"الحكم القضائي بإعدام 529 من معارضي السلطة، قد يكون صادرا بناء على تعليماتك أمنية وسياسية، ما دفع قضاة المحكمة إلى إصدار مثل هذا الحكم القاسي لكسب ود السلطة الحالية".. هذا ما خلصت إلى صحيفة "نيويويورك تايمز"الأمريكية من خلال استطلاع آراء خبراء قانون في هذه القضية التي أثارت جدلا محليا ودوليا.
رأى أساتذة قانون أيضا- بحسب الصحيفة الأمريكية- أن الحكم نابع عن "دوافع عدائية داخل قضاة المحكمة تجاه مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي والمعارضين الآخرين".
وقال ناثان براون، خبير في القانون المصري في جامعة جورج واشنطن: "إن سرعة إصدار الحكم وقسوته العارمة توضحان عمق الخلل داخل مؤسسات الدولة المصرية، وتظهران حقيقة القمع الطائش واللاعقلاني الذي يتبناه النظام المصري القائم ضد المعارضة".
واعتبرت الصحيفة أن الحكم السريع بإعدام 529 من أنصار الإخوان في جلستين فقط - على خلفية اتهامهم في أحداث العنف التي شهدها مركز مطاي بالمنيا عقب أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة - يُعد بمثابة تسريع لوتيرة القمع ضد مناصري مرسي والمعارضة.
كما يُظهر الحكم إصرار بعض القضاة على دعم الحكومة الحالية، والتعامل مع الإسلاميين بقسوة في معاقلهم، وأيضا مواصلة اعتبار القضاة الرئيس المعزول بأنه خائن، بحسب الصحيفة.
ويؤكد خبراء قانونيون أن المحاكمة هي أكبر محاكمة جماعية أو إدانة في تاريخ مصر الحديث، وبمثابة تسريع مفاجئ لحملة القمع التي تشنها الحكومة ضد الإسلاميين والمعارضين الليبراليين عقب الإطاحة بمرسي الصيف الماضي.
كريم مدحت عنارة، باحث في العمل الشرطي والعدالة الجنائية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بدوره قال "لم نسمع أبدا عن أي حكم بهذا الحجم، داخل مصر أو خارجها، الوضع يشبه إعدام جماعي".
وأضاف "الأمر مثير للسخرية"، مشيرا إلى أنه من المستحيل إثبات أن أكثر من 500 شخصا لعبوا جميعا أدوارا ذات أهمية في قتل شرطي واحد، لاسيما أن الحكم جاء عقب جلسة واحدة من المحاكمة.
وتابع عنارة "من الواضح أن الحكم يأتي في إطار محاولة السلطات لترويع وترهيب المعارضة، وخاصة المعارضة الإسلامية، لكن هل ينخرط القضاة إلى هذا الحد من العمق في شئون السياسة؟"
في السياق ذاته، قالت الصحيفة إنه الحكم الذي صدر من محكمة بالمنيا، وهي أحد معاقل الإسلاميين الكبرى بالمناطق الريفية التي تقع على خط النيل جنوبي القاهرة، يُظهر عزم وتصميم القضاة علي التعامل بعنف مع الإسلاميين في المناطق التي يشكلون فيها مخاطر على النظام الجديد.
وكانت الحكومة قد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين بأنها تنظيما إرهابيا، وقتلت نحو ألف من مناصري الرئيس المعزول بعد الإطاحة به، وألقت القبض على الآلاف غيرهم دون تهم أو محاكمات، بحسب الصحيفة
ويقول محامون إنه من المؤكد أن المدانين سيطعنون على الحكم، لأن نحو 400 منهم هاربين تم الحكم عليهم غيابيا، وينص القانون المصريعلى أن المدانين في هذه الحالة لديهم الحق في الاستئناف إذا تم اعتقالهم.
من جانبها، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بيانا – من مكتبها بلندن – يفيد بأن الجماعة ستلجأ للاستئناف على الحكم، واصفة قرار المحكمة بأنه "انتهاكا واضحا لقواعد الإنسانية والعدالة القانونية".
حاولت الحكومة استباق الغضب من الحكم، وذلك بإصدارها بيانا يؤكد أن "القضاء المصري مستقل تماما وغير متأثر بالسلطة التنفيذية بتاتا"، متابعا أن "الحكم صدر من محكمة مستقلة بعد دراسة معمقة للقضية".
يأتي هذا الحكم في وقت تنتظر فيه مصر إعلان المشير عبدالفتاح السيسي – وزير الدفاع والإنتاج الحربي - رسميا ترشحة لانتخابات الرئاسة، وكان السيسي قد ألمح إلى أن إعلان ترشحه قريبا، ويبدو أن سلطات الانتخابات تنتظر إعلان السيسي قبل تحديد موعد الانتخابات، بحسب الصحيفة.
روابط ذات صلة:
رويترز: حكم إعدام 529 تصعيد خطير ضد الإخوان
ناصر أمين: حكم المنيا غير مسبوق
إحالة أوراق 529 متهمًا في أحداث المنيا للمفتي
