رئيس التحرير: عادل صبري 01:35 مساءً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

بين حكومة شفافة وشعب يبحث عن الشفافية ... تذكرة مترو بجنيهين

بين حكومة شفافة وشعب يبحث عن الشفافية ... تذكرة مترو بجنيهين

مقالات مختارة

بين حكومة شفافة وشعب يبحث عن الشفافية ... تذكرة مترو بجنيهين

أمينة خيري تكتب:

بين حكومة شفافة وشعب يبحث عن الشفافية ... تذكرة مترو بجنيهين

امتلأ «فايسبوك» حسابات معقدة وأرقاماً مفصلة وقوائم متلتلة تارة تبيّن الفرق بين ما كان قبل الجمعة 24 آذار (مارس) 2017 وما بعده، حيث تذكرة مترو الأنفاق زاد سعرها الضعف وقفزت من بند المعقول إلى تصنيف اللامعقول لتؤثر سلباً على ما تبقى من جنيهات معدودة مخصصة لنصف كيلو لحم هنا أو كيلو سمك هناك، وتارة أخرى توضح كيف أن الدولة ضحت بهنائها وآثرت سعادة المواطن على رخاء جيوبها على مدار سنوات طويلة وأنه آن الأوان لإعادة الجنيهات المسلوبة إلى خزانة الحكومة.

 

الحكومة الواقعة بين «قيل» المناوئين لإجراءاتها الاقتصادية الشديدة الإيلام و «قال» المدافعين عنها باعتبار الإجراءات شراً لا بد منه، أو مؤجلات حان تفعيلها أو جراحات وجب إنفاذها، تجد نفسها واقفة على الطرف الآخر المواجه للشعب، فعلى الرغم من التعديلات الوزارية الأخيرة، وتغيرات الوجوه الكثيرة، والتصريحات العديدة للمتحدثين باسم الوزراء، يقف المواطن على اختلاف توجهاته موقف الحياد السلبي منها. فلا هو يحبها، ولا يكرهها، ولا يعتبرها مسؤولة عما يعانيه من ضيق ذات اليد وثقل حمل الكاهل وخلو محتوى الجيب، ولا يطالبها بتحسين، ولا يأمل منها خيراً أو شراً، أو كما قال أحدهم: «أحياناً أنسى أنها موجودة. تبدو شفافة».

 

وبين شفافة وشفافية ياء تعني الكثير. «يعني لماذا لا يخرج المسؤولون (ولم يقل الوزراء) بشفافية ويعلنون علينا قائمة بالأسعار والسلع والفواتير المتوقعة زيادتها؟ لماذا نستيقظ من النوم صباح يوم العطلة ليضربنا خبر زيادة هنا أو رفع دعم هناك؟ مع العلم أن كل زيادة فجائية تسبقها أسابيع من النفي الرسمي لتلك الزيادة؟!»، يتساءل الأستاذ أحمد حازم، الذي وجد نفسه دافعاً أربعة جنيهات بدلاً من اثنين قيمة تذكرتي مترو الأنفاق صباح أمس. وعلى رغم أنه أشار في إطار اعتراضه على يقينه بأن سعر الجنيه الواحد لم يكن يوماً سعراً واقعياً وأن خدمة المترو وصيانته تحتاج أضعاف هذا المبلغ، إلا أنه يتمسك باعتراض شديد على الأساليب الحكومية الحديثة في تمرير الدواء المر.

 

مرارة التمرير وفجائية القرارات تنعكس جليّة في نتيجة استطلاع أداء رئيس الوزراء وحكومته، حيث انقسم المصريون أربعة أقسام متساوية تقريباً تتراوح بين مصنفين للأداء أنه جيّد (22 في المئة) ومتوسط (25 في المئة) وسيئ (18 في المئة) وغير قادر على التقييم (30 في المئة)، وهي نتيجة غير مسبوقة في عالم الاستطلاعات، إذ تعكس ضبابية رؤى وغمامة تخطيط.

 

التخطيط لما ستفعله الحكومة بالمواطنين أو لهم أو عليهم، يبقى في علم الغيب أو طي الكتمان أو خارج نطاق التوقع. توقّع المواطنون أن تخرج عليهم الحكومة هذه الأيام بنتائج مفصّلة وتفسيرات موضحة عن أسباب تسمم واشتباه في تسمم ما يزيد على أربعة آلاف و500 تلميذ مدرسي في عدد من المحافظات المدرسية، فإذ بوزير التربية والتعليم يخرج بترجيح غريب مفاده أنه ربما لم يغسلوا أياديهم قبل تناول الوجبات، ومطمئناً الملايين إلى أن نسبة من تسمموا لا تتعدى أربعة بين كل عشرة آلاف طالب، ما يعني إنها نسبة متدنية مقارنة بدول أخرى!

 

وكان آخر ما توقعه كثيرون من المصريين أن تخرج عليهم وزارة الصحة بهجمة مرتدة بدلاً من نهضة مرتقبة في ما يختص بنظام التأمين الصحي.

 

فمنذ أطلق وزير الصحة الدكتور أحمد عماد العنان لنظريته عن تهاوي منظومة مجانية الصحة والتعليم -وهي سياسة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر- بسبب «أن الصحة مجانية لكل فرد وكذلك التعليم، فراح التعليم وراحت الصحة»، والمصريون في حيرة شديدة من أمرهم، فبالإضافة إلى غضب كثيرين من محبي عبدالناصر، دبّ الرعب وتملّك القلق من ملايين ترقباً لقرارات هنا أو تحركات هناك لإلغاء هذه المجانية أو النيل من تلك الخدمات تدريجياً أو مباغتة في ذات صباح عطلة. وعلى رغم محاولة الوزير التخفيف من حدة ما قال بأن كلماته أسيء فهمها، وأن نظام التأمين الصحي الشامل الذى يتم الإعداد له حالياً ما هو إلا استكمال لمسيرة بدأها زعيم عظيم لخدمة هذا الشعب الأبي، إلا أن الشعب الأبيّ يجد نفسه منقسماً قسمين كعادته هذه الأيام. قسم يضع يده على قلبه خوفاً من قرار مباغت، وقسم يستعد لتبرير القرار المباغت من باب «شر لا بد منه» أو «جراحة وجب تنفيذها».

 

وفي كلتا الحالتين، يقف القسمان على جبهة قوامها الضبابية وغياب الشفافية في مواجهة جبهة الحكومة الشفافة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان