رئيس التحرير: عادل صبري 10:31 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

نجيب سرور.. فارس آخر الزمان

نجيب سرور.. فارس آخر الزمان

ميديا

الشاعر نجيب سرور

نجيب سرور.. فارس آخر الزمان

كرمة أيمن 01 يونيو 2014 16:32

"الأبطال.. بمعنى الكلمة.. ماتوا ولم ينتظروا كلمة.. ما دار بخلد الواحد منهم.. حين استشهد أن الاستشهاد بطولة.. أو حتى أن يعطي شيئًا.. للجيل القادم بعده.. فهو شهيد لا متفلسف.. ماذا يتمنى أن يأخذ.. من أعطى آخر ما يملك.. في سورة غضب أو حب ؟؟".

 

تلك هي الكلمات التي وصف بها الشاعر نجيب سرور أبطال مصر الذين ناضلوا من أجل الحرية والكرامة.

 

لقب الشاعر نجيب سرور الذي نحتفل اليوم بذكرى مولده الثانية والثمانين بـ"شاعر العقل"، و"فارس آخر الزمان" والأخير هو عنوان سيرته الذاتية التي مات قبل أن يكملها.

 

ولد نجيب سرور في 1يونيو عام 1932 بقرية فلاحيـة صغيرة، بعيدًا عن أي رعاية حكومية.

 

أسهمت المواد العلمية التي تلقاها سرور من أدب وشعر وتاريخ وفلسفة، في المرحلة الثانوية، في خلق شاعر وفنـان يتحدى الظلم والاضطهاد، ومن هنا بدأ نضاله بالكلمة، واتخذ من الشعر وسيلة.

 

فكانت ولادة الشاعر المناضل الفتي الذي سرعـان مـا ظهرت مواهبه الفنية الأخرى، فالشعر كلمـة سهلة التكوين وسريعة الوصول، والمسرح هو الفضاء الآخر الأكثر رحابة وتأثيرًا  في حياة الناس.

إدراك نجيب أهمية عالم المسرح بالنسبة لقضيته الأولى، النضال من أجل كشف الحقيقة سعيًا للحرية والعدالة، جعلته يترك دراسته الجامعية في كلية الحقوق قبل التخرج بقليل والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

 

بدأت البذور الثورية تنبت بداخله، عندما وجد الإقطاعيين يعاملون الفلاحين بقسوة، وعبر عن هذا بقصيدة كتابها بعنوان "الحذاء" يروي فيها ما تعرض له والده من مهانة وضرب أمام عينه من عمدة القرية الذي سماه نجيب "الرب" وكان جشعًا ظالمًا يتحكم في أرزاق الفلاحين وحياتهم.

 

بداية النضال

انخرط نجيب سرور في العمل السياسي بانضمامه إلى جماعة حدتو الشيوعية "الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني"، وفي سنة 1959 سافر الشاعر في بعثة حكومية إلى الاتحاد السوفييتي وهناك أفصح عن انتمائه الشيوعي فأثار ريبة الشيوعيين من ناحية وحفيظة زملائه في البعثة من ناحية أخرى.

 

 وبعد أن ألقى خطبة نارية ضد النظام القامع في مصر والأردن، انتهى به الأمر إلى إلغاء بعثته وسحب جواز سفره المصري وعانى من ظلم النفي والملاحقة.

 

وعقب البيانات التي ألقاها نجيب ضد النظم الديكتاتوري، لقي دعم الشيوعيون من بلدان الشرق الأوسط، الذين أحاطوه بالمحبة والدعم وساعدوه بالتعاون مع إدارة الجامعة لحل مشكلة المنحة الحكومية المسحوبة وإبقائه في المغرب بمنحة حزبية أممية.

في المغرب كتب نجيب دراسات نقدية ومقالات ورسائل وقصائد نـُشر بعضها في مجلات لبنانية أما ما لم ينشر عند كتابته فقد جمع بعضه فيما بعد ونشر بواسطته عدد من أصدقائه بعد وفاته وترك الآخر كما هو في مكتبة بيته. منها "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ، أعمال شعرية عن الوطن والمنفى".

 

عاد نجيب سرور 1964 إلى مصر بعد ست سنوات قضاها بعيدًا عن الوطن ما بين موسكو وبودابست عانى فيها الشاعر مرارة الحرمان والبعد عن الوطن إلى أن سمح له بدخول مصر واسترداد جواز سفره وجنسيته ولكن لم يسمح لزوجته الروسية ولا لابنه بالدخول.

 

وكان سرور شاهدًا على ما مرت به مصر، وساهمت في تكوين شخصيته النضالية، فعاصر انطلاق ثورة يوليو والعدوان الثلاثي على مصر، ووحدة مصر وسوريا ثم انفصالهم، وكذلك بطش المخابرات المصرية بالطلبة.

 

وفي عام 1964 كانت مخابرات صلاح نصر في أوج سطوتها فكان من الطبيعي أن يحل نجيب سرور ضيفًا على زنازين صلاح نصر فيعذب وينفخ ويصلب وتمارس عليه كل أنواع التعذيب التي أبدع نصر في ابتكارها، ومع ذلك كانت بصمة سرور على الحياة الثقافية في مصر واضحة للعيان؛ فشارك في الحياة الثقافية شاعرًا وناقدًا وباحثًا وكاتبًا مسرحيًا وممثلًا ومخرجًا حتى أصبح أحد أعلام المسرح العربي المعاصر.

 

ومع صمود نجيب سرور، واستخدم إبداعه وكلمته في حربه ضد الظلم، ترك الأمن المصري الحبل على غاربه لنجيب بعد أن وجد صلابة هذا الفلاح المصري المثقف لن تفت في عضدها زنازين صلاح نصر إلى أن تجاوز نجيب سرور الخط الأحمر.

حين وقف أمام مجازر الملك حسين بحق الفلسطينيين عام 1971 بكتابة وإخراج مسرحية بعنوان "الذباب الأزرق" سرعان ما تدخلت المخابرات الأردنية لدى السلطان المصرية لإيقافها، ومن هنا بدأت مواجهة جديدة بين الأمن المصري ونجيب سرور انتهت بعزله وطرده من عمله ومحاصرته ومنعه من النشر ثم اتهامه بالجنون.

 

وفي مستشفى الأمراض العقلية عانى من التعذيب البدني أيضًا ما أدّى إلى تدهور حالته الصحية حيث عانى من أمراض الكبد والسكر وارتفاع ضغط الدم بل وانحدر تدريجيًا إلى العمى، وفيها وضع ديوانه "ال.. أميات" وهو أشهر ما كتبه الشاعر، نظرًا للوضع الذي كتب به، مما يجعله أشبه بصرخة يائسة من روح تنوءُ تحت وطأة الظلم.

 

جزء من ديوان "أميات":

ما عدش غير دمي يلا سيحوا دمي

أنا صليبي تعب يا مصر من كتفي

أنا أبويا اتقتل يا مصر بعد أمي

وأنا كمان هاتقتل ولاّ هاموت منفي

 

أنا عارف أنى هموت في عمر الورد

وساعتها هيقولو لا قبله ولا بعده

وبطانة بتقول ياعيني مات في عمر الورد

وعصابة بتقول خلصنا منه مين بعده؟

 

عقود عمل ع القفا بس العمل بره
هاجر وسيب البلد مفروشه للغربان
يعنى يا إما السجون يا الشنق يا الهجرة
يا إما تهمه جنون يا العيشة ع الصلبان

 

مشواره الإبداعي:

بدأ نجيب سرور حياته الفنية والأدبية والسياسية عند عودة إلى مصر عام 1964 والتي استمرت قرابة الأربعة عشر عامًا حتى وفاته.

 

كتب مسرحية "ياسين وبهية" عام 1964؛ لتصور مأساة الفلاح المصري وأخرجها كرم مطاوع، وقدم "آه يا ليل يا قمر"؛ لتتناول نضال الشعب ضد الاستعمار، وقدم "قولوا لعين الشمس" عن أزمة المثقف المصري بعد نكسة يونيو، وكتب "يا بهية وخبرينى، الكلمات المتقاطعة، الحكم قبل المداولة، الذباب الأزرق، منين أجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه" التي قدمت على مسرح السامر.

 

أغلب أعماله الشعرية كتبها فرادى خلال فترات متباعدة ثم جمعها في دواوين أو مجموعات، منها "التراجيديا الإنسانية"، "لزوم ما يلزم"، "عن المنفى والوطن"، "بروتكولات حكماء الريش، حذاء"، و"أفكار جنونية من دفتر هاملت".

 

استمر إنتاج نجيب سرور حتى وفاته، 24 أكتوبر 1978،فقد كتب ديوان الطوفان الكبير وديوان فارس آخر زمن عام 1978 ولكنهما لم ينشرا حتى صدرت أعماله الكاملة في العام 1997.

 

اقرأ أيضًا:

 

اتحاد الكتاب العرب: الأنظمة الظالمة تحارب الإبداع الفكري

بانوراما شهداء مصر.. إبداع الميدان يواجه "خريف الثورة"

ذكرى-أمل-دنقل-بقصائد-لم-تنشر">هيئة الكتاب تحيى ذكرى أمل دنقل بقصائد لم تنشر

لا تصالح.. وصية أمل دنقل في ذكراه

لإحياء النكبة.. فلسطينيات يحتفلن على أنغام الدبكة بالقاهرة

الوجهة فلسطين.. ستظل بيتي ومنفاي

ذكرى-نكبة-فلسطين">لم يذهب مع الريح.. في ذكرى نكبة فلسطين

مكاوي.. مسحراتي المزاج والصهللة

الناقدة جهينة خطيب: أغلب شعراء القضية الفلسطينية من عرب 48

صلاح چاهين تجاوز حد الزمن

888 عامًا.. ومازلنا نبحث عن ابن رشد

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان