تناول بيان الحكومة المصرية الذي عرضه المهندس شريف إسماعيل على مجلس النواب، خطوط عامة لأوضاع الثقافة المصرية حول بناء منظومة قيم ثقافية فى المجتمع المصري، تحترم التنوع والاختلاف، وعدم التمييز وتستهدف تمكين المواطن المصري، من الوصول إلى وسائل اكتساب المعرفة، وإدراك تاريخه وتراثه الحضاري، لتكون الثقافة أساسًا لقوة مصر الناعمة إقليميًا وعالميًا.
على الرغم من أن البيان لم يتجاهل الثقافة إلا أنه همشها على حد وصف بعض المثقفين الذين كانوا يتمنون أن تخصص الحكومة فصًلا كاملًا للثقافة ﻷهميتها التي ﻻ تقل أهمية عن الجانب الاقتصادي أو السياسي أو الأمني، مطالبين الحكومة بأن تعيد حسابتها مع الثقافة، وهو ما نرصده في التقرير التالي.
فوصف القاص سعيد الكفراوي أن أي مشروع سياسي تتبناه أي دولة من الدول ويخلو من رؤية ثقافية هو مشروع "ناقص" على كل مستوياته الاقتصادية والاجتماعية، وذلك ﻷن الرؤية الثقافية تحدد دور البلد، واختيارتها تعطي ملامح أساسية لمشروعها بالكامل.
وأشار الكفراوي في تصريح خاص لـ"مصر العربية" أن الثقافة والفن أُطلق عليها القوى الناعمة ﻷنها القوى التي تستدعي التنوير والفكر، وينطوي تحت علمها "التعليم"، ولكننا تعودنا طوال تاريخنا إغفال وتجهيل الثقافة، ومن هنا شاعت عبر الـ60 عامًا الماضية كل أنواع التجاوز والمصادرة والاعتقال واحتجاز العقول، وهو ما جعل مصر لا تستطيع تحقيق طفرة حقيقية بسبب اعتقالها للثقافة.
وأوضح الكفراوي أن مصر عبر أنظمتها السياسية المتعددة ﻻ تزال مصرة في قوانينها ومشاريعها اعتقال الثقافة، وهو ما سيجعلنا نظهر كأننا أمة ضد المعرفة، نستدعي الماضي وقيمه ونعيش به، مؤكدين غياب العقل والفعل، وذلك ﻷن الثقافة سعي للمعرفة وانفتاح على حرية الشعوب وتحقيق مستقبل آمن.
وقال الدكتور مدحت الجيار، أستاذ النقد الأدبي، أن الحكومات المتوالية والأحزاب ﻻ تضع الثقافة كهدف لديها ﻷنها مشغولة بالوضع الاقتصادي والمشكلات السياسية التي وقعت بعد 25 يناير، وكذلك مشغولة بالغذاء والصحة والتعليم، وبالتالي تأتي الثقافة في ذيل القائمة.
وأهاب الجيار بالحكومة المصرية الحالية أن تعيد حسابتها مع الثقافة وأن تجعل اهتمامها بالثقافة اهتمام كبير وموسع، ﻷن الثقافة يمكن أن تساعد السياسية في تحقيق أهدافها.
واستنكر محمد عبلة، الفنان التشكيلي، فكرة إن الحكومة غير مدركة ﻷهمية الثقافة، والبيان كله كلام إنشائي جميل، ولكن ﻻ توجد ، طريقة واضحة ﻵلية التنفيذ ولا توجد خطة عملية.
وأكد عبلة أن مصر لن يتم التسويق لها اقتصاديًا أو عسكريًا، والحل الوحيد للتسويق لمصر لعودة مكانتها الريادية هو الثقافة والفن، وهو الأمر المتوفر في يد الحكومة بالفعل ولكنها لا تُدرك أهميتها.
ووجه عبلة رسالته إلى الحكومة المصرية بضرورة الإهتمام بالشباب وإعطاءهم فرصة للتعبير عن رأيهم، وإعادة تأهيل موظفي وزارة الثقافة، حيث أنهم ﻻ يستطيعون مواكبة العصر، والشباب هو الوحيد القادر على التعبير عن نفسه.
ووصف أحمد عبد المعطي حجازي الشاعر والناقد الثقافة بأنها نشاط أساسي، ومهم للغاية في حياتنا اليومية مثله مثل الجانب الأمني، الاقتصادي، والسياسي.
وأشار الشاعر جمال القصاص أن الحكومات المتعاقبة ﻻ تهتم بالثقافة وﻻ تعتبرها طرف ضروري، بينما ما يواجه المجتمع المصري وخاصة الجانب الأمني بحاجة إلى الثقافة ﻷنها هي الموجودة في وجدان
الجمهور وهي العنصر الوحيد القادر على لعب دور للتخلص من سلبيات المجتمع ﻷنها تمثل ذاكرة الأمة.
وشدد القصاص على ضرورة النظر لمستقبل البلد بشكل صحيح وتولي الثقافة العناية المطلوبة، فهي ظاهرة حرة وذاتية لها استقلاليتها، كما تشتبك في كل جوانب الحياة.
وتابع القصاص أنه على الحكومة الوعي بأهمية الثقافة وعدم مصادرتها والتضييق عليها، ﻷنها فعل حر، يجب أن تضعه الحكومة نصب أعينها،وأن ﻻ تهمشها.
اقرأ أيضًا:-