العلاقات المؤلمة لا تمنح الشعور بالارتياح، وتختفي منها السعادة والثقة بالنفس وراحة البال، ودائما ما تنبئ صاحبها بأن هناك خطأ ما يستدعي الرجوع خطوة الى الوراء للتفكير فيما حدث.
ويقع كثيرون ضحية العلاقات المؤلمة دون وعي أو قصد، نتيجة لأسباب متعددة مرتبطة بالبيئة المحيطة أو بالحالة النفسية التي يمر بها الإنسان، والتي قد تنتهي بالفشل أو يصل أطرافها إلى الانفصال.
وقالت الدكتورة داليا الشيمي، الاستشارية النفسية والأسرية، ومدير مركز "عين على بكره للمساندة النفسية والتنمية الأسرية"، إن "العلاقات المؤلمة تعرف بالعلاقات غير الموفقة، لأنها تحتوي على الأوجاع والآلام، ولها تأثيرات على كل جوانب حياة الإنسان المختلفة، ولا تعطينا الإشباع الذي نحتاجه من العلاقات الإنسانية".
وذكرت في فيديو عبر صفحتها على فيسبوك، أنها: "علاقة تسبب الارتباك في الوظائف الإنسانية، سواء في حالة العمل، أو في العلاقة بالآخرين، كما أنها تؤدي إلى ارتباك في علاقتك بنفسك؛ لأنك تلوم نفسك على الدخول فيها، أو تلومها لأنك لا تستطيع الخروج منها".
وتابعت الاستشارية النفسية العلاقات غير الموفقة بالشخص الذي "يضع زي حاجته في بنك خاسر، أو مشروع يكبد الإنسان أثمانا كثيرة بلا هدف أو نتيجة".
وأوضحت الشيمي بعض الأسباب التي تجعلك عرضة للوقوع في العلاقات غير الموفقة، وهي:
1.الخروج للتو من علاقة مؤلمة
وأضافت الاستشارية النفسية أن ذلك يعرف بقاعدة "داوي الهوى بهوى، أي بمجرد الخروج من علاقة تجد لديك استعداد سريع للدخول في علاقة أخرى، لتداوي الألم الذي تركته العلاقة السابقة، وهذا يجعلك غير قادر على تمييز مواصفات الشخص الآخر، وطبيعة العلاقة بينكما، وهل هي مشبعة بالنسبة لك أم لا؟"
وأشارت إلى أن "كل هذه الأسئلة لن تأتي على بالك إطلاقا، لأنك تريد أن تداوي الحالة المنتهية، أو تتعامل مع حالة جديدة تعطيك بعض الحاجات التي كنت تحصل عليها من العلاقة الأولى، وهذا لن يحدث غالبا لأن الموضوع يكون خارج نطاق العقل، ولن تكون قادرا على تحديد مدى سلامة هذا الاختيار".
2.تغيير في حياة من تتمناه
ولفتت الاستشارية الأسرية إلى سبب آخر للوقوع ضحية العلاقات المؤلمة، وهو "التغيير الذي يحدث في حياة شخص كنت تتمناه، أو تريد أن تبقى معه، أو كان موجودا في مرحلة ما من عمرك، كزميل في الجامعة أو العمل، ولسبب ما أو لآخر لم تكن قادرا على الارتباط به لوجود بعض الصعوبات أو العوائق، وهو ما يجعلك تسارع للارتباط به".
واستطردت: "السنين والظروف والمواقف تغير من الناس؛ فمن كنت تحبه في مرحلة معينة ربما في مرحلة أو مواقف أخرى من حياتك، لا يصبح الشخص المناسب، وذلك لأن هناك تغيير ثنائي حدث"، موضحة: "لا أنت الشخص المناسب ولا هو الشخص الذي كان قبل ذلك، لكن الفكرة هي الحنين للوقت الذي كان معك فيه، أو أنك تريد الإثبات لنفسك أنك فعل هذا والحصول على شيء من هذه العلاقة".
3.التعرض لضغط شديد
أكدت الدكتور داليا أن الإنسان قد يدخل في علاقة مؤلمة بعد وفاة شخص مهم ذي حيثية في حياته، أو التعرض لضغط شديد، أو فقد العمل، أو ابتلاء أو مصيبة من مصائب الحياة، ناصحة بضرورة مراجعة أنفسنا، لأن الحالة النفسية التي نكون فيها تدفعنا للبحث عن شخص مناسب للدخول في العلاقة.
وحذرت الاستشارية النفسية من ذلك، "لأنك لن تنظر إلى مواصفات هذا الشخص، لأنك تريد ما نسميه بالشخص المخدر، وهو الذي يأخذك ويقتلعك من هذه الأزمة، ويضعك في مكان آخر مع مشاعر وأوقات أخرى، لتخفف عنك المرحلة التي تمر بها"، موضحة أن "تعرضك لصدمة أو أزمة ليس ضروريا أن تكون أزمة عاطفية، بل أي أزمة من أزمات الحياة؛ يجعلك عرضة للتسرع والدخول في علاقة غالبا ما تكون غير موفقة".
4. التحديات
قالت الدكتورة داليا، قد يكون السبب في الدخول بعلاقة غير موفقة، "للرد على شيء يخبرك بأنك لن تقدر أو الوقت انتهى، أو توجد ظروف تمنع من العلاقة، وغالبا ما يحدث ذلك عند دخول الخمسينات، للبحث عن الحب أو العاطفة، أو الشباب الضائع، أو جذب الطرف الآخر ليكون على علاقة به".
وأوضحت: "في هذه المرحلة تصبح وكأنك ترد على الزمن، أو نفسك من الداخل، أو شخص آخر يراك -وغالبا تكون الزوجة- أنك أصبحت مضمونا، فتبحث عن شخص آخر، لتقول أنا لازلت مضمونا، أو هناك من يرغب في".
5. المناخ العام حولك
كشفت الاستشارية الأسرية أن هناك سبب خامس للدخول في العلاقات غير الموفقة، وهو المناخ العام، مستشهدة بمثال: "الرجل الذي حوله زملاء كثر يرتبطون أو يعرفون شخصية جديد، أو يدخل في حياتهم شخص آخر، يكون عنده ميل للدخول في علاقة مع أي شخص يصادف وجوده في هذه المرحلة".
ولفتت إلى أن "هذا يجعلنا نرى بعض الحالات التي يحدث فيها زواج سريع، ويتم الانفصال بعد أن تستيقظ وتتساءل من هذا الطرف الآخر، وكأنه دخل حياتك في غفلة من الزمن".
وشددت الشيمي على أن "العلاقة المرهقة تأخد العمر، لأننا لا نعطي للآخر مجرد مشاعر، بل نقدم للآخر حياة، لذلك تخيل أن جزء مهم من حياتك به المشاعر، والعلاقة المتكاملة، والتواجد والمشاركة، والتلاحم بشخص يكون غير موفق، وهو ما يؤدي إلى فقدان ثقتك بنفسك، ويغير انطباعك عنها".
وأضافت الاستشارية النفسية أن العلاقات المؤلمة لا تؤدي إلى ما سبق فحسب، بل قد يسبب الطرف الآخر "شعورا سلبيا تجاه نفسك أو الآخرين، أو يسبب لك حالة من الإحباط، ويباعد بينك وبين الناس الذين تحبهم، ويؤثر حاجته هو على الآخرين وأنت من بينهم، وكل هذه الأشياء تشعرك بعدم الاستحقاق، أو أنك لا تستحق غير ذلك".
واختتمت حديثها بنصيحة، قائلة: "عندما تشعر بوجود واحدة من هذه النقاط السابقة عند الدخول في علاقة جديدة، قف قليلا وانظر إليها وراجع الطرف الآخر، والظروف التي ظهر فيها هذا الشخص، كي لا تكون عرضة للعلاقات غير الموفقة أو العلاقات المرهقة أو المؤلمة".