بعد صمت دام أربعة عقود ونصف، يكتب رفيق تشي جيفارا الأرجنتيني سيرو بوستوس روايته عن قصة مقتل المناضل الثوري في أدغال بوليفيا، نافيا المزاعم التي تحدثت عن خيانته لصديقه خلال التحقيقات التي تعرض لها أثناء اعتقاله من قبل الجيش البوليفي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
ونقلت "جريدة النباء الكويتية" عن صحيفة "إندبندنت"، أن الرواية التي كتبها بوستوس في كتاب تحت عنوان "تشي يريد أن يراك" تكشف عن استمرار مشاعر الإحباط التي ما زالت تراوده من نظريات المؤامرة لدوره في الأيام الأخيرة لجيفارا.
وسيرو بوستوس، الذي كان يحاكم على نشاطاته في حرب العصابات في بوليفيا عندما سمع بمقتل تشي جيفارا، كتب: "عندما سمعت النبأ، شعرت كما لو أن طلقة قد أصابتني".
وكان من المفترض أن يقود المرحلة الثانية من خطة جيفارا الرئيسية الداعية إلى نشر الثورة الاشتراكية على امتداد أميركا اللاتينية، لكن الأمور لم تجر كما كان مخططا لها.
وفي 19 أبريل 1967، قال بوستوس مودعا جيفارا: "بإمكاني رؤية أنه إذا لم نغادر في تلك اللحظة فسوف نشنق في الأدغال، فالجيش البوليفي يحول كل المنطقة إلى منطقة عسكرية".
وكان المثقف الفرنسي ريجيس دوبريه برفقة بوستوس، وقبل مغادرتهما، قدم جيفارا لبوستوس سترته من جلد الغنم المقلد، وقال له: "إذا جرى اعتقالك، فإن أهم شيء تقوم به هو إخفاء وجود الكوبيين هنا، ووجودي أيضا في الوقت الحالي، لكن إذا رأيت انهم على علم بكل ما يجري، فامض قدما، وتحدث عما تنوي القيام به لكن دون تفاصيل".
ولقد صدقت تحذيرات جيفارا، فقد اعتقل كل من بوستوس ودوبريه بالقرب من مويوبامبا من قبل الجيش البوليفي، وعندما استجوبهما الضباط البوليفيون أطاع بوستوس الجزء الأول من تعليمات جيفارا، حيث تظاهر بأنه صحافي يغطي حقوق السجناء السياسيين.
لكن بعد 20 يوما، انكشفت هويته الحقيقية من بصمات أصابعه، فوافق على رسم بعض الرسومات التقريبية عن رجال العصابات في الأدغال، وخريطة عن مكان وجود المخيم.
يقول إنه كان بإمكانه رؤية أن المحققين لديهم المعلومات التي كانوا يفتشون عنها أصلا، لكنه اتهم من قبل البعض على أساس ما قدمه من رسومات.
لاسيما أن كاتب السيرة الذاتية لتشي جيفارا الفرنسي بيير كالفون اعتبره من خان جيفارا لكن يبقى السؤال: أي من السجينين دوبريه أم بوستوس، انهار أولا، والرجلان كانا في وضعين مستحيلين، لكن دوبريه خرج كبطل، وبوستوس بعد إدانته على نشاطاته في حرب العصابات في عام 1967، اكتنفه الغموض.
هل كان بوستوس مدركا فيما كان يرسم تلك الصور في ذاك اليوم، أنها ستغير مجرى حياته، يتنهد: "لقد سئلت هذا السؤال مرات عدة، لكنها لا تعني شيئا، كل ما فعلته كان رسم أشخاص مع لحى".