رئيس التحرير: عادل صبري 09:01 مساءً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

القصيدة المغناة.. ما بين مشروع قومي وانحدار الذوق العام

القصيدة المغناة.. ما بين مشروع قومي وانحدار الذوق العام

ميديا

نجوم الغناء

القصيدة المغناة.. ما بين مشروع قومي وانحدار الذوق العام

كرمة أيمن 21 مارس 2017 18:18

ظلت القصيدة المغناة على مدى سنوات طويلة العمود الفقري للغناء، واختفت في تلك الآونة من الساحة الفنية ويعتبر البعض عودتها من المستحيلات..

 

لكن إذا امعنا النظر سنجد أنها حولنا تحيط بنا نتفاعل معها ونهيم في كلماتها ونذوب مع ألحانها، وإلا كانت أغاني كوكب الشرق أم كلثوم أو العندليب عبد الحليم حافظ اختفت، لكننا نستمع إليها حتى يومنا هذا، وحتى مع وجود كلمات صعبة فكانت مغلفة بألحان سلسة مختارة بذكاء تخترق الأذان بصرف النظر كان المتلقي صاحب ثقافة عالية أو شخص أمي..

 

وهنا كان علينا طرح عدة تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لاختفاء القصيدة المغناة، وهل ستستعيد مكانتها في هذا العصر؟ وما مدى تقبل الجمهور لها وسط انتشار أغاني المهرجانات؟..

 

وفي اليوم العالمي للشعر، استطلعت "مصر العربية" في هذا التقرير آراء الشعراء حول أسباب اختفاء القصيدة المغناة:

 

في البداية، روى الشاعر سعيد شحاتة، تجربة شخصية له، قائلًا: احتكيت بأكثر من مطرب واكتشفت أن فكرة القصيدة عندهم انتهت بل أصبحت مستحيلة، فهم يريدون غنوه بكلمات خفيفة تتماشى مع الدماغ الشبابية – على حد تعبيرهم-.
 

وأشار أن أغاني القصيدة لم تقبل في الوقت الحالي إلا من الفنان كاظم الساهر لما يمتلكه من امكانيات روحية تمكنه من ركوب القصيدة أثناء الغناء، وبات الجمهور ينتظهر قصائد نزار القباني على لسان وأنغام "القصير كاظم الساهر".

 

وعن سبب اختفاء هذا اللون، أوضح سعيد شحاتة، أن المطربين الموجدين على الساحة غير قادرين على غناء القصائد، ويراهنون على فكرة التسطيح والفرقعة التي تسود الشارع بشكل عام.

 

وأكمل: القصائد تحتاج لشاعر من طراز فريد كالأبنودي، وصلاح جاهين، ذات حس عالي، وله القدرة على استطلاع الكلمة.

ويرى أن الفنانين الذين تغنوا بالقصائد انحسروا على المستوى الجماهيري، ضاربًا مثال بالفنان علي الحجار.

ودعا الشعب المصري للاستماع لقصيدة "قبل النهاردة" التي غنتها وردة، مشيرًا أنها كانت مهر الشاعر عبد الرحمن الأبنودي لزوجته نهال كمال.
 

وبرهن الشاعر والمسرحي أحمد سراج، سبب اختفاء القصيدة مشيرًا أن قديمًا كانت كلمات الأغاني هي من يجذب الجمهور، أما الآن الناس تتشد إلا ما هو حول الأغاني حتى لو كانت الكلمات خفيفة، فهم يبحثون عن الإيقاع السريع.

 

وبيّن أن هذا النوع من الأغاني يمكن أن يعود للساحة الفنية، موضحًا أن أغاني كوكب الشرق كانت انقلابًا على نوعيات الأغاني التي كانت موجودة آن ذاك.

وأوضح أن هناك أكثر من سبب لاختفاء القصيدة المغناة منها البحث عن الإيقاع السريع والربح، وتراجع مستوى التعليم بالإضافة إلى العزوف عن الكلمة والرصانة، وتراجع دور التليفزيون والإذاعة بعد أن كانوا داعمين لهذا الفن، لافتًا أن الأغنية الشعرية تستمد صعودها وتطورها من ثقافة الشعب واعتزازه باللغة العربية.

 

"مشروع قومي" بهذه الكلمة أشار أحمد سراج، أنها الحل لتعود للقصيدة المغناة مكانتها، قائلًا: "غياب المشروع القومي سبب انحدار وندرة القصيدة المغناة، ففي العصر السابق كنا نلتف حول "وطني حبيبي الوطن الأكبر"، وكانت الدولة تقيم احتفال مهيب للمولد النبوي يتنافس به الشعراء، وكانت الأهرام تفرد صفحتها الأولى لقصائد أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، أما الآن الوضع اختلف واصبحنا بلا هوية".

 

وطالب أحمد سراج، من الدولة الاهتمام بطلاب معاهد الموسيقى وتدريبهم خلال اربع سنوات على غناء قصائد الفصحى ودعمهم للاحتكاك بالجمهور، مشددًا بالبدء بالمدراس لأنها النواة التي تصدر هذه المواهب.

 

ومن جهته، قال الشاعر عبده الزارع؛ إن القصيدة المغناة اختفت بشكل كبير من الحياة الثقافية والعربية، لقلة وجود الشعراء الذين يبدعون في كتابة القصائد على غرار أحمد رامي وحافظ إبراهيم، وأحمد شوقي وشاعر الأطلال أحمد ناجي.

ولفت أن السبب في اختفاء القصيدة من الأغاني يرجع للجو العام، فقديمًا كانت الأجواء ملائمة لازدهار هذا النوع من الفن، أما الآن ظهر الشعر الغنائي الذي واكب العصر، مع ندرة الملحنين الكبار واللجوء للاستسهال والبحث عن الكلمة البسيطة السهلة باللغة العامية.

 

وأشار إلى وجود عدد كبير من القصائد الصالحة للغناء، لكن العاملون في هذا المجال لا يتعبون أنفسهم بالبحث.

وتابع: "في الوقت الحالي نعاني من فساد الذوق وللأسف يلجأ الكثير من المغنيين للقصائد الصغيرة والأغنية لا تتعدى خمس دقائق، لأن امكانياتهم ضعيفة جدًا على الرغم من جمال أصواتهم، ولا يستطيعون الوقوف على المسرح ساعة كاملة ليشدو أغنية واحدة كما كانت تفعل سيدة الغناء أم كلثوم.

وعن عودة القصيدة المغناة مرة أخرى، قال الشاعر عبده الزارع، إن هذا ممكنًا خاصة أن الجمهور واعًا جدًا لهذه النوعية من الأغاني، ولفت أن أم كلثوم كانت تغني بالعربية الفصحى وبالرغم من ذلك كان لها جمهور كبير من البسطاء يطربون من هذه الأغنيات ويرددوها ويفهمون معانيها.

وحكى الشاعر عبده الزارع، قائلًا: "في إحدى حفلات أم كلثوم كان يهتف أحد الحضور في الفواصل بين المقاطع "أنا والحمار فداكي يا ست"، وبعد انتهاء الحفل طلبت أن يأتي لها هذا الرجل لمعرفة ما هي حكايته.. ليقول لها أنه "عربجي" وباع حماره لكي يحضر الحفل، وهنا منحته أم كلثوم دعوة لحضور كل حفلاتها مجانًا".

 

واختتم حديثه: "إذا عادت القصائد المغناة للساحة الفنية المستمعين سيتواصلوا معها لأنها تخلق حالة فنية راقية".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان