"آفة حارتنا النسيان" جملة عبقرية تكثف الكثير من المعاني وتلخص العديد من المؤلفات عن طباع البشر وسرعة تغيرهم وعدم اتخاذهم العبرة والعظة من التجارب الحياتية التي يمرون بها أو تلك التي مر بها سابقوهم ليبدأ كل منهم التجربة من بدايتها.
اتخذ كاتب نوبل نجيب محفوظ تلك الجملة كخاتمة لفصول روايته أولاد حارتنا والتي هاجمه فيها الكثيرون بدعوى أنها تنشر الإلحاد وباتهام بأنه يجسد فيها الأنبياء بينما دافع عنه آخرون لمجرد الدفاع ولم يتصدّ سواء المهاجمون أوالمدافعون لدراسة الرواية كعمل أدبي خالص من إبداع صاحبه.
وتأتى جملة محفوظ كخاتمة لحياة جيل من أجيال روايته بعد أن مر به الكثير من المواقف الجمعية والمجتمعية من الممكن أن تتخذ كأساس لحياة الجيل اللاحق له إلا أن آفه تلك الحارة التى جرت فيها الأحداث وضمت بين ثناياها تلك الأجيال هي الشيء الوحيد الذي يتم توارثه بشكل مستمر ألا وهو النسيان.
ويبدو أن تلك الآفة قد أصابت ذكرى الكاتب العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل في الآداب فقد توارت أي فاعليات للاحتفاء بذكراه ليس في مصر بلده الأم بل فى الوطن العربى من الخليج إلى المحيط.
فنجيب محفوظ بقيمته الكبرى التى مهدت الطريق لانتشار أدب الرواية المصرية ورسم صورة عن المجتمع المصري بجدلياته في عهود مختلفة لدى العالم ككل لم تهتم به وزارة الثقافة فى هذا اليوم إلا من خلال ندوتين من ندوات الغرف المغلقة التي يحضر إليها المسئولون والأدباء يتحدثون معا عن قيمة الرجل وأثره في الأدبين العربي والعالمي دون أي أثر يذكر على المجتمع الذي يتعطش لأي بارقة ثقافية في ظل ما يعيشه من مشاكل وصعاب.
واقتصر الاحتفاء بذكرى الرجل على ندوة تقام مساء اليوم السبت بالمجلس الأعلى للثقافة يحضرها الوزير جابر عصفور بصفته النقدية بينما يقيم قصر الأمير طاز التابع لصندوق التنمية الثقافية ندوة مساء غد يشارك بها الناقدة نهاد صليحة والدكتور مدحت الجيار والروائي إبراهيم عبد المجيد والفنان حمدي أحمد.
ولم تجد ذكرى محفوظ الصدى اللائق بها في باقي قطاعات الوزارة وخاصة هيئة قصور الثقافة والتي تمتد أذرعها الثقافية وتصورها على طول البلاد وعرضها والتى يمكن أن تكون منصات انطلاق لمحاربة الأفكار المتطرفة والتي يدعى النظام الحالي أنه يحاربها.
كما لم تنشر الهيئة المصرية العامة للكتاب أيا من الأعمال التي تتحدث عن نجيب محفوظ بما فيها السلاسل والمجلات التي خرجت خالية من ذكر للراحل من باب ذر الرماد.
شاهد الفيديو
اقرأ أيضًا:
رؤوف مسعد: أدب نجيب محفوظ كشف فساد الأنظمة
"محفوظ.. علامة مضيئة" بقصر الأمير طاز
عمار علي حسن: "الإرادة" سر عبقرية نجيب محفوظ
حضور متجدد لنجيب محفوظ بالأعلى للثقافة
الهلال تنشر مخطوطات نادرة لأولى روايات محفوظ
يحيى شاهين سى السيد السينما المصرية
إطلاق الدورة الثانية لجائزة نجيب محفوظ للترجمة
سمير عبد الباقي: تم تكريمي بعد إنتاج 170 كتابًا
أحمد شلبي: علينا مواجهة تهميش 15 مليونًا من ذوي الاحتياجات الخاصة
المجلة ترصد مظاهر رمضان بأدب نجيب محفوظ
نقاد: الهوية السبب وراء نشوب الحروب في العالم
ليالي رمضان الثقافية تحتفل بذكرى انتصار أكتوبر