كان لي الشرف حضور مؤتمر عن تقنيات الطرق الحديثة في العصر الحالي ومن متابعتي اتطلعت من خلال المحاضرات والندوات علي كم كبير من التقنيات والآليات الحديثة التي تستخدم في العالم علي كافة طرق المواصلات للحد من حوادث الطرق وكذلك إمكانية الوصول إلي مناطق إنتاج المواد الخام ومناطق التصنيع و مراكز التوزيع والاستهلاك بشكل ميسّر وبالتالي فمثل هذه التقنيات والشبكات الحديثة ادوات حيوية عند الحديث عن التنمية و الاستثمار بشتى أنواعه. لان شبكات الطرق في عصرنا الحالي أضحت من أهم المقومات التي تُعنى بها الدول؛ لأنها بمثابة الشرايين التي تمر من خلالها سلسلة متصلة من النشاطات التجارية والاجتماعية والثقافية التي تعزز مسيرة الاقتصاد الوطني للدول.
لذلك فإن الدول الراغبة في تحقيق نهضة اقتصادية حقيقة انتبهت مبكراً لهذه القضية المحورية فعملت في مشاريع لبناء شبكات من الطرق المتنوعة وجعلتها الخيار الأول في برامجها للتنمية المستدامة حتي تستطيع تحقيق معدلات أعلى في التنمية.
تذكرت هذا المؤتمر حين فوجعّت مصر بواحدة من حوادث الطرق التي لا تتوقف حين قتل أكثر من أربعين شخصاً كانوا في طريق عودتهم أو العكس من مدينة شرم الشيخ وهذه حادثة واحدة من كثير تؤكد إن مصر لا تحتاج إلي مشروعات كبري إذا أردت إن تلحق بقطار التنمية المستدامة لأنها وبكل بساطة لا تمتلك شبكة مواصلات.
لذلك تبادري إلي خيالي لو أنني كنت احد مستشاري الرئيس عبد الفتاح السيسي لنصحته بأمرين هامين الأول ألا يذهب جوا بطائرة هليكوبتر صغيرة ستهبط به في قلب ساحة جامعة قناة السويس بالإسماعيلية ليعلن من هناك تدشين مشروع قناة السويس الجديدة لتصبح في الاتجاهين في وقت واحد. وعليه أن يتخفي في زي رجل بسيط و يستقل سيارته أو سيارة أجرة أو باص تابع لشركة شرق الدلتا ( صاحبة اكبر أعطال علي الطريق في تاريخ مصر) وسأطلب منه أن يحمل معه ورقة ليسجل كل صغيرة وكبيرة مما سيلاقيه في رحلته البسيطة والتي لا تتجاوز مسافتها 120 كيلو متر مع الأخذ في الاعتبار أن طريق مصر الإسماعيلية يعد من الطرق التي تعد في حسابات وزارة النقل والمواصلات من الطرق جيدة السمعة. في نفس الوقت يطلب من احد مستشاريه أن يتخفي أيضا و يذهب إلي الصعيد ويستقل مقطورة نقل تحمل محصول قصب السكر لأحد المزارعين قبل أن يذهب إلي المصنع سواء في نجع حمادي أو أبو قرقاص.
في تصوري أن دفتر الملاحظات لكليهما سيسجل مآسي حقيقية سواء المتعلق منها بكم الإهمال و التكسير وكثبان التراب علي الجانبين وقلة الخدمات و المطبات و الحواجز و ضيق الطرق وعدم صيانتها ( برغم وجود محطات تحصيل هدفها الرئيسي صيانة الطرق ) ناهيك عن عدم جود لوحات استرشادية مما يترتب عليه الآتي.
1 - استنفاذ أوقات ضخمة من المصريين علي مثل هذه الطرق وهو يساوي بقيمة السوق مليارات الجنيهات سنويا.
2 - التكاليف الباهظة التي تتحملها الدولة في علاج العجزة والمصابين من نتائج الحوادث شبة اليومية بخلاف تعويضات القتلى.
3 - كم التعويضات التي تدفعها شركات التامين للتعويض المتضررين عن تلك الحوادث.
4 - تكلفة الفاقد من البضائع سواء خضروات أو بضائع غذائية أو أدوية تحتاج إلي سرعة نقلها ما بين مناطق الإنتاج إلي أسواق الاستهلاك أتصور انه لو تم قياسه بشكل دقيق سنكون أمام أرقام خيالية.
5 - الخسائر الغير مباشرة والمتمثلة في بيئة كهذه ستؤثر بالسلب علي تطوير مصر السياحية أو جلب المزيد من الاستثمار.
الأمر الثاني ونحن أمام هذه الحقيقة المفزعة و التي لا تخطئها أي عين ناصحة كاشفة أمينة تريد الإصلاح والتنمية المستدامة للبلاد سوي ساقول له برجاء سيادة الرئيس الغي خطابك وعد مرة أخري إلي القاهرة ولتعلن أمام المصريين من العاصمة أن مشروعك القومي وتحديك الأكبر هو إنشاء شبكة طرق حديثة تكون بمثابة رسالة للعالم أننا ماضون إلي التنمية من أول درجات سلمها الطبيعي ولنؤجل مشروع قناة السويس أو غيره لأننا حاجة إلي طرق توصلنا إلي المستقبل لا إلي القبور.