تداول عدد من مواقع التواصل الاجتماعي أغنية من فيلم ( هاتولي راجل) للفنان هاني عادل والمطربة الشعبية أمينة (مين بيكمل مين.. مين بيعاند مين.. وانا وانت أكيد اتنين عن بعضنا مختلفين الخ ).. وبغضّ النظر عن تقييم الأغنية الشعبية في الآونة الأخيرة.. ولكن تلك الأغنية استحقت الوقوف عند كلماتها قليلاً؛ لأنها تغازل الصراع الفكري والثقافي بين الرجل والمرأة في (مين بيكمل مين) ومن يحتاج الى الآخر الرجل أم المرأة..
تشابك الأدوار
اختلطت الأدوار وتشابكت الاحتياجات ونسي الطرفان أن كليهما يحتاج للآخر وكليهما يسير في ساقية واحدة.. فالحياة لا تسير بالعقل وحده ولا بالعاطفة وحدها بل تبحر بالعقل والعاطفة معًا، ولذا قال الله سبحانه وتعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} أي الاثنين معًا كلٌّ في احتياج للآخر ولا يوجد معنى لعبارة (أنا اللى بكملك) بل كلانا يكمل بعضنا..
العقل والعاطفة معًا
وبما أنّ الحياة مزيج من العقل والعاطفة, فإنّ الحياة لا تبنى بالعقل وحده ولا بالعاطفة وحدها فلو أن الحياة سُلب منها العقل عادت فوضى لا نظام فيها. كذلك لا تستقيم الحياة لو كانت خلوًا من العاطفة وكانت كلّها عقلاً.. لكن الحياة بقيت متوازنة بوجود العقل والعاطفة معًا، وكانت آراء المتزوجين دليلاً على صحة تلك الكلمات كالآتي:
تقول شيماء أحمد 30 سنة: (مثل الزوجة والزوج في الحياة كمثل العاطفة والعقل , ولكن ذلك لا يعني أن المرأة عاطفة بلا عقل , وأن الرجل عقل بلا عاطفة , بل بمعنى أن المرأة كيان عاطفي يكون فيه تأثير العاطفة أقوى من الرجل- والعكس مع الرجل - فهو كيان يتغلب فيه العقل على العاطفة والحياة الزوجية تحتاج للعقل والعاطفة معًا لتسير بنجاح) .
ويعلق مصطفى محمود 28 سنة ويقول: (لا يوجد شيء اسمه مين بيكمل مين فكلاهما شخص واحد يكمل بعضهم من العقل والعاطفة فلو قلنا إن مجموع العقل والعاطفة مائة فإن عاطفة الرجل 40% وعقله 60% أما المرأة فتأثير عقلها 40% وعاطفتها 60% مثلاً من أجل تسيير الحياة فالزوج في احتياج زوجته لتكمله والزوجة في احتياج زوجها لتسير معه في قطار حياتها).
وبالنسبة لمنى محمد 45 سنة تقول: (من الطبيعي أن تختلف واجبات الزوجة عن واجبات الزوج بسبب الاختلاف الموجود في طبيعتهما والاختلاف الموجود أيضًا في وظيفة كل منهما في حياتهم الأسرية التي يبنيانها معًا).
ثقافة التكامل
وجدنا ذلك السؤال (مين بيكمل مين) يزداد استفهامًا في تلك الأيام وكأن ثقافة التكامل التي تبدأ (بالانسجام بين اثنين، يتبعه مزيج من مشاعر الحب والود والرحمة التي توفر غطاءً جيدًا لبيت سعيد) غائبة عن أذهان كثير من الأزواج والزوجات وربما ذلك من الأسباب التي أدَّت إلى ارتفاع نسبة الطلاق في الآونة الأخيرة..
فتقول هدير 35 سنة متزوجة: (كل طرف من الزوجين ينظر من منظور (الأنا الأعلى) في حياته الزوجية وأنه هو مصدر سعادتها واستمرارها دون الآخر متجاهلان أنهما في دائرة واحدة تدور لتلتقي بهم مرة ثانية دون أن ينفلت منها أحد.. فكل طرف لا يريد التنازل عن رغبة مخالفة نزولاً عند رغبة الآخر،
وتضيف (لابد أن تتنازل هي مرة ليتنازل هو مرات.. وذلك في سبيل بناء التكامل في الحياة الزوجية. وهو ما يفتقده كثير من الأزواج حين يتمسك كلٌّ برغبته، وتتصادم الرغبات، مما يقلل العطاءات.. يقل عطاء الزوج لزوجته ويقل عطاؤها له.
غموض الدور
وكان ذلك الاستفهام نتيجة طبيعية؛ لأن واجبات المرأة أُخذت منها وخُوّلت بواجبات الرجل, وواجبات الرجل أُخذت منه وأُعطيت للمرأة, لذلك حدث شلل في الحياة الأسرية.. وشلل في ثقافة التكامل نتيجة لغموض الأدوار..
وعن رأي محمود علي 38 سنة يقول: (قد يأتي الزوجان مختلفان عن بعضهما اجتماعيًا وثقافيًا فيحمل كل منهما توقعاته لأدوار الآخر التي يجب عليه أن ينفذها، فإذا لم يتفق الزوجان بشكل واضح على هذه التوقعات يظل أحدهما أو كلاهما محبطًا نتيجة أن الطرف الآخر يخذل توقعاته دون قصد بذلك.. فنجد مثلاً أن الزوج يوجه لوم لزوجته لأنها لم تكوِ ملابسه.. ما يسبب لها الضيق لأنها لا ترى أن هذا يدخل ضمن مسئوليتها كزوجة وبالتالي تشعر أن زوجها يظلمها دائمًا ولا يرضيه شيء. فيما يعتقد الزوج أن هذا من حقه.. فبالتالي غياب الأدوار مع فقدان مهارة التواصل تحول الخلاف إلى اختلاف ومن ثم إلى مشكلة..)
صراع الأدوار
في النهاية يعتبر التغير في ظروف الحياة الصعبة أدَّى إلى تحمل الزوجين مسئوليات إضافية عن أدوارهما التي اعتادوا عليها.. التي قد يعجز إحداهما عن إتمامها على أكمل وجه مفترض.. ومن ثم يشعران بالذنب؛ لأنهما لم يؤديا أدوارهما كاملة.. فنجد مثلاً المرأة تدور في ساقية شاقة طوال اليوم بين دور الزوجة والأم والعاملة.. وقد لا تمكنها قدراتها من القيام بكل تلك المسئوليات بمهارة أو بالشكل الذي تطمح به وكذلك بالنسبة للرجل الذي قد يضطر إلى القيام بأكثر من عمل لتلبية مطالب الحياة على حساب أدوار أخرى مهمة في حياته..