رئيس التحرير: عادل صبري 11:06 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

مركز إسرائيلي يكشف كواليس العلاقات بين الأردن وتل أبيب

مركز إسرائيلي يكشف كواليس العلاقات بين الأردن وتل أبيب

صحافة أجنبية

الملك حسين يشعل سيجارة إسحق رابين

مع مرور 20 عامًا على معاهدة السلام بينهما..

مركز إسرائيلي يكشف كواليس العلاقات بين الأردن وتل أبيب

معتز بالله محمد 27 أكتوبر 2014 20:24

فك مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، الكثير من الطلاسم التي ميزت العلاقات الإسرائيلية الأردنية، وذلك بمناسية مرور 20 عامًا على توقيع معاهدة السلام بين الدولتين.

واعتبر المركز أن العلاقات السرية بين عمان وتل أبيب، اعتمدت منذ وقت طويل على اعتبار الفلسطينيين خصمًا مشتركًا يجب احتواؤه أو مواجهته.

 

ورأى "عوديد عيرن" الدبلوماسي الإسرائيلي والسفير السابق بالأردن، أن الانتقادات الأردنية الحالية للتصرفات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، ناجم عن خوف الملك عبد الله الثاني، من اندلاع انتفاضة ثالثة، تؤدي إلى موجة جديدة من فرار فلسطينيين للأردن، ما يهدد بقاء النظام الهاشمي هناك.

 

وأضاف "عيرن" في دراسة جديدة نشرها المركز، أن اتفاقات السلام مع الأردن ومصر، يمكن النظر إليها كخيبة أمل، كونها لم تلبِ طموحات الإسرائيليين، حيث اقتصرت على الجانب الرسمي، لا الاجتماعي والمدني، مؤكدًا في ذات الوقت ضرورة أن تتعامل تل أبيب بحساسية تجاه الضغوط الداخلية التي يواجهها النظامان المصري والأردني، وأن تعبر على ذلك من خلال التوصل لاتفاق دائم مع الفلسطينيين.

 

الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، اعتبر أن الأردن تكتفي بانتقادات إسرائيل دون الإقدام على أي خطوة عملية، علمًا أنه باستطاعتها إحراج إسرائيل بل وإلحاق الأذى بها على المستوى الدولي، كون الأردن عضوًا في مجلس الأمن لفترة عامين.

 

وإلى نص الدراسة..

مضى عشرون عامًا منذ توقيع معاهدة السلام، التي وفرت موافقة رسمية وعلنية للتحدث السري، الذي استمر عشرات السنين، ربما ليس بشكل متصل، بين إسرائيل والأردن، اعتمد الحوار بين الدولتين على مصلحة متطابقة لكلتيهما، ظلت سارية المفعول، وهي احتواء اللاعب المنافس لهما في الشرق الأوسط، الفلسطينيين.

 

غيرت حرب التحرير عام 1948 (نكبة فلسطين "المترجم")، بشكل دراماتيكي، منظومة اعتبارات الملك عبد الله الأول، الذي وجد نفسه يحكم أيضًا الضفة الغربية لنهر الأردن إضافة للقدس الشرقية، كما وجد نفسه مضطرًا للتصدي لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، الذين فر معظمهم إلى شرق النهر، بعد احتلال الضفة الغربية على يد الأردن، وفرار اللاجئين للضفة الشرقية ضم الملك عبد الله الضفة والقدس، وذلك في تناقض صارخ للمنطق الهاشمي، الذي كان يفترض أن يحافظ على أغلبية أردنية ويقلص من البعد الفلسطيني داخل المملكة.

 

بعد 15 عامًا من حرب التحرير، جدد حفيد عبد الله، الملك حسين، الحوار مع القيادة الإسرائيلية، إلا أن قدرة الملك الشاب على المناورة لم تساعده في صد الضغط الذي مارسه عليه الرئيس المصري عبد الناصر، للانضمام للحرب ضد إسرائيل، التي اندلعت في يونيو 1967، هذه الخطوة أيضًا كانت ضد المنطق السياسي الهاشمي، الذي كان من المفترض أن يوجه الأردن.

 

لكن في وقت لاحق، قلصت خسارة الضفة الغربية الجزء الفلسطيني داخل سكان الدولة، هذا الوضع الذي يسهل اليوم على القطاع الهاشمي التصدي لكونه أقلية بالدولة، سهل عليه أيضًا التصدي لانتفاضة القومية الفلسطينية، التي عبرت عن نفسها في إقامة منظمة التحرير الفلسطينية في 1964، عملت التنظيمات الفلسطينية ضد إسرائيل من داخل الضفة الغربية، عندما كانت لا تزال جزءًا من المملكة، واضطروا إلى نقل قواعدهم للأردن في أعقاب الضغط العسكري من قبل إسرائيل.

 

هكذا وُلد التناقض، "إسرائيل، التي هوجمت من قبل الأردن، قبل ثلاث سنوات، سارعت في 1970 للدفاع عن المملكة من سوريا، التي بدأت إرسال قوات إلى أرضها، بهدف دعم التنظيمات الفلسطينية في صراعها ضد النظام الهاشمي وحمايتها من الجيش الأردني".

 

على مدى سنوات استمر الحوار الخفي بين إسرائيل والملك حسين، هذا الحوار خلق تناقضًا جديدًا: القيادة الإسرائيلية التي كانت تنتمي لما يعرف اليوم بـ"حركة العمل"، رفضت كل اقتراحات الملك للعودة وفرض السيطرة تدريجيًا على أجزاء من الضفة، فشل الخطوة التي حيكت بين وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك شيمون بيريز وبين الملك حسين في 1987، بقصد إعطاء الأردن دورًا في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، دفع الملك إلى إعلان انفصال رسمي عن الضفة الغربية.

 

في أعقاب هذا الانفصال، بدأ التغير في موقف منظمة التحرير من إسرائيل، وبات الطريق ممهدًا لمعاهدة أوسلو، التي تم توقيعها في 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير، هكذا منح هذا الانفصال بطاقة التأهيل للمفاوضات بين إسرائيل والأردن ولمعاهدة السلام بين البلدين، التي وقعت بعد 13 شهرًا فقط من توقيع اتفاق أوسلو، وهو ما يعني أن الملك حسين لم ينتظر معرفة ما إن كانت إسرائيل والفلسطينيون سيصلون فعلاً لاتفاق دائم كامل، فقد سارع لإجراء مفاوضات مع إسرائيل وإزالة شبكة تمويه كانت تغلف العلاقات بين البلدين، التي أحيطت بسرية كبيرة.

 

لكن، افتراض الملك، أن المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ستثمر خلال خمس سنوات اتفاق دائم كامل، لم يكن فقط ما لم يتحقق، بل قامت حكومة في إسرائيل رأت في اتفاق أوسلو خطأ فادحًا.

 

منذ 1996، ظهر الكثيرون في حكومات إسرائيل بتشكيلاتها المختلفة الذين رأوا في الأردن وطنًا بديلاً للفلسطينيين. هذه الفكرة قضت مضاجع رؤساء النظام الهاشمي، وهي بالفعل قاعدة السياسة العامة للأردن تجاه مثلث العلاقات الأردنية - الإسرائيلية -الفلسطينية.

 

الانتقاد اللاذع الذي أبداه الملك عبد الله الثاني للتطرف في إسرائيل فيما يتعلق بالمسائل المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين، وخاصة عمليات الاستيطان الإسرائيلية بالضفة الغربية، ناجم عن الخوف من اندلاع انتفاضة ثالثة، تؤدي إلى موجة ثالثة من فرار فلسطينيين للأردن - تطور من شأنه إنهاء النظام الهاشمي بالمملكة.

 

معاهدة السلام مع إسرائيل تعترف بالوضع الخاص للأردن في كل ما يتعلق بالمناطق الدينية الإسلامية بالقدس، إسرائيل من جانبها تحرص على إشراك الأردن في كل ما يخص تلك المناطق بالقدس الشرقية، لكن انطلاقًا من اعتبارات سياسية - داخلية وإقليمية، تفضل الحكومة الأردنية الاستمرار في انتقاد ما يحدث بالمدينة، حتى إذا لم تتعلق الأحداث بالمناطق الإسلامية المقدسة.

 

مع ذلك، فإن الانتقاد ومهما كان لاذعًا، فلم يترجم حتى الآن لعملية حقيقية، هذا على الرغم من أن الأردن وبصفتها عضوًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في العامين 2014-2015، كان بإمكانها أن تتسبب في مشكلات وأضرار لإسرائيل على الساحة الدولية.

 

يلعب الاعتراف الأردني بتأثير إسرائيل على الكونجرس الأمريكي دورًا هامًا في تهدئة ردود الأردن حيال ما تعتبره استفزازات إسرائيلية - البناء في يهودا والسامرة وفي القدس الشرقية، يعكس ضبط النفس هذا رؤية واسعة لمنظومة المصالح العامة للمملكة، خاصة على خلفية وفي أعقاب التغيرات التي حدثت في الشرق الأوسط خلال السنوات الأربعة الماضية.

 

تسمح معاهدة السلام، على سبيل المثال، بتزويد الأردن بالمياه الإسرائيلية، وتعاني الأردن من نقص دائم بالمياه، وهو ما تفاقم في السنوات الأخيرة، مع وصول نحو 2 مليون لاجئ عراقي وسوري إلى داخل المملكة، إسرائيل هي المزود الفوري، والوحيد في هذه المرحلة، للمياه إلى الأردن، وتنفذ التزاماتها في هذا المجال بمصداقية.

 

تسبب وقف ضخ الغاز الطبيعي من مصر للأردن بسبب الإرهاب في شبه جزيرة سيناء في أضرار ضخمة للاقتصاد الأردني، وفي هذه المرحلة تنحصر إمكانية تزويد الأردن بالغاز فقط في إسرائيل، الصادرات الأردنية عبر الموانئ البحرية في سوريا توقفت تمامًا بسبب الحرب الأهلية الدائرة في هذا البلد، ويشكل معبر الشاحنات من الأردن لميناء حيفا بديلاً عنها.

 

قارن الملك عبد الله مؤخرًا بين التطرف السياسي في إسرائيل، وبين تلك الملحوظة في العالم العربي هذه المقارنة معيبة، لكنها تشهد على تصاعد القلق في الأردن من نشاط تنظيم "الدولة الإسلامية"- داعش - ومن فصائل إسلامية مشابهة داخل الأردن، وتشير المحاكمات التي أجريت لمؤيدي داعش في الأردن، وكذلك تظاهرات مؤيدي التنظيم التي انطلقت في المدينة الجنوبية معان، إلى تأييد التنظيمات الإسلامية المتطرفة داخل المملكة، في هذه الملابسات، ينطوي التعاون الأمني بين الأردن وإسرائيل على أهمية بالغة.

 

الذكرى العشرين لمعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن، ليست يوم عيد، لكنها أيضًا ليست يوم صوم، يمكن النظر لهذه المعاهدة، وكذلك لمعاهدة السلام الموقعة بين إسرائيل ومصر، كخيبة أمل، ليست هناك أي سخونة في العلاقات بين إسرائيل وكلا البلدين، معظم المعاهدات ذات الصلة حول التعاون في المجالات المختلفة، ظلت على الورق، دون أي تحقيق، ليس هناك تقريبًا أي ذكر لتعاون في المجال الاجتماعي المدني، كذلك فإن آلاف السياح الإسرائيليين الذين زاروا في الماضي المناطق السياحية المعروفة في كلتا الدولتين، أطلقوا لسيقانهم العنان من هناك خوفًا من الإرهاب.

 

من ناحية أخرى، توفر معاهدات السلام مع الأردن ومصر، إطارًا رسميًا يسمح بالتعاون الذي يلبي المصالح الحيوية لإسرائيل وأيضًا للدولتين الجارتين، إسرائيل المعنية بحفظ استقرار الأنظمة القائمة في الأردن ومصر، يجب أن تتعامل بحساسية مع الضغوط الداخلية التي يواجهها تلك الأنظمة، وذلك أيضًا من خلال دفع العملية السياسية مع الفلسطينيين كتعبير عن ذلك.

 

اقرأ أيضًا:

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان