تمكن أزهر جرجيس الكاتب والمترجم العراقي المقيم في النرويج من الوصول إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، بروايته "النوم في حقل الكرز"، ليتنافس ضمن 16 رواية عربية.
حاور موقع "مصر العربية" صاحب "فوق بلاد السواد - قصص وحكايات ساخرة"، وكتاب "صانع الحلوى"، للحديث حول روايته المنافسة في الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، للحصول على تعليقه حول كثير من القضايا خاصة ما يحدث في بلاده العراق من مظاهرات منذ بداية شهر أكتوبر ، ضد الفساد وضعف الخدمات.
وإلى نص الحوار...
انطلاقا من مباركتنا على الوصول إلى القائمة الطويلة للبوكر، ما شعورك تجاه هذا؟
وصول رواية " النوم في حقل الكرز" الصادرة عن دار الرافدين للنشر، إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية جعلني أشعر بالسعادة وأطمح بوصول الرواية إلى ما هو أبعد من القائمة الطويلة للبوكر.
ماذا تمثل لك الجوائز الأدبية.. وجائزة البوكر تحديدًا؟
الجوائز الأدبية تثري التجارب الأدبية، بالإضافة إلى أنها تمنحها أشرعة الوصول نحو الضفة الأخرى، و الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" هي الجائزة الأبرز من بين كل الجوائز الأدبية.
حدثنا بشيء من التفصيل عن روايتك المنافسة في الجائزة العالمية للرواية العربية "النوم في حقل الكرز"؟
هي رواية تفتح ذاكرة الفقد في حياة سعيد مردان، بطل الرواية، المهاجر العراقي الذي يحلم بمعرفة مصير أبيه وتعليق صورته على الجدار. يتلقى بعد سنوات طويلة من العزلة في المنفى، رسالة من فتاة تعمل مراسلة صحفية في بغداد تدعوه للعودة الفورية إلى هناك. تشكل الرسالة منعطفًا مهمًا في سير أحداث "النوم في حقل الكرز"، وتمنح البطل مغامرة خطيرة يكتنفها الكثير من المفاجآت.
كيف ترى وتقيم الأدب الخاص بوطنك العراق في الوقت الحالي؟
عُرف عن العراق بأنه موطن الشعر، حتى قيل بأن عليك أن تكون عراقيًا لتكون شاعرًا، لكن السنوات الأخيرة شهدت تميزًا ملحوظًا في مجال السرد، سيما القصة القصيرة والرواية. وهذا برأيي عائد إلى التعافي النسبي لحرية التعبير في العراق، والذي مكّن الأدباء أخيرًا من تدوين حكاياتهم عن الحرب والجوع والظلم والاضطهاد.. تلك الحكايات التي كان الخوض فيها ذات يوم مدعاة للتعليق على المشانق.
ما بين الكتابة في الرواية والقصص والعمل بالترجمة.. إلى أيهم يميل قلم أزهر جرجيس؟
أنا مغرم بكتابة القصص القصيرة، سيما الساخرة منها، كما أحب عملي في حقل الترجمة، لكني أجد في كتابة الرواية متعة كاملة الدسم. فهذا الجنس الأدبي فضلًا عما يوفره من مساحة شاسعة للتعبير، فإنه يسمح لي بخوض صراعات لست قادرًا على خوضها في أرض الواقع.
إذا كان لكل كاتب هدف من أعماله.. فما هو هدف الكتابة لدى أزهر جرجيس؟
الكتابة بشكل عام هي فعل جمالي لا حاجة إلى تبريره، لكني أستطيع الادعاء بأن الكتابة، بالنسبة لي على أقل تقدير، مؤشر جيد لوجود حياة معاشة. ما هو هدفي من الكتابة؟ لا هدف في الحياة سوى أن أبقى كائنًا كاتبًا.. هذا يكفيني لعيش حياة سعيدة.
هل هناك مشاريع أدبية جديدة تعمل عليها الآن؟
نعم هناك مشروع رواية أعمل عليه منذ عام تقريبًا.
كيف ترى المشهد العراقي الحالي.. وما يجرى على أرضه من انتفاضات؟
يشهد العراق منذ الأول من أكتوبر احتجاجات كبيرة سقط فيها الآلاف من الضحايا، وما زالت السلطة هناك تماطل في تنفيذ مطالب المحتجين. الغريب في الأمر أن العالم يقف موقف المتفرج على ما يجري في بغداد والمدن الأخرى، وكأن قدر العراقي أن يواجه مصيره وحيدًا، دون كلمات شجب على أقل تقدير!
ما تعليقك على طريقة تعامل الأمن مع المتظاهرين؟ وما هي توقعاتك للمرحلة القادمة؟
في الواقع، لا أستطيع التكهن بالمستقبل، لكني أعول كثيرًا على عناد الشباب المنتفضين ووعيهم الملفت، والذي رغم كل ما يُرتكب بحقهم من ممارسات عنفية وجرائم، ظل ممانعًا على الانتكاس والانجرار نحو الصدام المسلح.
وكيف يمكن أن يؤثر الأدب والفن في ظل تلك الظروف؟
في الظروف الطبيعية تمنح الآداب والفنون المجتمعات عقال الوعي وتحصن الأفراد من السقوط في منحدر الرثاثة، لكن ماذا تفعل هذه الآداب والفنون في قبال ماكنة موت رهيبة يقودها ساسة فاسدون وقتلة؟! وماذا ينبغي للمثقف فعله حين يُحقن المجتمع بأيد الطائفية والتشرذم؟! أظن المسألة إشكالية بعض الشيء، سيما حين نحمّل المفاهيم فوق طاقتها.