اختفت السحابة السوداء الناتجة عن حرق المزارعين لقش الأرز، بشكل ملحوظ هذا العام، ويرجع السبب فى ذلك إلى الجهود التى بذلتها وزارات البيئة والزراعة والتنمية المحلية، عبر توعية وإرشاد المزارعين بأهمية وضرورة الاستفادة من قشّ الأرز في إنتاج الأسمدة والأعلاف غير التقليدية، وكذلك التعريف بمخاطر حرقه وآثاره السلبية على البيئة.

كانت السحابة السوداء، تظهر بالتزامن مع بداية موسم حصاد الأرز، في الفترة من منتصف شهر أغسطس، وحتى منتصف نوفمبر من كلّ عام، نتيجة حرق قش الأرز في الحقول بدلًا من تجميعها وإعادة تدويرها.

ففي السنوات الماضية وتحديدًا خلال شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام، كان الفلاحون يقفون فى حقولهم مع مغيب شمس كل يوم لرشّ السولار وإشعال النار في قش الأرز المنتشر بطول الحقل وعرضه في صفوف متوازية بعد انتهاء موسم الحصاد، وفي لحظات تتصاعد الأدخنة الكثيفة من حقول الأرز مكوِّنةً سحابةً سوداء هائلة تمثل أزمة بيئية حادة، إلا أنَّ هذه الكارثة الإنسانية بدأت تقل تدريجيًا مع إدراك الفلاحين خطورة ما يفعلونه.

ووفقًا لبرتوكول التعاون بين وزارتَي الزراعة والبيئة؛ للحدّ من تلوث البيئة ومنع السحابة السوداء، تمّ جمع وتدوير قشّ الأرز من مساحة مليون و84 ألفًا و733 فدانًا، وبلغت كمية القش 2 مليون و46 ألفًا و721 طنًّا، فيما بلغ عدد مواقع تجميع قش الأرز  731 موقعًا في 6 محافظات.

وبحسب بيان صادر عن وزارة الزراعة فقد، تمَّ كبس 851 ألفًا و796 طن قش أرز، وفرم 537 ألفًا و731 طنًّا، وتشوين كميات القش الناتجة من مساحة 336 ألفًا و644 فدانًا، وعمل 749 كومة سمادية لإنتاج السماد العضوي، وكذلك إنتاج 2397 طن أعلاف غير تقليدية بمحافظة كفر الشيخ.

كفر الشيخ والغربية والبحيرة، هم أكثر محافظات الجمهورية إنتاجًا للأرز، وكانت أكثرها حرقًا للقشّ أيضًا.

تملك محافظة كفر الشيخ نحو 32% من إجمالي إنتاج محصول الأرز على مستوى الجمهورية، ورغم أنَّ ذلك يخلف قدرًا كبيرًا من المخلفات الرزاعية، إلا أنَّ الحكومة في موسم العام الحالي انتهجت نهجًا جيدًا قضى على ظاهرة السحابة السوداء، وفقا لتصريح اللواء جمال نور الدين محافظ كفر الشيخ  الذي كشف فى تصريح له عن قيام تجميع هذه المخلفات بالتنسيق بين المحليات والمحافظة ووزارة البيئة.

 وأوضح المحافظ أنه تمَّ تشجيع المزراعين على تجميع قش الأرز وعدم حرقه عبر تخصيص عوائد مالية لهم، لافتًا إلى أنّه سيتم نقل هذه المخلفات لمنشآت صناعية لتحويلها لمنتجات خشبية أو سماد عضوي.

ومن كفر الشيخ إلى البحيرة، حيث كشف اللواء هشام آمنة، محافظ البحيرة، عن جهود مجابهة ظاهرة السحابة السوداء والتلوث البيئي الناتج عن حرق قش الأرز، من ضمنها إبرام عقود التصميمات الخاصة بإنشاء أول شركة مصرية لتحويل قشّ الأرز إلى ألواح خشبية متوسطة الكثافة بتكلفة استثمارية ٢١٧ مليون يورو.

وبحسب تصريح المحافظ فمن المقرر تنفيذ المشروع بإدكو بطاقة إنتاجية تصل إلى ٢.٥ ألف متر مكعب ألواح خشبية سنويًا، اعتمادًا على كمية ٢٤٥ ألف طن سنويًا من قش الأرز كمادة خام، بما يحقق مردودًا وعائدًا اقتصاديًا جيدًا للمزارعين.

وأشار محافظ البحيرة إلى أن المشروع يعد الأول من نوعه في إفريقيا والشرق الأوسط، والثاني عالميًا، وجرى إبرام عقود التصميمات مع شركة سيمبل كامب الألمانية، بالإضافة إلى توقيع عقد مقاول عام المشروع مع شركة بتروجيت، والاتفاق مع عدد من البنوك المصرية للمساهمة فى تمويل المشروع الذى يقام وفقًا لأحدث المواصفات الأوروبية والتكنولوجيا العالمية.

وأوضح أن المشروع يسهم في خفض نسبة الانبعاثات الكربونية، وسد احتياجات السوق المحلي المتزايدة من إنتاج الألواح الخشبية MDF، كما يساهم في دعم وتشجيع الصناعات التكميلية "الأثاث المنزلي، والديكورات، والمطابخ".. وغيرها، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لأبناء المحافظة.

من جانبه كشف المهندس محمد الزواوي، وكيل وزارة الزراعة بالبحيرة، عن وجود 23 موقعًا لتجميع قش الأرز بـ "حوش عيسى، دمنهور، الدلنجات، كوم حمادة، إيتاي البارود، أبوالمطامير"، وجرى كبس 49 ألفًا و 762 طن وفرم 31 ألفًا و 429 طن وتشوين 98 ألفًا و353 طن، بالإضافة إلى تجميع 101 كومة علف بإجمالي 101 طن و 31 كومات أسمدة بإجمالى 155 طن.

الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، كشف فى تصريح لها عن توفير الوزارة مليار جنيه من تحويل قش الأرز إلى مخلفات زراعية، و26 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للعاملين في تحويل قش الأرز لأعلاف الحيوانات لمدة شهرين ونصف خلال الفترة الماضية، بجانب منع نشر هذه الملوثات على الأرض وعمل قيمة مضافة.

وأشارت الوزيرة أنه تم فتح العديد من المواقع ودعم المزارعين بمعدات الجمع والكبس لقش الأرز، وتحرير محاضر المخالفين، وعقد ندوات إرشادية وتوعوية بالاستفادة من هذه المخالفات حفاظا على البيئة.