رئيس التحرير: عادل صبري 10:23 صباحاً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

خطة "تايم" لتجفيف منابع داعش المالية

خطة "تايم" لتجفيف منابع داعش المالية

محمد البرقوقي 23 أكتوبر 2014 08:24

" كيف يمكن تجفيف منابع داعش المالية؟" عنوان اختارته مجلة التايم الأمريكية لمقالة أعدتها الكاتبة ناينا باجيكال التي راحت تقول فيها إن الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلاميا بـ"داعش" ما هي إلا جبهة وحيدة في تلك المعركة الشرسة التي لم تُحسم بعد.

وذكرت المجلة الأسبوعية أن وزارة الخزانة الأمريكية قد كشفت مؤخرا عن خطط للقضاء على مصادر مسلحي داعش المالية من خلال استهداف أنشطتها النفطية وفرض عقوبات على الأشخاص أو حتى الجهات الضالعة في تمويلهم.

لكن إلى أي مدى ستكون  تلك المهمة سهلة، ولاسيما إذا كان الأمر يتعلق بجماعة مسلحة ينظر إليها المحللون على أنها المنظمة الأغنى في العالم في التاريخ الحديث؟ هذا هو السؤال الذي طرحته المجلة وحاولت الإجابة عليه.

فقد نسبت المجلة لفواز جرجس، الباحث في قسم الدراسات الشرق أوسطية المعاصرة في كلية لندن للاقتصاد، قوله إن " نابليون بونابرت قال ذات مرة " الجيش يمشي على معدته"، وحتى داعش بحاجة إلى إطعام وتسليح قواتها، لإعالة أسرهم. فإذا ما تتبعت مصادر أموالهم وحاولت تجويعها ماليا فستبدأ حينئذ في شل حركتها ومن ثم القضاء عليها نهائيا".

ومع ذلك، والكلام للمجلة، فليس تتبع أموال داعش ومعرفة مصادرها أمرا هينا، بحسب خبراء تحدثوا إلى التايم، مؤكدين أنه من الصعب التحقق من الأرقام، بسبب غياب الباحثين والصحفيين المستقلين في تلك المنطقة.

وعلاوة على ذلك تتعامل داعش ماليا بصفة أساسية، وكذا تعمل خارج حدود القنوات الشرعية التي يمكن تعقبها من جانب وزارة الخزانة الأمريكية، بحسب فاليري مارسيل، خبير الطاقة والموارد بالشرق الأوسط في دار أبحاث " تشاتام هاوس" التي تتخذ من لندن مقرا لها.

ونتيجة لذلك، تتراوح التقديرات الخاصة بإيرادات داعش اليومية بين مليون و 3 ملايين دولار. وفي هذا الصدد، أوضح فواز جرجس أن داعش قد قدرت الأموال بعشرات الملايين من الدولارات، مردفا أن التنظيم حاول في الشهور القليلة الماضية أن يحد من إنفاقه قدر المستطاع لإحباط مساعي التحالف الرامية إلى كسر شوكته المالية.

ورأت المجلة أنه في الوقت الذي يتنامى فيه تنظيم داعش في الحجم وتزداد سيطرته على أجزاء واسعة في العراق وسوريا، تشهد مصادر دخله هي الأخرى تحولا. وقال جوستن دارجين، أخصائي الطاقة في الشرق الأوسط بجامعة أكسفورد، إنه "على الرغم من أن التمويل الممنوح من رعاة خليجيين قد ساعد على الصعود السريع لجماعة داعش، لا تمثل التبرعات الفردية أهمية كبرى"، إذ إن داعش نجحت في تطوير مصادر دخل مستقلة خاصة بها.

ويتفق ديفيد باتر، الخبير السياسي والاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط في " تشاتام هاوس"، مع وجهة النظر السابقة، مبررا ذلك بأن المنافع التي تتحصل عليها داعش تأتي من كونها تعتمد قليلا على الأموال القادمة من الخارج، مقارنة بالجماعات الجهادية المتشددة الأخرى التي تعتمد على التبرعات.

وفي واقع الأمر، يذهب خبراء إلى أن ثمة فرقا واحدا جوهريا بين داعش وغيرها من الجماعات الجهادية والذي يتمثل في النظر الأكثر برجماتية للأولى. فبينما نرى تنظيم القاعدة أكثر تركيزا على تكوين خلايا لتمويل العمليات الإرهابية التي تستهدف الغرب، نجد داعش وقد صبت جل تركيزها على توسيع رقعة سيطرتها، مسيطرة في ذلك على ما يقابلها من موارد طبيعية ومراكز تجارية، جنبا إلى جنب مع عشرات الآلاف من الأسلحة والذخيرة.

وعلى الرغم من صعوبة الوقوف على الطريقة التي تدير بها داعش المناطق الواقعة تحت سيطرتها، قال بول روجرز، الخبير الاستشاري الأمني العالمي في مؤسسة "أكسفورد ريسيرش جروب" إن المعلومات الواردة من وسائل الإعلام الاجتماعي تشير إلى أن "داعش تتسم بالكفاءة في إدارة الأمور في سوريا". وبما أن التنظيم مستمر في تقديم خدمات مثل المياه والكهرباء، فإنه قادر على فرض ضرائب على المزارعين، شركات التجزئة، بل حتى الوقود".

لكن السواد الأعظم من إيرادات داعش إنما تأتي من المناطق والأقاليم التي تسيطر عليها، والتي يتمتع الكثير منها بوفرة الموارد الزراعية، وفقا لما صرح به روجرز. فعلى سبيل المثال، تقدر الأمم المتحدة أن الأراضي في العراق والتي تخضع لسيطرة داعش تمثل نحو 40% من الإنتاج السنوي من القمح في البلاد.

وتقول التقديرات إن تنظيم "داعش" هو الأغنى في العالم بالوقت الراهن، حيث يقوم بإنتاج وبيع كميات كبيرة من النفط يوميا، وذلك بفضل المصافي والحقول التي تمكن من السيطرة عليها، كما أن مقاتلي التنظيم تمكنوا من نهب مئات الملايين من الدولارات من فرع البنك المركزي العراقي بمدينة الموصل، عندما دخلوها وسيطروا عليها قبل شهور.

 

وبفضل المنشآت النفطية والمصارف التي تمكن "داعش" من السيطرة عليها فإنه تمكن من بناء اقتصاد متكامل، لكن كل أعمال التجارة التي يقوم بها ليست مشروعة، وليس فقط تجارة البشر، حيث إنه يقوم ببيع النفط لعصابات تهريب غالبا ما تكون في تركيا وتقوم بشرائه بأسعار أقل بكثير من السعر العالمي، لتقوم بإعادة بيعه في السوق السوداء بالدول المجاورة.

 

وعلاوة على ذلك، يقوم تنظيم "داعش" بعمليات بيع واسعة للنساء والأطفال الذين يقوم باختطافهم، لتمثل عمليات تجارة البشر واحدة من أهم مصادر التمويل للتنظيم، فضلاً على أنه يتمكن بفضل هذه التجارة من إغراء واستقطاب مزيد من المقاتلين من مختلف أنحاء العالم ممن يتم تأمين نساء لهم كــ"سبايا وعبيد" فور وصولهم إلى الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم.

 

وبالطبع، تسيطر داعش على عدد لا بأس به من حقول النفط في كل من العراق وسوريا، ويقدر محللون تحدثوا إلى التايم بأن الإيرادات السنوية من الإنتاج النفطي للمسلحين يتراوح بين 1 و 3 ملايين دولار يوميا، وعلى الرغم من أن هذا الرقم لا يمثل سوى كسر من تجارة النفط العالمية، يعتبر المبلغ مفيدا جدا لتمويل مسلحي داعش الذين يتراوح عددهم بين 20.000 و 31.500 فرد، وفقا لتقديرات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي إيه".

ولذا، فإنه إذا ما استمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في قصف منشآت داعش النفطية، فسوف تكافح الجماعة شيئا فشيئا من أجل تمويل نفسها. وكان تقرير صادر مؤخرا عن وكالة الطاقة الدولية التي تتخذ من باريس مقرا لها قد لفت إلى أن الهجمات الجوية على داعش أسهمت في تقليص إنتاجها النفطي إلى نحو 20.000 برميل يوميا، من أعلى مستوى له قبل شهرين ( 70.000 برميل يوميا).

وفي الوقت ذاته، فإنه إذا ما استمر التحالف في استهداف المنشآت النفطية لداعش، فلن يقدر المسلحون على استخدام مركباتهم العسكرية التي تُدار بوقود الديزل والغاز الذي تنتجه  مصافي التكرير المحلية الصغيرة، لكن المدنيين القاطنين في المناطق التي يسيطر عليها داعش والذين يُقدر عددهم بين 6 و 8 ملايين شخص، هم من سيتضررون من تأثير الهجمات الجوية ولاسيما مع اقتراب موسم الشتاء، حيث يعتمدون على نحو متزايد على الديزل في أغراض التسخين وتدوير الآلات الزراعية، والمخابز والمولدات.

لكن إذا ما خسرت الجماعة تلك المعركة عما قريب، فسيُكتب لقوات التحالف النجاح في نسف شبكة التمويل الواسعة التي تغذي عمليات داعش العسكرية. وإلى أن يتحقق ذلك على الأرض، سيظل التنظيم يمثل تهديدا حقيقيا للمنطقة والعالم بأسره.

اضغط هنا لمتابعة النص الأصلي

اقرأ أيضا:

داعش-قبلة-الحياة-لنظام-اﻷسد" style="font-size: 13px; line-height: 1.6;">واشنطن بوست: حرب داعش قبلة الحياة لنظام اﻷسد

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان