على مدى الأيام الماضية سادت منصات مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل والذعر، بعد تداول صورا لظهور أفعى "الطريشة" في التجمع الخامس، وما تردد بعدها بأنها ظهرت في بعض الأحياء الراقية الأخرى، ولكن ما حقيقة انتشار هذا النوع من الأفاعي؟، وهل له علاقة فعلية بحملة قتل الكلاب والقطط في الشوارع، وكيف يمكنك وقايتك منه؟.
بداية القصة
بدأت قصة انتشار أفعى "الطريشة" بتداول صورا على مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلها المتابعين في مختلف الصفحات، وزعموا أنها منتشرة في منطقة التجمع الخامس، وأرجعوا ذلك إلى أنه نتيجة قتل الكلاب الضالة والقطط بالشوارع، وهو ما أدى إلى ظهور هذا النوع من الأفاعي.
ومنذ أن تعرض عدد من سكان التجمع الخامس إلى العقر من كلاب الشوارع، وهناك حملة تهدف إلى القضاء على الكلاب الضالة والقطط، ولكن مع ظهور هذه الأفعى راح البعض يدعو بوقف الحملة خشية أن تحدث خلل في التوازن البيئي وتنتشر الحشرات وغيرها من الزواحف التي كانت تتغذى عليها الكلاب والقطط.
وفي المقابل هناك من استبعد علاقة حملة القضاء على الكلاب والقطط وبين ظهور أفعى الطريشة، إذ نفت وزارة البيئة من الأساس انتشار مثل هذا النوع من الأفعى وقالت إنه ليس موجود على أرض الواقع ولكنه موجود فقط على منصات "السوشيال ميديا".
ما هي "الطريشة"
وأفعى الطريشة هي نوع من الزواحف تتبع جنس القرناء من فصيلة الأفاعي ضمن رتبة الحرشفيات، وتستوطن في أفريقيا وأجزاء من الشرق الأوسط، ويبلع طوله الإجمالي مجموع الجسم والذيل يكون ما بين 30 إلى 60 سم ولا يزيد طولها عن 85 سم، إذ أن الإناث يكن أطول من الذكور، لها عيون بارزة وقرنين فوق العيون، لون جلدها أصفر أو رمادي شاحب أو وردي محمّر، وعادةً يتشابه لون جلدها بلون التربة المحيطة.
وبحسب الدكتور عمر تمام، خبير الحياة البرية، فإن ثعبان "الطريشة"يشبه لون التراب الأصفر، وجسمه قصير، ولا يتعدى طوله 20 سنتيمترًا ويغطي جسمه بالأشواك".
وقال تمام، في تصريحات صحفية، إن ثعبان "الطريشة" منتشر في كل ربوع مصر؛ خصوصًا المحافظات ذات الظهير الصحراوي.
وتعد "الطريشة" من عائلة الحية السامة التي تعتمد على مهاجمة ضحيتها من خلال عض أقرب جزء منها، مستخدمة أنيابها المتحركة التي تميزها عن عائلة "الكوبرا".
وينتشر "الطريشة" في مصر بداية من الوجه البحري والساحل الشمالي حتى حلايب وشلاتين؛ لكنه يميل إلى التواجد في الظهير الصحراوي، وظهر في الأونة الأخيرة بمدينة السادات والمعادي والتجمع الخامس بمحافظة القاهرة، بحسب "تمام".
وتتمثل خطورة "الطريشة" في أن سمها يحتوي على مادة حارقة تشبه "مياه نار" تقتل الأنسجة الملامسة لمكان العضة، وينتشر خلال ساعتين في الجسم كله من مكان العضة، ما يتطلب قطع الجزء المصاب للحفاظ على حياة الضحية من الوفاة.
كان المهندس عادل النجار، رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة، قد أكد في تصريحات صحفية إن ظهور الثعابين والقوارض فى الصحراء أمر طبيعى، خاصة فى المناطق التى يتواجد بها مراحل بناء، وهو ما أكده عدد من المهندسين وشركات المقاولات التى تعمل فى المشروعات داخل مدينة القاهرة الجديدة.
لماذا ظهرت "الطريشة"؟
أما عن سبب ظهور "الطريشة" فهناك من أرجعها إلى حملة القضاء على الكلاب والقطط بالشوارع، وهناك من استبعد ذلك، وأرجعه إلى ارتفاع درجة الحرارة في التجمع الخامس بطريقة غير مسبوقة.
فمن جانبه قال الدكتور مجدى علام، الخبير البيئى، إن انتشار ثعبان الطريشة بالتجمع الخامس، يرجع إلى ارتقاع درجات الحرارة بطريقة غير مسبوقة، موضحا أن درجة الحرارة هى الأعلى منذ عام 1880 مما تسبب في سخونة الرمال، والتى تتخذ منها الثعابين أعشاش لها، وبدأت فى الهروب إلى أقرب منطقة رطبة، كالحدائق فى المناطق السكنية مثلا.
وأضاف علام، خلال تصريحات صحفية، أن استخدام الشيح لا يُبعد الثعابين كما يروج البعض، موضحا أنه يُفضل التواصل مباشرة مع مديرية الصحة، التى يظهر فى محيطها تلك الزواحف، حيث توجد إدارة متخصصة للمكافحة، وحذا من التعامل مباشرة معها لتلافى هجومها.
وفي المقال أرجع الدكتور محمد فهيم، أستاذ مركز البحوث الزراعية، ظهور ثعابين "الطريشة" في التجمع الخامس، إلى أنه نتيجة القضاء على الكلاب منذ عدة أيام، ما أدى إلى حدوث اختلال في التوازن البيئي، على حد قوله.
وأضاف فهيم، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية إيمان الحصري ببرنامج مساء DMC، أن ثعابين الطريشة هي حية قوية جدًا، وتأثير عضتها أكثر من 5 آلاف عضة كلب.
علاقته بقتل الكلاب
وبعدما انتشر الموضوع على نطاق واسع، نفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية في بيان لها، ما تم تداوله بشأن التخلص من الكلاب الضالة متعلق بوجود وانتشار أفعى "الطريشة" في المنطقة؛ موضحة أن هذا النوع من الثعابين قادر على قتل الكلاب وليس العكس.
وأشارت الوزارة، في بيانها، إلى أنها تكافح الآفات والحشرات داخل الأراضي الزراعية، ولكنها لا تتأخر في حال طلبها للتدخل للمكافحة في المناطق السكنية.
وبحسب البيان، فإن تدخل الوزارة في مثل هذه المناطق الراقية أو السكنية عمومًا يكون إرشاديًا؛ لأن النوعية التي تستخدم من المبيدات لمكافحة هذه الحيوانات، تختلف من السكنية إلى الزراعية، وبالتالي يجب التعامل معها بحرص في استخدامها؛ حفاظًا على حياة المواطنين.
البيئة تنفي..موجودة على السوشيال فقط
وتعليقا على ما يتردد بشأن انتشار أفعى الطريشة في التجمع الخامس، قال الدكتور أيمن حمادة، مدير عام تنوع الأنواع الأجناس في وزارة البيئة، إنه لم يتم تحديد مكان تواجدها من تلك الصور نهائيا، ولا يوجد دليل واحد على وجودها أو انتشارها في التجمع الخامس.
وأضاف حمادة، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «صالة التحرير»، المذاع عبر فضائية «صدى البلد»، مساء أمس السبت، أن الأخبار ُنشرت على السوشيال ميديا، ولا يوجد دليل لها في الحقيقة وتم التحري من عدم وجود بلاغات في التجمع الخامس.
وأشار مدير عام تنوع الأجناس بوزارة البيئة، إلى أن الوزارة لديها فرق متخصصة ومدربة على التعامل مع ظهور الزواحف الضارة والمواقف الطارئة بالتجمعات السكنية.
وتابع :"مسألة ظهور الطريشة في التجمع الخامس مثلما يشاع من وجهة نظري الشخصية غير موجود فقط غير على وسائل التواصل الاجتماعي، وليس موجود على أرض الواقع".
وطالب المواطنين فور رؤية أي زواحف ضارة الاتصال برقم شكاوى مجلس الوزراء والإبلاغ سريعا للتعامل مع الموقف، وعدم الاقتراب منها أكثر من اللازم.
كيفية الوقاية
وما بين ما يتم تداوله بانتشار ظهور افعى الطريشة ونفي ذلك، فهناك عدة نصائح توجه بها خبراء الحياة البرية، للتعامل مع هذا النوع من الأفاعي حال ظهور أو التعرض إلى لدغته.
وينصح الخبراء بإلقاء عشب الشيح بالنوافذ وحول مدتخا المنازل حال ظهور الأفعى في المنطقة السكنية، نظرا لان رائحة "الشيح" طاردة للثعابين والافاعي.
ومن جانبه حذر الدكتور عمر تمام، خبير الحياة البرية، وعميد معهد الدراسات البيئية في جامعة السادات، من التعامل مع ثعبان "الطريشة" السام، مشددًا على ضرورة الابتعاد عنه مترًا على الأقل وطلب النجدة حال رؤيته علي الفور.
فيما نصح حسين عبدالرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، بتقطيع الثوم والبصل ووضعه على أسوار المنزل وكذلك رش النفتالين يبعد الزواحف عن التسلل داخل المنازل.
وأشار نقيب الفلاحين، خلال تصريحات صحفية، إلى أن الطريشة ثعبان سام وقاتل، وعادة لا يهاجم الإنسان بل يفر عند الإحساس بوجوده ولا يلدغ إلا إذا أحس بالخطر.
ولفت إلى أنه من الأفضل تربية القطط في المنازل القريبة من الصحراء كعدو طبيعي للزواحف، والحرص الشديد من المشي في الأماكن الرملية، نظرا لأن الطريشة لونها مطابق للرمال مما يصعب رؤيتها.
وحذر نقيب الفلاحين من الاقتراب من ثعابين الطريشة، لأن لدغتها ليس لها علاج سوى بتر الجزء الملدوغ، كما أنه عندما يلدغ يموت الإنسان خلال دقائق معدودة، نافيًا جدوى علاج الجزء الملدوغ من خلال الماء والملح أو الصابون أو حتى مصل السموم.