رئيس التحرير: عادل صبري 04:49 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

دراسة إسرائيلية: مصر غير قادرة على تطبيق النموذج الصيني

دراسة إسرائيلية: مصر غير قادرة على تطبيق النموذج الصيني

صحافة أجنبية

الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والصيني شي جين بينغ

دراسة إسرائيلية: مصر غير قادرة على تطبيق النموذج الصيني

معتز بالله محمد 19 أغسطس 2019 17:57

شككت دراسة إسرائيلية في إمكانية تطبيق النموذج التنموي الصيني في مصر، معتبرةً أنه من الصعب نسخ نموذج يلائم الخصائص الفريدة للصين مع البلدان النامية الأخرى في العالم.

 

الدراسة التي أعدها مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجماعة تل أبيب والمنشورة اليوم الإثنين 19 أغسطس 2019، اعتبرت أن إنجازات الصين يمكن أن تخدم مصر كمصدر للإلهام لمواجهة مجموعة من التحديات الأساسية، لكن هذا لا يعني أن بإمكان القاهرة تبني النموذج الصيني كاستراتيجية عمل شاملة.

 

وبحسب الدراسة فإن اسم الصين يتردد خلال الفترة الأخيرة بشكل متكرر في الحديث الرسمي المصري كنموذج تضعه القاهرة نصب عينيها في بلورة خطتها الاقتصادية.

 

وينظر لـ "نموذج التنمية الصيني" في مصر كنموذج للتحديث والتقدم العلمي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والاندماج في الاقتصادي العالمي وإنشاء مشاريع ضخمة، تجلب معها معدلات نمو عالية وتسمح بمواجهة ناجحة مع تحديات الزيادة السكانية وكذلك تقود إلى تقليص الفقر.

 

ولفتت الدراسة إلى أن "قصة النجاح" الصينية تهدف أن تساعد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي على تبرير النموذج السياسي المطبق في مصر أمام الجماهير في الداخل والخارج.

 

وزعمت الدراسة أن "طرح النموذج الصيني يأتي كدليل على أن حكماً استبدادياً مركزياً وفاعلاً، يجمع بين خصائص السوق الحرة، هو حيوي لتحقيق الأهداف الوطنية لبلد نام مثل مصر".

 

واعتبرت أن "مناقشة النموذج الصيني تعكس اعتراف مصر الحالي بالحاجة إلى رفع مستوى أنظمتها الاقتصادية".

 

واستدركت "لكن يبدو أنه من الناحية العملية تم استخدام (النموذج الصيني) حتى الآن كأداة إعلامية وكمصدر للإلهام، ومن المشكوك فيه للغاية أنه يمكن تطبيقه كخطة عمل منظمة وشاملة".

 

 تقول الدراسة :"تطلع نظام السيسي في السنوات الأخيرة إلى البلدان التي قد تساعد خبرتها وإنجازاتها في مجالات التنمية والاقتصاد في إصلاح مصر، بما في ذلك "النمور الآسيوية" والهند وماليزيا وحتى إسرائيل في بعض الأحيان".

 

وتضيف :"مع ذلك فإن الصين هي نموذج المحاكاة الأكثر طرحاً في مصر. شدد السيسي في لقاء مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في أبريل 2019، على أن بلاده ترغب في الاستفادة من التجربة الصينية من أجل تحقيق انتعاش اقتصادي شامل".

 

وفي الوقت نفسه دعت عشرات المقالات في الصحف المصرية الرسمية مؤخرًا إلى الاستعانة بالنموذج الصيني لتشكيل رؤية مصر الاقتصادية في مختلف المجالات، على رأسها: تطوير الاقتصاد المصري وتحويله إلى اقتصاد منتج وتنافسي يندمج في السوق العالمية، ومواجهة تحديات الزيادة السكانية والفقر، والتعليم المصمم حسب احتياجات سوق العمل، والاستثمار في الابتكار التكنولوجي، وإنشاء نظام اقتصادي لامركزي، تتابع الدراسة الإسرائيلية.

 

واعتبرت الدراسة أن نموذج التنمية الصيني في نسخته الأصلية يحتوي على عنصرين: الأول المجال الاقتصادي من خلال نسخ عناصر اقتصاديات سوق ليبرالي عبر فتح الأسواق الداخلية للتجارة والاستثمار المحلي والأجنبي، ودفع سوق عمل ديناميكي، وخفض الضرائب والحد من اللوائح التنظيمية المحلية والاستثمار في تطوير بنى تحتية عامة متطورة، مع الدمج بين التمويل الخاص والحكومي.

 

أما العنصر الثاني الذي يعتمد عليه نموذج التنمية الصيني، فهو المجال السياسي :"الحفاظ على حكومة الحزب الواحد السلطوية وتعزيزها، والتي يتمتع الحزب فيها بسلطة مطلقة على الحكومة والمحاكم والجيش وأجهزة الأمن الداخلي ، فضلاً عن السيطرة على التدفق الحر للمعلومات في البلاد".

 

 الغرض من هذا النموذج، كما تشير الدراسة الإسرائيلية هو خلق والحفاظ على التوازن بين التنمية الاقتصادية ذات الخصائص الليبرالية المحدودة والاستقرار السياسي القائم على الحكم الاستبدادي.

 

وتلفت الدراسة إلى أن هناك "ميزة أخرى لنموذج التنمية الصيني تتعلق بالتنمية الاقتصادية التدريجية، والتي تعطي الأولوية لمناطق جغرافية لديها مقومات التنمية ولقطاعات اقتصادية مختارة.

 

يعكس الخطاب المصري حول الصين كنموذج للمحاكاة رغبة النظام المصري في التعلم من تجاربها، والتقرب منها وتوطيد التعاون معها- تحديدا حول قناة السويس، وفي مجالات التكنولوجيا والاستثمارات والتجارة والنقل البحري والسياحة.

 

علاة على ذلك- بحسب نص الدراسة الإسرائيلية-  تهدف المقارنة مع الصين إلى تعزيز ثقة الجمهور المصري في النتائج الإيجابية لخطة التعافي الاقتصادي التي يقودها النظام المصري منذ نوفمبر 2016 بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي.

 

التعلق المصري بالنجاح الصيني يهدف إلى حشد قبول عام واسع للإجراءات المؤلمة، وعلى رأسها تقليص الدعم على منتجات الوقود والغذاء- التي يفترض أن تؤتي ثمارها على المستوى المتوسط والطويل.

 

"في حين أن النظام المصري ينسب إلى إجراءاته الفضل في إنجازات مناسبة على مستوى الاقتصاد الكلي، في مقدمتها نمو بنسبة 5.5% (ما زال بعيداً عن معدلات النمو الصينية التي وصلت في العقود الماضية لنحو 10% في المتوسط)، وتزايد الاستثمارات الخارجية (لاسيما في قطاع الغاز)، فإن تلك الإنجازات لا توفر بعد حلولاً لغلاء المعيشة والفقر الذين يخيمان على أبناء الطبقة المتوسط والمنخفضة".

 

واعتبرت الدراسة أن :"مثالية النموذج الصيني تخدم النظام المصري من ناحية أخرى: تسمح بإضفاء شرعية إلى نموذج الحكم مع التشديد على الاستقرار والتنمية والبناء، وبشكل أقل على الحريات والديمقراطية".

 

وذهبت إلى أن "الشرعية التي يريدها النظام المصر ي من مواطنيه تستند إلى إيمانهم بإنجازاته الأمنية والاقتصادية، وليس بناء ديمقراطية تعددية وفقًا للنموذج الغربي".

 

وتثير مسألة تطبيق النموذج الصيني على مصر، أصداء إقليمية. وخلال السنوات الأخيرة طرح السؤال حول ما إن كان بمقدور نموذج التنمية الصيني تحدي أو ربما أن يحل مكان النموذج الغربي، الذي يدفع قيم السوق الحرة والقواعد الديمقراطية الليبرالية في البلدان النامية.

 

وبحسب الدراسة "على هذه الخلفية، أثار انتصار السيسي في الانتخابات الرئاسية في مارس 2018 والاستفتاء على تعديلات الدستور المصري في أبريل 2019 جدلاً حول نموذج الحكم المناسب للدول العربية في فترة ما بعد الربيع العربي".

 

"قادة الاحتجاجات السياسية في الجزائر والسودان- والتي أدت إلى الإطاحة بالحكام المستبدين الذين جلسوا على مقاعدهم لعقود من الزمان – رأوا في تدرسيخ النموذج الاستبدادي في مصر علامة تحذير من الثورات التي حملت في البداية وعودًا بالحرية والديمقراطية، ولكنها انتهت بنظام جديد- قديم يتم توجييه على يد الجيش"، وفقا للدراسة ذاتها.

 

الخبر من المصدر..

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان