لعيد الفطر فرحته الخاصة عند المسلمين في كل البلدان العربية والإسلامية، فرغم الطقوس والشعائر التي ظلت لسنوات طويلة متنوعة باختلافاتها الحميمة، إلا أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وحَّدها، بسبب الإجراءات الوقائية التي فرضتها البلدان لمواجهة الوباء المميت عبر إلغاء صلاة العيد بالمساجد والساحات.
ويأتي عيد الفطر السعيد على المسلمين هذا العام في واقع جديد لم يعهدوه من قبل؛ وهو انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، والإجراءات الاحترازية التي تفرضها الدول لمنع انتقال العدوى، وحظر التجوال، وهو ما سيحرم الجميع -وخاصة الأطفال الذين ينتظرونه بشغف- من الاحتفال به.
هذا، وسيقضي الأطفال هذا العيد في بيوتهم، بسبب إغلاق الحدائق العامة، ومدن الملاهي، والشواطئ، والفنادق والمطاعم، وتطبيق الدول للتباعد الاجتماعي، وهو ما سيفرض على أهاليهم تحدي كيفية تأهيلهم لقضاء تلك الأيام في البيوت، وكيفية التعامل معهم خلاله.
وتعني مناسبة العيد الكثير للأطفال، ولن يستطيعوا تحمل فكرة مروره دون الاحتفال به، لذلك سيجدون صعوبة في عدم الخروج من المنزل.
ولن يجتمع الأطفال في العيد مع أقرانهم ككل عام، أو يذهبوا إلى أقربائهم، وسيقضون ساعاته الطويلة في مكان واحد هو منازلهم، ما يتطلب من الأهالي القيام بجملة من الإجراءات التوعوية، والتدريب على كيفية تجاوز ذلك اليوم دون شعور بالملل.
وبسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، أعلن عدد من الدول العربية كالسعودية فرض حظر التجوال الشامل على مدار 24 ساعة في عطلة عيد الفطر التي تستمر خمسة أيام، ووقف الحركة طوال أيامه؛ منعاً لحدوث التجمعات، وكذلك بعض الدول الإسلامية.
في حين، أعلنت دول أخرى حظر تجول في مدنها منتصف أول يوم عيد الفطر المبارك.
ووفق تقارير إعلامية لوسائل إعلام عربية، قال الاستشاري وخبير الإرشاد النفسي، الدكتور أحمد الحواجري، إن الأهالي ستكون أمامهم مهمة استثنائية خلال عيد الفطر السعيد؛ وهي تهيئة أطفالهم قبل دخول أيامه، وإعداد حلقات توعية لهم بأن العيد هذا العام سيكون مختلفاً عن الأعياد السابقة حفاظاً على صحتهم.
ويجب على أهالي الأطفال، كما يوصي الحواجري في تصريحات صحفية، فتح النقاش مع أبنائهم لطرح أفكار حول كيفية قضاء أوقات وأيام العيد داخل البيت، وتوطيد العلاقة معهم، وإعطائهم ثقة بأنفسهم.
وحول سبل نجاح السيطرة على الأطفال داخل المنازل خلال أيام العيد وضمان عدم حدوث أي ملل لهم ينصح الحواجري بتلبية جميع الاحتياجات التي يريدها الأطفال من الطعام والشراب، وتوفير الألعاب المختلفة لهم داخل المنزل، وشراء الملابس الجديدة لهم.
ومن النصائح التي يعرضها الخبير النفسي للتعامل مع الأطفال خلال يوم فرحة المسلمين للخروج بيوم دون أي اضطرابات؛ أداء صلاة العيد بشكل جماعي مع جميع أهل البيت، وتناول الإفطار بشكل مشترك، وتبادل التهاني، والتعامل مع اليوم بشكل جدي.
وإلى جانب المسؤولية التي تقع على عاتق الأهالي يرى الحواجري أن وسائل الإعلام المختلفة مطالبة بضرورة تسليط الضوء بشكل مباشر على أن العيد هذا العام مختلف عن الأعياد السابقة، ونشر التوعية حول الالتزام بالتباعد الاجتماعي، ومنع الزيارات.
ومن الجانب الأممي، فقدمت منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة "اليونيسف" طرقاً يمكن من خلالها للآباء والأمهات دعم أطفالهم للتعامل مع ما يمرون به من مشاعر خلال وجودهم في بيوتهم في الأيام العادية؛ تشمل مراقبة البالغين لسلوكهم، ومحاولة البقاء هادئين قدر المستطاع، إضافة إلى تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وطمأنتهم من خلال الحديث إليهم حول الفيروس بهدوء وروية.
كما تدعو المنظمة البالغين إلى محاولة صرف نظر الأطفال عن مشاعر القلق والخوف بممارسة أنشطة محببة إليهم، والاستمرار بالحياة الطبيعية قدر الإمكان للتخفيف من حدة التغييرات التي يمر بها الأطفال.
ويؤدي معظم المسلمين حول العالم الصلاة في المنزل بسبب الإجراءات الاحترازية الخاصة بانتشار فيروس كورونا المستجد.
وصلاة عيد الفطر المبارك من ركعتين، الأولى تتكون من 5 تكبيرات ثم قراءة الفاتحة وسورة قصيرة، ثم الركعة الثانية من 7 تكبيرات ثم سورة صغيرة بعد الفاتحة، وعقب القيام من الركوع يتم الدعاء بصوت جهري للأمة جميعا، ثم عقب الانتهاء من ذلك يبدأ الإمام في إلقاء خطبة العيد متحدثا عن فضل عيد الفطر والزكاة.
تجدر الإشارة إلى أن الفيروس الغامض "كورونا"ظهر في الصين، لأول مرة في 12 ديسمبر 2019، بمدينة ووهان، إلا أن بكين كشفت عنه رسميا منتصف يناير الماضي.
وتتخذ الدول المتضررة من الفيروس التاجي المزيد من التدابير للحد من انتشار المرض وحث الناس على البقاء في منازلهم ليكونوا آمنين وكذلك تخفيف الضغط على أنظمة الرعاية الصحية وسط الأزمة.
وتعد جائحة "كورونا" عائلة من الفيروسات، غير أن 6 منها فقط تصيب البشر، والأخير الجديد هو السابع من بين ذات العائلة القاتلة التي أرهقت سكان الأرض.