رئيس التحرير: عادل صبري 11:15 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

كارثة عندهم وفرصة عندنا

كارثة عندهم وفرصة عندنا

مقالات مختارة

فهمي هويدي

فهمي هويدي يكتب:

كارثة عندهم وفرصة عندنا

نقلا عن الشروق 22 مارس 2017 10:03

إذا كنت من المتدينين المواظبين على الصلاة، فنحن أحوج ما نكون إلى دعائك فى الوقت الراهن لأن مستقبل البلد فى خطر. قد لا أستغرب أن يردد كثيرون هذه الدعوة فى بلادنا التى حالها كما تعلم، لكننا لابد أن نستغرب أن يطلقها صحفى محترم، أصبح أحد أشهر نجوم التليفزيون الأمريكى وأكثرهم صدقية. ثم إن الأمر لا يخلو من مفارقة، لأننا اعتدنا أن نلجأ إلى أمريكا لكى تشملنا بالرعاية والرضى وتحل مشاكلنا، ولم يخطر على بالنا أن تدور دورة الزمن بحيث ترتفع الأصوات هناك داعية للجوء إلى الله لكى يحل مشكلة الأمريكيين ويجبر بخاطرهم.

صحيح أن صاحب العبارة التى تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعى هو الإعلامى المخضرم دان راثر، إلا أننى قرأت الدعوة التى أطلقها فى كتابات أخرى لمثقفين أمريكيين قال بعضهم إنه بعدما ابتليت الولايات المتحدة بإعصار ترامب الذى يهدد بتدمير الكثير من القيم التى تعتز بها الولايات المتحدة، فقد حان الوقت لكى يقضى الأمريكيون وقتا أطول لتكثيف الدعاء إلى الله كى يرفع الغمة عن بلادهم.

فى نظر النخبة الأمريكية فترامب «كارثة». لكنه يعد فرصة يراهن عليها كثيرون فى دوائر القرار بالعالم العربى. وذلك وجه آخر للمفارقة. وأحسب أن الشق الأول من هذا المنطوق لم يعد بحاجة إلى إثبات، إذ تتكفل به أغلب التقارير اليومية القادمة من واشنطن التى لم تعد ترى فى الرجل فضيلة تستحق الذكر، حتى تكاد تجمع على أنه لن يكمل سنواته الأربع، خصوصا إذا وصلت التحقيقات الجارية بخصوص علاقته بالروس إلى نتيجة ليست فى صالحه، بل لم يستبعد صحفى مخضرم ومحترم هو توماس ريكس (له خبرته فى الواشنطن بوست) أن يؤدى استمراره فى السلطة إلى تعميق الانقسام الأمريكى بما يفضى إلى وقوع حرب أهلية فى الولايات المتحدة.

إذا كان الأمريكيون سيدبرون أمرهم لأن المجتمع بمؤسساته أقوى من السلطة، إلا أن ما يقلقنا أن يكون لذلك الرئيس الأمريكى دوره فى تدبير أمورنا نحن فى العالم العربى. ولست واثقا من دقة التسريبات التى تحدثت عن أن استئناف ضخ النفط السعودى لمصر أخيرا كان من ثمار اجتماع الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد فى المملكة مع الرئيس ترامب. (أشارت التسريبات إلى أن إسرائيل القريبة من قلبه وعقله كان لها دورها فى ذلك). مع ذلك فإن شعورنا بالقلق لابد أن يتضاعف حين نطالع الأخبار والتسريبات الأخرى التى تتحدث عن حلف «سُنِّى» تشارك فيه إسرائيل وترعاه الولايات المتحدة لمواجهة إيران. وتلك التى تتحدث عن مشروع أمريكى للتوصل إلى حل شامل للقضية الفلسطينية لا نتوقع له إلا أن يكون «نكبة» أخرى. كما أننا لم نفهم ــ ولا نتوقع خيرا بطبيعة الحال ــ مما تردد عن علاقة جديدة لمصر مع حلف الأطلنطى وإقامة بعثة دبلوماسية مصرية لدى الحلف فى بروكسل. على الأقل فذلك ما نما إلى علمنا وفاجأنا، والله وحده أعلم بما يجرى بعيدا عن أعيننا فى الاتصالات والاجتماعات السرية.

إنهم فى الولايات المتحدة يتطلعون إلى إزالة الكابوس وكيفية احتواء الكارثة التى حلت بهم. فى حين أن الرجل القادم من خارج السياسة والمرحب به فى العالم العربى، يقوم بدور رئيسى فى رسم خرائطه وترتيب أوضاعه. وذلك تحليل إذا صح فهو علامة على بؤس العالم العربى والمدى الذى وصل إليه هوانه. وفى أجواء الغيبوبة التى نعيشها، فإن أخشى ما أخشاه أن ينصرف البعض عن التفكير فى مصير المنطقة الذى يتشكل الآن فى واشنطن، لينشغلوا بالجدل حول ما إذا كانت صلاة الأمريكيين فى هذه الحالة ستقبل أم لا؟!

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان