مترجم عن صحيفة أجنبية واسعة الانتشار وهى النيويورك تايمز يتحدث عن الحشد الانتخابى ايضاً، ورغم نسب التقرير لمصدره إلا أن الأعلى للإعلام رآى أنه كان يجب التدخل بالرآى أو التحقق.
وبعد يومين من قرارات التغريم، وتحديداً الثلاثاء الماضى ، داهمت مباحث "المصنفات" موقع مصر العربية، وبعد نحو 5 ساعات من فحص أجهزة الكمبيوتر ولم تجد شيئا، ثم قالوا انهم حضروا لتحصيل غرامة الـ 50 ألف، رغم أنها ليست جهة تنفيذ لها، ثم قررت غلق الموقع واقتياد رئيس التحرير عادل صبري إلى قسم الدقي بتهمة عدم وجود تصريح من الحي.
وفي صباح الأربعاء 3 أبريل تم اقتياد عادل صبري إلى النيابة، وفي صباح نفس اليوم أصدرت وزارة الداخلية بياناً جاء في نصه:"الإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية تتمكن من ضبط رئيس تحرير موقع مصر العربية الإلكتروني لقيامه بإدارة الموقع بدون ترخيص بالمخالفة للقانون".
كما شهدت الفترة الماضية أيضاً حجب موقع المنصة لتطرقه للانتخابات الرئاسية والوفد الذى كان يتواجد هنا بمصر.