رئيس التحرير: عادل صبري 03:40 مساءً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

مصير ليبيا في يد روسيا؟

مصير ليبيا في يد روسيا؟

مقالات مختارة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

مصير ليبيا في يد روسيا؟

فلاديمير فرولوف 22 مارس 2017 21:11

ليست مفاجئة تلك التقارير التي تتحدث عن نشر روسيا قوات خاصة في قاعدة عسكرية في مصر لمساعدة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر. ولا يبدو النفي الروسي الرسمي مفاجئاً. وعلى رغم النفي، تبدو التقارير الإعلامية في محلها. فموسكو لم تتستر يوماً على دعم حفتر، وهو ضابط في الجيش الليبي تعاون مع معمر القذافي خلال انقلاب 1969، وسبق له العمل مع السوفيات ووكالة الاستخبارات المركزية (سي أي آي)، وفي 2011 عرقل الجهود الغربية لإرساء الاستقرار في ليبيا.

 

ومذذاك إلى 2017، أخرج حفتر دوره على صورة مقاتل ضد «الإرهابيين الإسلامويين المتطرفين» وقائد للجيش الوطني الليبي الذي يسيطر على شطر واسع من شرق ليبيا. ويتعاون الجيش مع البرلمان الليبي المنشق في طبرق (انتخب في 2014) والذي لا يعترف بسلطة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج والمدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس.

 

وزار حفتر في تموز (يوليو) وتشرين الثاني (نوفمبر) المنصرمين موسكو حيث لقي حفاوة الاستقبال وعومل معاملة خاصة، والتقى رموز الحكم البارزة، بما في ذلك وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ووزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، وأمين مجلس الأمن القومي، نيكولاي باتروشيف. ولم تعلن تفاصيل المحادثات، ولكن لا شك في أنها تناولت دعم قوات حفتر للسيطرة على كامل ليبيا واستعادة الاستقرار والحكم المركزي في شكل من أشكال الديكتاتورية العسكرية. ولربما ناقش الطرفان، كذلك، رغبة روسيا في إبرام عقود تسلح وطاقة. فموسكو تؤلمها إلى اليوم خسارة العقود العسكرية والتجارية التي أبرمها بوتين مع القذافي في 2010، وقيمتها تفوق 4 بلايين دولار.

 

وفي 11 كانون الثاني (يناير)، صعد حفتر على متن حاملة الطائرات الروسية «الأميرال كوزنيتسوف» في رحلة عودتها من عمليات القصف في سورية، ووقع مجموعة من الاتفاقات غير المعلنة مع الجيش الروسي. كما أجرى مؤتمراً عبر الفيديو من على متن السفينة مع وزير الدفاع الروسي. ولا ريب في أن حفتر رجل روسيا الأول والأساسي في ليبيا. وتبدو الحماسة العسكرية الروسية في ليبيا منطقية في مقاييس السياسة. وإذا انتصر جناح حفتر في ليبيا، وسعه إرساء صيغة مخففة من ديكتاتورية القذافي. وعودة الديكتاتورية هذه انتكاسة مذهلة للانتفاضة الليبية التي بدأت في 2011 والتدخل العسكري الغربي الذي أطاح بالديكتاتور، على رغم الاعتراضات الروسية. ومثل هذا (العودة إلى ديكتاتورية القذافي) إذا وقع هو خير دليل على قدرة روسيا على إحباط الجهود الغربية في تغيير النظام وتعزيز الديموقراطية.

 

ولكن هل الرهان على حفتر في محله؟ موسكو تسعى إلى تسويغ دعمها لحفتر أمام الغرب بالقول إنّه السبيل الأمثل إلى الاستقرار في ليبيا، وقمع «داعش» و «القاعدة»، ووقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا والأسلحة للجماعات الإرهابية في أفريقيا. وهي تحاول كذلك إقناع أوروبا بأن حفتر هو الحل السريع لمراقبة الحدود مراقبةً فعالة. لكن قدرات الجنرال هذا محدودة. فقوات الجيش الوطني الليبي ليست جيشاً ولا تمثل ليبيا كلها، بل هي ائتلاف فضفاض من ميليشيات البدو المحلية في بنغازي ولا تملك التغلب على حكومة طرابلس. ويقتضي فوز حفتر في ليبيا تدريباً وتسليحاً روسياً ضخمين، وإرسال قوات روسيّة خاصة ومستشارين عسكريين إلى ميادين المعارك لتنسيق الضربات الجوية. وكل هذا اليوم غير قانوني.

 

والأغلب على الظن أن ينظر اللاعبون الدوليون الرئيسيون إلى أي هجوم عسكري «حفتري» على طرابلس، على أنّه حرب أهلية شاملة تؤدي إلى موجة جديدة من اللاجئين نحو أوروبا. وطلب الاتحاد الأوروبي والجزائر من روسيا وساطتها لعقد اتفاق بين حفتر وحكومة الوفاق يفوز فيها حفتر بمنصب وزير الدفاع. واقترح السراج هذا الحل في شباط (فبراير)، وروسيا أبدت اهتماماً وبحثت في الاقتراح، لكن حفتر رفض. واليوم، يفاقم الأمور نشر موسكو قوات روسية خاصة لدعم حفتر. ويبدو أن روسيا تلتزم سياستين منفصلتين ومتباينتين في ليبيا. فموقف وزارة الخارجية الروسية أكثر ميلاً إلى «خيار المصالحة» المدعوم من الاتحاد الأوروبي، واعتبار حفتر جزء من الحل وليس «الحل».

 

بينما تسعى وزارة الدفاع الروسية وبعض المسؤولين في الكرملين إلى برنامج دعم عسكري واسع النطاق يرمي إلى بسط حفتر سيطرته الكاملة على البلد. وهذا السعي يهمش الغرب، ويعظم مكاسب روسيا المستقبلية. وثمة تباين وخلاف بين هذين النهجين، ما لم تكن خطة وزارة الخارجية ببساطة غطاء لمشروع وزارة الدفاع. وحدها الأيام المقبلة تحمل الجواب.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان