كان للمرأة النوبية دور كبير في الحياة السياسة في مصر، ففي فترة التسعينيات، اعتقلت اليسارية، فتحية السيد أحمد، زوجة اليساري النوبي زكي مراد، وصدر ضدها حكم سياسي بالحبس سنة مع التنفيذ بتهمة قلب نظام الحكم؛ لتصبح بعدها أول سيدة مصرية يصدر بشأنها حكم في قضية سياسية، لكن بعد ضغوط المجتمع الدولي تم إيقاف الحكم بعد مرور ثلاثة شهور من حبسها.
ترى نجلاء أبو المجد، عضو النادي النوبي العام بالقاهرة، عضو الهيئة العليا بحزب "المصريين الأحرار" ومسؤول ملف النوبة بالحزب، وعضو في اللجنة الدائمة للمرأة المصرية، وعضو في جبهة نساء مصر، أن دور المرأة النوبية لا يختلف كثيرًا عن دور الرجل النوبي سواء قبل الثورة أو بعدها، فالمرأة في كل الأحوال هي نصف المجتمع وتستطيع أن تخدمه من خلال كافة الأدوار التي تقوم بها سواء انحصر هذا الدور في دور الأم أو الزوجة أو المثقفة أو الناشطة أو السياسية أو غيرها.
واستطاعت أبو المجد أن تخدم القضية النوبية من خلال دخولها المعترك السياسي بعد ثورة 25 يناير، ومشاركتها في جميع الفاعليات الثورية، كما إنها انضمت إلى حزب المصريين الأحرار وشاركت في انتخاباته الأخيرة، وحصلت على عضو الهيئة العليا للحزب، وأصبحت مسؤولة عن الملف النوبي به، وفي بداية انضمامها للحزب، استطاعت أن تنظم رحلة لأعضاء الحزب إلى أراضي نصر النوبة بأسوان، ليكون حزب المصريين الاحرار من اوائل الأحزاب التي تعرفت على مشاكل أهالي النوبة على أرض الواقع.
وتقول أبو المجد إنها تحاول أن تدير ملف النوبة داخل الحزب بطريقة مختلفة عما سبق، وبشكل يخدم القضية النوبية ويساعد على تعرف عامة الشعب المصري بتاريخ المجتمع النوبي وثقافته وأهم المشكلات التي يواجهها، كما أنها تعمل على التواصل مع عدد من المنظمات والجمعيات من أجل تنظيم دورات تثقيف سياسي للمرأة النوبية لكي تستطيع أن تشارك بشكل فعال في الحياة السياسية.
النادي النوبي بالقاهرة
تقول أبو المجد: "إن تغيرًا كبيرًا لحق بالنادي النوبي العام بالقاهرة منذ اندلاع الثورة وحتى أحداث 30 يونيو الأخيرة، حيث تحول من مكان يجتمع فيه أهالي النوبة لمناقشة وطرح قضاياهم ومطالبهم وتقديم الخدمات لهم، إلى مكان يضم ويخدم كافة المصريين بجميع طوائفهم وتوجهاتهم.
ففي أحداث 30 يونيو أصبح مقر النادي العام من أحد أهم مقرات الثورة داخل ميدان التحرير، حيث كان مقر اقامة دائمة لأعضاء حملة تمرد بأسوان، هذا بجانب قيامه بتجهيز مستشفى ميداني بداخله لاستقبال حالات المصابين، كما استضاف حركة "ضد التحرش الجنسي"، واستقبل الحالات الخاصة بالتحرش الجنسي لتقديم العون لهم.
ثورة 25 يناير
التحم النوبيون مع جموع الشعب المصري الذي خرج في ثورة عارمة للمطالبة بإسقاط الرئيس المخلوع حسنى مبارك، والمطالبة بعمل تغيرات جذرية داخل المجتمع المصري، كالعدالة الاجتماعية والحرية وتوفير الخبز، وقدمت في سبيل ذلك أكثر من 12 شهيدًا نوبيًا، هذا بجانب سقوط شهيدين في أحداث استاد بورسعيد.
يقول أحمد جرين، ناشط نوبي، وأحد منسقي ائتلاف شباب النوبة، إن ثورة يناير كان لها دور كبير في معرفة عدد كبير من الشعب المصري بتاريخ النوبة، وأن هناك في جنوب مصر أبناء من هذا الوطن هجروا قسرًا من أراضيهم وبيوتهم من أجل بناء السد العالي، وأن أقصى أمانيهم هي أن يعودوا إلى أراضيهم الموجودة على ضفاف بحيرة ناصر.
أضاف جرين: "جاء ذلك عندما شارك النوبيين مثلهم كمثل أبناء هذا الوطن في أحداث وفعاليات الثورة"، وكان عندما يراهم الناس يظنون أنهم مجموعة من السودانيين جاءوا ليشاركوا ثوار مصر في ثورتهم المجيدة، وما على النوبيين إلا أنهم كانوا يقوموا بتوضيح الأمر لهم وتعريفهم بتاريخ النوبيين وقضاياهم ومطالبهم.
وأمضى جرين قائلًا: "كانت للثورة أيضًا فضل كبير على النوبيين، حيث أفرزت من رحمها عدد من الحركات الشبابية النوبية التي كانت تهدف بشكل أساسي إلى المطالبة بحقوق النوبيين المشروعة في العودة إلى اراضيهم التي هجروا منها".
كما ساعدت الثورة مع الوقت على زرع شعور لدى الشباب النوبي، بأن القضية النوبية أصبحت ملك لكل المصريين، وأن مطالب النوبة لن تحل إلا في إطار حل جميع المشاكل الخاصة بمصر لأن النوبة جزء لا يتجزأ من نسيج الوطن، وساعد هذا الشعور في انصهار عددٍ كبيرٍ من الشباب النوبي داخل الأحزاب والحركات الشبابية الوليدة التي ظهرت بعد ثورة يناير، مثل حزب الدستور والتحالف الشعبي الاشتراكي، والتيار الشعبي وغيرها.