في معظم البيوت يعد التلفاز شيئًا أسياسيًا لا استغناء عنه، ولكن ربما لا يعرف الكثيرون قصة هذا الاختراع الذي عرفته البشريه في أواخر القرن الماضي، الذي أعدت له الأمم المتحدة يومًا عالميًا للاحتفال به في 21 نوفمبر من كل عام.
أولى محاولات الاختراع
في عام 1884 كانت أولى محولات اختراع التلفزيون في ألمانيا على يد "بول نيبكو"، إذ حاول صنع آلة خام تنقل الصورة، وهي عبارة عن قرص ميكانيك دوار بفتحات صغيرة منظمة في شكل حلزوني، عندما يتم تسليط الضوء عليها يتسرب الضوء من الفتحات ليعطي إحساسًا سريعًا بحركة الصورة المسجلة على هذا القرص، إلا أنه لم يتمكن إلا من تصميم آلة تحليل الصور عبر الأثير.
وبعد ثمانية أعوام جاء كارل فارديناند بروان، ليخترع الأسطوانة الكاتوديكية، التي تعد أهم مكون للتليفزيون، ولكن لم يكتمل الاختراع إلا على يد العالم الفرنسي إدوارد بيلين عام 1921، بعدما أجرى عدة محاولات لنقل الصورة عبر موجات ضوئية.
اكتمال الاختراع
في حين قام مواطنه كارل فارديناند براون بعد ثمانية أعوام باختراع "الأسطوانة الكاتوديكية"، وهي أهم مكون للتلفزيون، لكن القصة لم تكتمل إلا على يد عالم فرنسي يدعى ادوارد بيلين عام 1921، حيث قام بمحاولات تغيير نقل الصورة عبر موجات ضوئية.
واستمرت المحاولات حتى جاء العالم جون لوجي بيرد، عام 1926، الذي استطاع أن ينقل أول الصور التلفزيونية.
استطاع هذا الاختراع الجديد أن يجذب الحكومات والمخترعين، في ظل تطور هذه التقنية الجديدة بشكل سريع، حتى أن أولى بدايات التلفزيون الملون ظهرت في عام 1928 على يد العالم السوفييتي هوفانس آداميان في لندن، إلا أنه لم يتم تكريسها حينها.
وظل العالم يشاهد التلفزيون الأبيض والأسود، الذي بات مطروحًا في الأسواق منذ عام 1931، على يد المهندس الفرنسي "هنري دي فرانس"، الذي أسس الشركة العامة للتلفزيون في فرنسا.
وبدأ عرض أول برنامج تلفزيوني بشكل محدود، كانت مدته ساعة واحدة في الأسبوع، ثم بدأ البث لمدة أطول، وصولا إلى البث اليومي بدءًا من 4 يناير عام 1934 في فرنسا.
الأقمار الصناعية والألوان
بمرور الوقت دخلت أوروبا على خط تطوير اختراع التلفاز، وبدأ التنافس الأوروبي على تطوير هذا الاختراع، فتحول البث من محلي إلى بث بالأقمار الصناعية عام 1962 بين أوروبا وأميركا، ثم تطورت الشاشات وأحجام التلفاز وظهرت الألوان وتعددت القنوات.
وبمرور الوقت ومع التطور المتلاحق لهذه التنقية، بدأ يختفي التلفزيون كبير الحجم، وظهرت الشاشات الرفيعة والتي تحتل معظم المنازل حاليا.
التلفزيون في العالم العربي
أما العالم العربي فقد عرف التلفزيون لأول مرة في العراق عام 1954، حين تم إنشاء أول محطة تلفزيونية ناطقة باللغة العربية في العالم، وتلتها الجزائر بافتتاح قناة التلفزيون الجزائري عام 1956، ثم عرفته لبنان عام 1959، وعرفته مصر عام 1960، ومن بعدها الكويت.
وهكذا بدأ وتطور ذلك الاختراع أو كما وصفه البعض بـ"صندوق العجائب" الذي غير حياة البشرية، وأثر في توجهات وعادات وتقاليد وفكر وثقافة الشعوب والمجتمعات.
الاحتفال به عالميا
واعترافا بتأثير التلفزيون المتزايد في صنع القرار، من خلال لفت انتباه الرأي العام إلى المنازعات والتهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن، ودوره المحتمل في زيادة التركيز على القضايا الرئيسية الأخرى، بما في ذلك القضايا الاقتصادية والاجتماعية، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 نوفمبر يوما عالميا للتلفزيون.
ففي يومي 21 و22 نوفمبر عام 1996، عقدت الأمم المتحدة أول منتدى عالمي للتلفزيون، حيث التقى كبار شخصيات وسائط الإعلام تحت رعاية الأمم المتحدة لمناقشة الأهمية المتزايدة للتلفزيون في عالم اليوم المتغير، وللنظر في كيفية تعزيز تعاونهم المتبادل.
وقد جاء هذا الحدث بوصفه اعترافا بالتأثير المتزايد للتلفزيون في عملية صنع القرار، وهو ما عنى الاعتراف بالتلفزيون كوسيلة أساسية في إيصال المعلومة إلى الرأي العام وإيصاله والتأثير فيه، ولا يمكن انكار أثره في السياسة العالمية وحضوره.
ومنذ ذلك الحين قررت الجمعية العامة اعتبار يوم 21 نوفمبر يوما عالميا للتلفزيون، احتفالا بذكرى اليوم الذي انعقد فيه أول منتدى عالمي للتلفزيون.
وتقول الأمم المتحدة، عبر موقعها الرسمي الإلكترونين إنه اليوم العالمي للتلفزيون ليس احتفاء بأداة بقدر ما ما هو احتفاء بالفلسفة التي تعبر عنها هذه الأداة، فقد غدا التلفزيون رمزا للاتصالات والعولمة في العالم المعاصر.
ويهدف تخصيص يوما عالميا للاحتفاء بالتلفاز، أن تشجع دعم جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، لتبادل العالمي لبرامج التلفزيون، مع التركيز على جملة أمور منها قضايا السلم والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز التبادل الثقافي.
ويسلط هذا الويم الضوء على الروابط القائمة بين وسائل الإعلام الإذاعية وليس فقط التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولكن أيضا للديمقراطية ككل، إذ أن التلفاز لا يوفر لنا معلومات حيوية عن عالمنا فحسب، بل يساعد على تقوية الديمقراطيات عن طريق إيصال هذه المعلومات مباشرة إلى أيدي الناس.
ساعات البث في مصر
وعلى صعيد الاحتفال باليوم العالمي للتلفزيون، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن إجمالي عدد ساعات البث المرئي لكافة قنوات التليفزيون ( القنوات الرئيسية – الفضائية المصرية – القنوات الإقليمية – قنوات النيل المتخصصة – القنوات الإخبارية ) بلغ 170.3 ألف ساعة عام 2018/2019 مقابل 169.3 ألف ساعة عام 2017/2018 بنسبة زيادة 0.6 %.
وأوضح الإحصاء، في بيان اليوم الخميس بمناسبة اليوم العالمي للتليفزيون، أن المجـال الاجتماعي استحوذ على النـصيب الأكـبر في عـدد ساعات الإرسال عام 2018/2019 ليبلغ 39 ألفا و903 ساعات بنسبة 23.4 % من إجمالي عدد الساعات بمتوسط 109 ساعات يومياً، يليه الـمجال الترفيهي 23 ألفا و960 ساعة بنسبة 14 % بمتوسط 65.4 ساعة يومياً، ثم المجال الثقافي 22 ألفا و697 ساعة بنسبة 13.3% بمتوسط 62.1 ساعة يومياً .
وأضاف البيان أن المتـوسط اليومي لـساعات الـبـث المرئي بالقـنوات الرئيسية والإقليمية (الأولي ، الثانية ، القاهرة، القنال، الإسكندرية، الدلتا، الصعـيد، طـيبة)بلغ 152 ساعة يـومـيا عام 2018/2019.
وكشف أن إجـمالي عـدد ساعـات بـث قـطـاع التـليـفزيـون (القناة الأولي – القناة الثانية – الفضائية المصرية - الفضائية الموجهة لأمريكا- تايم سبورت) بلغ 35.8 ألف ساعة عام 2018/2019 مقابل 34.7 ألف ساعة عام 2017/2018 بزيادة 3.2 % حيث تمت إضافة قناة "تايم سبورت" والتي بدأ بثها في 25 مايو 2019 .
ولفت البيان إلى تراجع عدد ساعات البث المرئي لقطاع القنوات الإقليمية (القاهرة – القنال – الإسكندرية – الدلتا – الصعيد – طيبة) لتصل إلى 38 ألفا و180 ساعة عام 2018/2019 مقابل 38 ألفا و247 ساعة عام 2017/2018 بنسبة انخفاض 0.2 %، لافتا إلى أن عدد ساعات البث المرئي لقناة القاهرة بلغ 6810 ساعات عام 2018/2019 مقابل 6784 ساعة عام 2017/2018 بنسبة زيادة 0.4 %.
وأشار إلى أن عدد ساعات بث الخدمات الإخبارية (قناة مصر الإخبارية – النيل الدولية – إذاعة الأخبار - راديو مصر) بلغ 26 ألفا و280 ساعة عام 2018/2019، وتتضمن عدد ساعات الإرسال 8760 ساعة خاصة بالبث المسموع لراديو مصر.
هل يصمد أمام "السوشيال ميديا"؟
ورغم التطورات السريعة والكبيرة التي دخلت على التلفاز والتقنيات الحديثة التي عرفها مؤخرا، وعدد اللانهائي من القنوات وتعدد الأقمار الصناعية، إلا أن هناك وسائل أخرى أكثر حداثة، تكاد تسحب البساط من التلفزيون، فذلك العالم الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي استطاع أن يجذب جمهورا عريضا لما يوفر من تقنيات وخدمات لا يوفرها التلفاز.
فمع تطور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة، بإمكان أحد في مكان ما أن يتواصل مع آخر في دولة أخرى بالصوت والصورة في آن واحد، كما أنه وسيلة لتناقل الأحداث والأخبار العالمية بسرعة فائقة، دون تدخل من أي سلطات كما يحدث أحيانا من رقابة على ما يُقدم عبر التلفاز، سواء من مالكي القنوات أو من الحكومات.
وفي هذا السياق يقول الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة، إن التلفزيون لن يستطيع الصمود أمام "السوشيال ميديا"، موضحا أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ناقلة للأحداث بشكل أسرع من الوسائل التقليدية.
وأشار العالم، خلال مداخلة له مع قناة "الغد"، إلى أن الحكومات ليس بإمكانها السيطرة على انتشار الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مستطردا أن "السوشيال ميديا" قادرة على التغلب على التلفزيون لتميزها بمرونة الاتصال وسرعة نقل الأحداث.
وأكد أستاذ الإعلام أن قدرة التلفزيون على مواجهة وسائل التواصل الاجتماعي، تتوقف على عدة اعتبارات، أولها درجة المرونة في التنقل عبر الأحداث الفورية، والسرعة في نقل الأحداث.
وأشار العالم إلى أن السياسة الأمريكية تعتمد على التغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتوصيل الرسائل، كما أن رؤساء الدول وكبار المسؤولين اتبعوا نفس النهج مؤخرًا،