في ترقب دولي وعربي لما سيسفرعنه "مؤتمر برلين" الذي تعقده ألمانيا اليوم من أجل حلحلة الأزمة الليبية المشتعلة، بمشاركة العديد من رؤساء الدول الفاعلة في المنطقة، في تحرك جديد للألمان للعب دور الوسط خارج أوروبا.
برلين تحتضن أطراف الصراع في ليبيا، وأبرز المدعوين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما يحضر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بجانب الفرقاء الليبيين.
وتبذل ألمانيا جهودا كبيرة من أجل إنهاء الصراع في بلد على شفا حفرة من حرب دولية بين أطراف عدة متشابكة، وتسعى جاهدة لإنجاز عملية السلام في ليبيا.
دور الوسيط
واتخذت برلين خطوات عدة منذ اشتعال الوضع في ليبيا وأعلنت منذ ذلك الحين هدفها وهو وقف التدخلات الأجنبية في الأزمة المشتعلة، فهل تنجح ألمانيا في توحيد الرؤى الدولية حيال الأزمة قبل جلوس الفرقاء الليبين على طاولة الحوار.
ويقول كونراد شيتر من مركز بون الدولي للتحويل عن طبيعة دبلوماسية السلام الألمانية: "هي منطقة جديدة على ألمانيا وهي أن تعمل كوسيط قوي وهي التي لطالما كانت تميل دائماً لاتخاذ مسارات محمية مع الجهات الفاعلة الأخرى"، وذلك في تصريحاته مع شبكة دويتشه فيله.
لكن هناك ما يدعو للتفاؤل في أن تساهم برلين في تقريب وجهات النظر في ليبيا، وكان للألمان دور كبير في توقيع اتفاق سلام عام 2001، لجمع الفرقاء الأفغان بعد الإطاحة بنظام طالبان فيما عُرف بـ "مؤتمر بون".
كما دأبت ألمانيا على التحرك النشط عقب اندلاع الأزمة الأوكرانية عام 2014، وفي ديسمبر الماضي، كُللت جهود برلين وباريس في الجمع بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في قمة باريس.
عرقلة يونانية
وفي ظل المساعي التي تجريها برلين، تصطدم بموقف يوناني يبدو غامضا بعض الشيء، حيث استقبلت أثينا الجنرال خليفة حفتر قائد "الجيش الوطني الليبي" وذلك عشية مؤتمر برلين الذي يبحث عن حل سلمي للنزاع في ليبيا، وهو ما اعتبرته أنقرة خطوة "تقوّض" جهود عملية السلام.
وكانت اليونان تسعى للمشاركة في محادثات برلين التي لم تدع إليها، حيث تبحث عن دور أكبر في ليبيا بعد توقيع حكومة الوفاق الليبية مذكرة تفاهم مع أنقرة في نوفمبر الماضي تتيح لها حقوقا للتنقيب عن النفط والغاز في مناطق واسعة من شرق البحر المتوسط، وهي الحقوق التي تطالب بها اليونان وقبرص.
وصرح رئيس الحكومة اليونانية في وقت سابق أن أثينا سترفض داخل الاتحاد الأوروبي أي اتفاق سلام ما لم يتم إلغاء الاتفاق المثير للجدل بين أنقرة وحكومة طرابلس.
بدورها ردت تركيا على الموقف اليوناني على لسان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أن "دعوة حفتر إلى اليونان وتسليط الضوء على الأجندة اليونانية يقوّضان جهود إرساء السلام في ليبيا.. نود ان نذّكر أصدقاءنا اليونانيين بأن هذه الجهود العقيمة لن تجدي".
وتدعم تركيا حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، وقد أقر برلمانها في يناير الحالي نصا يتيح إرسال قوات تركية إلى ليبيا.
وقال تشاوش أوغلو إن الاتفاقين المبرمين مع طرابلس أثارا قلق اليونان، مشيرا إلى أن أثينا، وبدلا من الحوار، قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع ما وصفها "الحكومة الشرعية" الليبية.
لكن وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس عاد وأكد بعد اجتماعه مع خليفة حفتر أن أثينا شجعت الجنرال على التصرف البناء في محادثات برلين في محاولة لإنهاء القتال من أجل السيطرة على طرابلس.