رئيس التحرير: عادل صبري 04:54 مساءً | الثلاثاء 29 أبريل 2025 م | 01 ذو القعدة 1446 هـ | الـقـاهـره °

بطل من بلادي.. اللواء محيي نوح «بطل المجموعة 39 قتال»

بطل من بلادي.. اللواء محيي نوح «بطل المجموعة 39 قتال»

منوعات

اللواء محيي نوح

ذكريات من أكتوبر المجيدة

بطل من بلادي.. اللواء محيي نوح «بطل المجموعة 39 قتال»

متابعات 06 أكتوبر 2017 21:39

ولد محيي نوح في 6 أغسطس من عام 1943 بمحافظة الشرقية ومرت به مراحل التعليم بتفوق رياضي واضح في لعبة الملاكمة حيث تفوق على أقرانه وحصل على بطولة مدارس الجمهورية وبطولة القطر المصري.


التحق بالكلية الحربية عام 1961 وتخرج منها في 4/4/1963 وكان لتفوقه الرياضي وقوامه الممشوق دوراً في إلحاقه على إحدى كتائب سلاح الصاعقة الذي كان هناك اهتماماً كبيراً به في ذلك الوقت.


حصل محيي نوح على المركز الأول في دورة معلمي الصاعقة عام1963 (الدورة رقم 53) وعمل مدرسا بمدرسة الصاعقة.

 

حرب اليمن
قضى محيي نوح عامين ونصف العام من1964- 1966 ضمن تشكيلات الجيش المصري باليمن لدعم ثورته (حرب اليمن) ورقي إلى درجة نقيب حين ذلك.

 

حرب 1967
عاد من اليمن ليكون ضمن تشكيل من قوات الصاعقة المصرية مكلفة بحماية منطقة شرم الشيخ بجنوب سيناء.

 

ولما نشبت حرب يونيو 1967وكان إتجاه هجوم العدو من القطاع الشمالي والأوسط من سيناء فقد تم سحب وحدته من الجنوب إلي الإسماعيلية أولاً ثم كلف بقيادة سريته ضمن كتيبة صاعقة للتحرك شرق القناة إلي القنطرة ثم التمركز في منطقة جلبانة قبل رمانة لإيقاف تقدم لواء مدرع إسرائيلي في إتجاهه نحو القناة يوم السادس من يونيو.. وبالفعل تم توزيع قوات الصاعقة وعمل الحفر البرميلية وتم دعمهم بعشرة دبابات مصرية تابعة لأحد الألوية المدرعة المصرية كان من ضمن أطقمها الملازم أول طارق واصل نجل الفريق عبد المنعم واصل الذي قاد الجيش الثالث في حرب أكتوبر.

تمكنت هذه القوة المصرية من إيقاف لواء مدرع إسرائيلي كامل بعد أن كبدته خسائر كبيرة.. فتوقف العدو ولم يجرؤ علي التقدم تلك الليلة.. وفي صباح اليوم التالي 7 يونيو هاجم العدو الموقع بطائراته الحربية في ظل غياب غطاء جوي مصري فتمكن من تدمير الدبابات العشرة بأكملها بالإضافة إلى التشوينات الإدارية.. واستطلعت بعد ذلك طائرات هليوكوبتر للعدو الموقع المصريوتأكدت من الدمار الذي حل به وأبلغت اللواء المدرع الذي قام باقتحام الموقع.

 

وأعطى النقيب محيي نوح أوامره لسريته بالأحتماء بالحفر البرميلية وعد الأشتباك مع العدو إلا بعد أن يدخل في مرمي نيران الأسلحة الآلية والآربيجيهات.. ومالبث أن احتدم القتال وأوقع الجانب المصري خسائر في أفراد العدو مما دفعهم للأحتماء داخل الدبابات.. وللأسف لم تجد طلقات الآربيجيه مع الدبابات الإسرائيلية الحديثة أمريكية الصنع من نوع الباتون 48 كثيفة الدروع.

 

فبدأ القتال المتلاحم بين رجال الصاعقة وقلاع الفولاذ فبدأ رجال الصاعقة في استخدام القنابل اللاصقة في باطن الدبابات أثناء مرور الدبابات فوق حفرهم البرميلية في محاولة القضاء علي الأبطال المصريون ولكن هذه القنابل أيضاً لم تحقق الهدف منها في تدمير الدبابات وكان أقصي ما حققته هو إيقاف الدبابة ومنعها من الحركة.. فأضطر رجال الصاعقة للأنسحاب وسط قذائف دبابات العدو ومطاردة طائراته الهليوكوبتر.. وأخيراً استقر المطاف بباقي قوة الصاعقة المنهكة إلى الكاب جنوب بور سعيد بواسطة أحد قوارب إرشاد هيئة قناة السويس.. ومن هناك انتقلوا بأحد القطارات إلى مدينة بور سعيد حيث تجمعوا بمدرسة أشتوم الجميل.. وفي هذه الظروف العصيبة كلفت وحدات الصاعقة بمهمة إنسانية وهي إحضار الجنود المصريين الشاردين في سيناء وسط قوات العدو التي وصلت إلى ضفة القناة الشرقية.. واستقل النقيب محيي نوح أحد القوارب بعد أن إرتدي جلباباً بلدياً محملاً بالمياه العذبة والمؤن وإتجه إلى بحيرة البردويل لإحضار الجنود الذين إتجهوا إلى تلك المنطقة.

 

ومالبثت قوات الصاعقة أن عادت لأداء أدورها القتالية ضد العدو المتغطرس وتجلي ذلك في أول يوليو بمعركة رأس العش الشهيرة حيث كلف النقيب محيي نوح وخليل جمعة خليل وعبد الوهاب الزهيري وعدد من رجال كتيبة الصاعقة التي كان يقودها الرائد سيد الشرقاوي للعبور شرقا لوقف تقدم العدو في محاولته الإستيلاء علي مدينة بور فؤاد وبالفعل تكبد العدو خسائر فادحة وفشل في تحقيق مهمته في أول مواجهة حقيقية بعد أقل من شهر من نهاية نكسة يونيو.. وكان من ضمن من أبلوا بلاءً حسناً في هذه المعركة وأصيب الملازم أول الجزار والملازم أول نادر عبد الله ضارب مدفع الهاون.

 

موقعة رأس العش
عاد النقيب محيي نوح إلى الغرب مرة أخرى وكلف بقيادة سرية تقوم بتأمين مناطق رأس العش والتينة والكاب.. وفي يوم 8 يوليو شاهد 4 عربات مجنزرة إسرائيلية ودبابتين أمام منطقة رأس العش في محاولة لأقامة موقع بهذه المنطقة فجهز المقاتل محيي نوح الرجال اللازمين للمهمة ومنهم الضابط محمود حنفي وطاقم قاذفي آربي جيه وتم الأتفاق علي أن تكون إشارة بدأ الهجوم علي العدو أول قذيفة يطلقها قائدهم محيي نوح.

 

وبالفعل ما هي إلا لحظات قليلة ومن موقعهم علي الضفة الغربية بالقناة إنهالت قذائف الآربي جيه المصرية علي دبابات ومجنزرات العدو فدمرت عرباته المجنزرة الأربع وإحدي الدبابتين في حين فرت الدبابة الأخرى جنوباً فخرج البطل محيي نوح من مخبأه وأخذ يطارد الدبابة في منظر طريف دبابة إسرائيلية فارة علي الضفة الشرقية، وجندي صاعقة فارع الطول يطاردها ويجري خلفها على الضفة الغربية.

 

ولم تمض أكثر من نصف الساعة حتى جاءت طائرات العدو تقصف الموقع الذي دمر مجنزراتها قصفا شديداً في عملية انتقامية لم تقتصر علي قصف المواقع العسكرية بل امتدت نحو المواقع المدنية فضربوا طرق المواصلات والطرق الحديدية، وشبكات المياه، وفندق بور سعيد وأزهقوا أرواح أعداد كبيرة من المدنيين، واستشهد عدد من جنود حرس الحدود في المنطقة الذين كانوا يشجعون أبطال الصاعقة أثناء اشتباكهم مع قوات العدو فكانوا يصفقون لكل دبابة أو مجنزرة تدمر.

 

وأثناء القصف احتمى محيي نوح ورجاله بالملاحات الخلفية فلم يصب منهم أحد سوي محيي نوح الذي أصيب ببعض شظايا القصف.. ولما كانت الإتصالات مقطوعة مع القيادة حضر إليهم النقيب نزيه لمعرفة ما حدث وحل محل النقيب محيي نوح الذي أخلى إلى مستشفى بور سعيد.

 

المخابرات الحربية والاستطلاع

في عام 1968 التحق باحد كتائب الصاعقة للعمل محلقا على إدارة المخابرات الحربية والإستطلاع ثم رشح وقتها للانضمام إلى مجموعة 39 قتال.

 

بدء تكوين المجموعة 39 قتال

في أوائل عام 1968 كانت كتيبة الصاعقة التي تضم المقاتل محيي نوح تحت تصرف القيادة لأنتقاء عناصر من بينهم لتكون قوام مجموعة العمليات الخاصة التي يقودها العقيد إبراهيم الرفاعي الذي كان قد سبق له قيادة مجموعات قليلة العدد عبر بها القناة للقيام بأعمال تدمير واستطلاع للعدو.. وكلف الرفاعي النقيب محيي نوح الذي سبق تعارفهما وهما ضمن صفوف وحدات الصاعقة باختيار أفضل العناصر من كتيبته من ضباط، وصف ضباط، وجنود لضمهم إلي المجموعة التي كان قوامها الرفاعي قائداً للمجموعة، والعقيد عالي نصر طبيباً، والرائد أحمد رجائي عطية، وفصيلة من الصاعقة البحرية، وفصيلة من إحدي فصائل الصاعقة بالأضافة إلي المجموعة التي إختارها النقيب محيي نوح من كتيبته حتي بلغ عدد أفراد المجموعة ما يقرب من 200 مقاتل كانوا يتنافسون فيما بينهم لكي يحظوا بالخروج في عمليات مع قائدهم الرفاعي.

 

ويذكر المقاتل محيي نوح أن الرفاعي علي الرغم من عدم ضخامة الحجم أو الطول الفارع إلا أنه كان يمتع بصفة الجرأة المتناهية التي تمكن من بثها في كل من كان يعمل معه.. وحملت المجموعة أسماء مختلفة منها مجموعة الكوماندوز المصريون، ومنظمة سيناء العربية، وعندما اكتمل عدد العمليات التي قاموا بها ضد العدو 39 عملية حملت اسم " المجموعة 39 قتال".

أحد عمليات المجموعة

ويتذكر اللواء محيي نوح واحدة من أهم العمليات التي شارك فيها وهي عملية لسان التمساح الأولي في 19/4/1969 رداً علي استشهاد الفريق عبد المنعم رياض في 9مارس 1969.. وبتكليف من القيادة العليا تم تكليف الرفاعي ومجموعته بالقيام بعمل ثأري قوي يكلف العدو أكبر الخسائر وأختاروا نفس الموقع الذي أطلق قذائفه علي الشهيد رياض وتم الأستطلاع الجيد للموقع من الضفة الغربية للقناة من فوق مبني الإرشاد.. فتم معرفة عدد أفراد الموقع وتسليح الموقع وتم تصميم ماكيت للموقع ثم تشييد موقع هيكلي بنفس التصميم بمنطقة تجمع المجموعة، وتم اختيار من ستوكل إليهم المهمة وتم توزيع الأدوار عليهم وتدرب كل فرد علي ما سيقوم به في التوقيتات المحددة وكانموقع لسان التمساح مكون من 4 دشم اثنان في الأمام واثنان في الخلف محصنة تحصيناً شديداً يحميها من أي قصف مدفعي من أثقل الأعيرة فكان تحصينها من فلنكات وقضبان السكك الحديدية وشكاير الرمل يوصل بينها أنفاق لحركة الجنود كي لا يخرج منهم أحد على سطح الأرض أثناء الإشتباكات وبها مزاغل لدفعية ثقيلة الأعيرة لضرب مدينة الإسماعيلية.

 

وبعد التدريب الجيد علي تنفيذ العملية وبعد آخر ضوء من يوم 19/4/1969 قاد الرفاعي رجاله في 6 قوارب كانت تحت قيادة عالي نصر لعبور بحيرة التمساح تحت قصف مدفعي بطول الجبهة كي لا يعلم العدو إتجاه الهجوم حتي وصلت المجموعة جنوب الموقع بحوالي 100 متر وكان العميد مصطفي كمال هو ضابط الأتصال علي الضفة الغربية فتم طلب رفع ضرب المدفعية عن الضفة الشرقية وتحركة مجموعات الأقتحام نحو أهدافها النقيب محيي نوح ورجاله الأثني عشر الدشمة رقم 1.. والرائد أحمد رجائي عطية الدشمة رقم 2.. والنقيب وئام سالم الدشمة رقم 3.. والنقيب محسن طه دشمة رقم 4.. وبدأت كل مجموعة في تنفيذ مهامها.

 

فبدأت مجموعة محيي نوح في إلقاء قنابل الدخان والقنابل الحارقة بالمزغل.. وبدأ العدو في الخروج فتم التعامل معه بجميع أنواع الأسلحة.. رشاشات، وقنابل يدوية، وسلاح أبيض.. وحدث ذلك بجميع الدشم.. فتم القضاء علي كل من بالموقع.. وتم حرق منطقة الشؤن الإدارية للموقع بما تضمه من مؤن.. وظل أبطال المجموعة يدمرون في الموقع لمدة ساعتين متواصلتين تم خلالها إنزال العلم الإسرائيلي من أعلي الموقع وحرقه، ورفع العلم المصري مكانه، والأستيلاء علي بعض الأسلحة الخفيفة من داخل الموقع.. حتي طلبت منهم القيادة العودة لتحرك احتياطات العدو من المدرعات بأعداد كبيرة نحوهم، وبدأ العدو في إعطاء تعليماته لقواته الجوية بالتدخل.. وأثناء انسحاب رجال المجموعة من الموقع اكتشف النقيب محيي نوح دشمة لم تكن ظاهرة من قبل فألقي داخلها قنبلة يدوية فإتضح إنها كانت مخزناً للذخيرة بدأت الذخيرة في الأنفجار وتطايرت الشظايا التي أصابت البطل في ظهره ووجهه وجانب عنقه.. عاد الأبطال بسلام.

 

إصابة البطل و زيارة الرئيس

أخلي البطل محيي نوح إلى الضفة الغربية برفقة طبيب المجموعة المقاتل الجسور الرائد عالي نصر إلي مستشفي القصاصين حيث تم عمل بعض الجراحات العاجلة ونقل الدم له.. وفي اليوم التالي نقلته طائرة هليوكوبتر إلي مستشفي المعادي وبمجرد هبوط الطائرة وجد علي باب الطائرة في انتظاره اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية في ذلك الوقت لتحيته والأطمئنان عليه ولما وجد ملابسه مخضبة بالدماء طلب له غيارات وملابس جديدة، وسأله عما إذا كانت أسرته تعلم بأصابته.. فأجاب بالنفي فأمر اللواء صادق بسيارة تذهب إلي منزله وأحضرت زوجته للأطمئنان عليه.. وأوصي عليه الأطباء.. تركه اللواء صادق بعض الوقت وعاد عند مغرب هذا اليوم وطلب منه الأستعداد النفسي لأستقبال شخصية كبيرة ستأتي لزيارته.. ومضى بعض الوقت فإذا باللواء صادق يدخل الحجرة برفقة الرئيس جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزي وزير الحربية، ولما أرادت أسرة البطل مغادرة الحجرة طلب منهم أن يظلوا إلي جواره ،وقدم اللواء صادق البطل للرئيس قائلاً: النقيب محيي نوح من الضباط الممتازين بالأستطلاع والمخابرات ممن قاموا بعملية الاغارة وسأل الريس عبد الناصر الطبيب المعالج إذا كانت الحالة الصحية للبطل تمكنه من محادثته فأخبره الطبيب بالأيجاب..

 

واستمع عبد الناصر من البطل الجريح كل تفاصيل العملية والسعادة والرضا والفخر مرسومة علي وجه الزعيم الخالد.. وكيف تم تدمير الموقع بالكامل والقضاء علي أكثر من 40 ضابط وجندي إسرائيلي في موقع لسان التمساح، وكانت استغاثتهم مرصودة علي أجهزة التصنت المصرية، وهو ما يثبت كذب الدعاية الصهيونية عن الجندي الذي لا يقهر. وفي نهاية الزيارة طلب الرئيس عبد الناصر الإستزادة من مثل هذه العمليات وضرب العدو في كل أنحاء سيناء حتي يتحقق النصر.

 

وكم كانت سعادة النقيب محيي نوح من هذه الزيارة التي أشعرته بحنان الأب تجاه أبنائه ورعايته لهم. وفي اليوم التالي حضرت وسائل الإعلام للقاء البطل، وجائت زيارات من كتائب الصاعقة للتهنئة.

 

وقد استغرق العلاج بالمستشفى أكثر من شهر شمل عمليات تجميل في الوجه، وإزالة بعض الشظايا من العنق وترك البعض الآخر لخطورة إخراجها وما زالت تلك الشظايا موجودة حتى الآن.. وشمل العلاج جلسات علاج طبيعي على الظهر.. وخلال إحدى زيارات قائده الشهيد الرفاعي علم منه بموعد العملية التالية وكانت قد تقرر لها 8/8/69 ضد نفس الموقع السابق بعد أن زاد العدو من تحصيناته وتسليحه وعدد أفراده فأصر محيي نوح على الخروج من المستشفى للإشتراك في تلك العملية.


كالمعتاد تم استطلاع الموقع مرة أخرى وتأكد من من وجود موانع هندسية حوله تمثلت في الأسلاك الشائكة وحقول الألغام فضلاً عن زيادة تحصين الدشم.. وتم الإتفاق علي مهاجمة الموقع من خلال الثغرات التي تركها العدو في الموانع الهندسية لتحرك جنوده.. وتم الهجوم علي الموقع بنفس التشكيل السابق.. ولكن حدثت المفاجأة فأثناء الهجوم انفجر لغمين فسفوريين في مجموعتي محيي نوح ورجائي أصاب اللغم الأول المقاتل الذي خلف النقيب محيي نوح إصابة جسيمة وأصيب النقيب محيي نوح إصابة في ظهره لم يشعر بها في وقتها ولكنه لم يتوقف وجذب الجندي الذي سقط خلفه وراءه لكي لا يعيق حركة باقي المجموعة.

 

أما الرائد رجائي فأصابه اللغم فأصبح متوهجاً كعمود نيون منتصب فما كان من رجال مجموعته وكان من بينهم المقاتل مصطفي إبراهيم إلا أن أسقطوه أرضاً وأهالوا عليه الرمال لأطفائه.. وشعر العدو بالأبطال فأطلقوا دانات الفيلرز المضيئة لكي يشتبكوا مع رجال المجموعة.. فكان الأبطال ينبطحون أرضاً عند كل إضاءة ويهبوا بعدها للأشتباك مع العدو.. وعلى عجل حضرت مدرعات العدو إلي المنطقة ودارت معركة شديدة بين الطرفين تكبد فيها العدو الكثير من الخسائر.. وأصدر الرفاعي أوامره لرجاله بالإنسحاب من المعركة والعودة إلى الضفة الغربية للقناة وقد أستشهد من رجال المجموعة في هذه العملية 9 شهداء وأصيب 23 مقاتلاً.. ولم تنجح هذه العملية في تدمير الموقع تدميراً تاماً.

 

ويروي البطل ذكرياته عن عملية أخرى من عمليات الفداء والبطولة..وهي عملية تدمير مطار الطور يوم 2/5/1970 حيث تم التوجه إلي منطقة الزعفرانة حيث نقطة الانطلاق وتحضير القوات للعبور.. فتم نفخ القوارب الزودياك وتثبيت المواتير.. وارتداء بدل الغطس.. وتحميل القواذف والألغام.. وبالرغم من ارتفاع الموج إلي 6 أمتار، وجو قارص البرودة في ذلك اليوم إلا أن الرفاعي أصر على تنفيذ المهمة وبعد آخر ضوء انطلقت القوارب في إتجاه الطور.

 

كان النقيب محيي نوح واقفاً في مقدمة أحد القوارب وارتفعت مقدمة القارب بشدة إلى أعلى أحد الأمواج ثم هبط فجأة بعنف فما كان من البطل إلا أنه وجد نفسه طائراً في الهواء ثم غاص في الماء أسفل القارب مباشرة في الظلام فتشبث بحبل تثبيت القارب بشدة وهو تحت سطح الماء ويسمع ضوضاء رفاص المحرك.. كان في موقف لا يحسد عليه فلو أفلتت يديه لشطره رفاص المحرك أشلاء.. وفي أحسن الظروف لو نجي من المحرك لأبتلعته الأمواج وما شعر به أحد.. وفي الوقت نفسه هو تحت سطح الماء لا يستطيع التنفس وبدأ الماء المالح يتسرب إلى جوفه.

 

وفي تلك الأثناء شاهد صورة طفلته حديثة الولادة أمامه مباشرة.. وتجلت عناية الله له عندما أوقف قائد اللنش المساعد علي أبو الحسن اللقارب عندما اكتشف عدم وجوده حينئذ فقط تحرك النقيب محيي نوح وهو ملامس باطن القارب إلي أحد أجنابه ورفع يده لأعلي فجذبه أبو الحسن وباقي الرجال إلي سطح القارب.. فوقف بكل شجاعة رغم ما حل به حتى يحافظ على معنويات زملائه حتى وصلوا للمركب اللبنانية الجانحة بالقرب من شاطئ الطور فنصبوا صواريخهم، وضبطوا الإتجاه والتوقيت.. وقامت مجموعة أخرى بتلغيم الطرق المؤدية إلى المطار.. واستمرت عملية قصف المطار 40 دقيقة بعدة قصفات بفارق زمني ضئيل بين كل قصفة.

 

وتكبد العدو خسائر كبيرة بتدمير المطار وملحقاته وممراته وعدد من مجنزراته فضلاً عن الخسائر البشرية بين صفوفه.. وأثناء العودة ولإرتفاع الموج الشديد سقط بطل آخر في الماء ولكنه شوهد فتم محاصرته بالقوارب وإنقاذه وهو الرقيب غريب، وعادت المجموعة بسلام بعد أن نفذت مهمتها.

 

وكان من المفترض أن تزور جولدا مائير هذا المطار في اليوم التالي لرفع الروح المعنوية لجنودها في سيناء الجنوبية ,, ولكن بعد الدمار الذي لحق بالمطار تم تعديل الزيارة بعد أن جعلها أبطال المجموعة في حاجة لمن يرفع لها روحها المعنوية.

 

وقف إطلاق النار

ومالبثت أن طلبت إسرائيل وقف إطلاق النار من خلال وزير الخارجية الأمريكي روجرز وقبلت مصر لبناء حائط صواريخها.. أما المجموعة 39 فكانت فرصة لها للتدريب والتزود بالمعدات والأسلحة الحديثة.

 

وأما محيي نوح فكانت فرصة له لمزاولة رياضته المحببة وبكل شراسة وعنف لم يصمد أمامه أحد علي حلبة الملاكمة حيث كان ضمن فريق الملاكمة بنادي الزمالك فأختير لتمثيل مصر في بطولة العالم العسكرية في إيران وأطاح بأبطال العالم العسكرين الواحد تلو الآخر حتي يحوز علي بطولة العالم العسكرية في 23/9/ 1973.. وكانت فأل خير لحرب أكتوبر المجيدة التي إندلعت بعدها بفترة قصيرة.

 

حرب أكتوبر

وكلف رجال المجموعة مع بداية حرب أكتوبر بعمليات في عمق العدو الغرض منها تشتيت انتباهه، وتدمير مستودعات بتروله لحرمانه مما يحتاجه من الوقود اللازم لأدارة عجلة الحرب لديه مع تلغيم طرقه ومدقاته، وتدمير مخازن زخيرته وتعطيل احتياطياته.

 

ويتذكر البطل محيي نوح تلك العملية في مساء أول أيام المعركة ضد خزانات ومصافي البترول على خليج السويس وتم الهجوم بواسطة 3 طائرات هليوكوبتر استقلوها من قاعدة شمال القاهرة بعد أن تزودوا بطلقات الحارق خارق وتم الهجوم وتدمير الأهداف بالرغم من مقاومة عنيفة من العدو بواسطة دفاعاته الأرضية تسببت في سقوط إحدى طائرات الهليوكوبتر المهاجمة واستشهد طيارها وأصيب من فيها ومنهم المقاتل البطل فؤاد مراد.

 

وفي يوم آخر تم ضرب مواقع بترول العدو بمنطقة شراتيب ولكن هذه المرة بواسطة القوارب واستحدام الأربيجيهات والأسلحة الحارق الخارقة..

 

الثغرة واستشهاد الرفاعي

وعندما حدثت ثغرة الدفرسوار طلب من المجموعة التجمع والذهاب إلي الإسماعيلية بتكليف من القيادة بضرب المعبر الوحيد للعدو وتدميره.. وعند الوصول إلي الإسماعيلية قابل الرفاعي الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان الذي كان قد وصل إلي هناك لإبلاغ القيادة بحقيقة أمر الثغرة.. فكلفه الفريق الشاذلي بمهمة أخرى وهي تدمير العدو بمنطقة الثغرة وأعطاه خط سير بمنطقة السرابيوم.. وفي الصباح الباكر عندما تحرك الرفاعي مع بعض رجاله لأستطلاع العدو وحدث اشتباك بين فصيلة من مدرعات العدو مع مجموعته الصغيرة بالقرب من إحدي قواعد الصواريخ المصرية.. وهو الأشتباك الذي أصيب خلاله الرفاعي الإصابة التي لقي ربه علي أثرها.

 

وعقب استشهاد الرفاعي، وعودة الرائد عالي نصر، والرائد العجيزي إلى القاهرة بناء على أوامر القيادة أستدعي النقيب محيي نوح إلى قيادة الجيش الثاني لمقابلة اللواء عبد المنعم خليل الذي أعطاه تكليفات للمجموعة بالتوجه إلي جبل مريم جنوب الإسماعيلية لدعم رجال المظلات الذين يقاتلون العدو هناك وبالتنسيق بين النقيب محيي نوح الذي تولى قيادة المجموعة وبين العميد محمود عبد الله قائد سلاح المظلات، والعميد إسماعيل عزمي قائد لواء المظلات انتشر أبطال المجموعة أمام جبل مريم ليكونوا حاجز صلد بين العدو وقوات المظلات المصرية ومنعوا العدو من دخول الإسماعيلية في الوقت الذي قامت فيه قوات الصاعقة في تدميرالعدو بنفيشة وأبو عطوة حتي يوم 22 أكتوبر.. وبالرغم من قرار وقف إطلاق النار إلا ان العدو واصل تقدمه نحو السويس حتى يوم 24 أكتوبر وملحمة السويس إلى أن وضعت الحرب أوزارها.

 

بعد أكتوبر

عاد للعمل ضمن إدارة العمليات المخابرات الحربية والاستطلاع
وأستمر اللواء محيي نوح على عطائه للقوات المسلحة حينما عمل علي الأشراف علي علي قوات الأمم المتحدة بسيناء أثناء استلام باقي سيناء.. حتى ترك الخدمة العسكرية عام 1986.


حصل اللواء محيي نوح على بكالورويس إدارة أعمال عام 1981
لم يتوقف عطاء البطل لمصر، ونال عضوية مجلس محلي محافظة 6 أكتوبر قبل عودتها لمحافظة الجيزة، ومدير عام إحدى الشركات الاستثمارية.

ذكرى نصر أكتوبر
  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان