ظهرت جماعة "جيش الرب للمقاومة" المتمردة في أوغندا في أوائل ثمانينيات القرن الماضي وكانت تعرف باسم "حركة الروح القدس".
وأسستها "أليس لاكوينا"، وهي امرأة تدعي أن "الروح القدس" (يؤمن المسيحيون أن الروح القدس هو روح الله الذي يرشد البشر ويكون دليلاً لهم) أمرها بالإطاحة بحزب الرئيس يوري موسيفيني "حركة المقاومة الوطنية"، حيث كان يواجه النظام اتهاما بالتمييز ضد الشعب "الأشولي" شمال أوغندا، حيثما جاءت "لاكوينا".
وفي ظل تزايد الاستياء (الشعبي) تجاه الحكومة، اكتسبت حركة لاكوينا "الروح القدس" مزيدا من الزخم والكثير من الأتباع.
وعارضت "لاكوينا" التي كانت تعتقد أنها كانت محمية من قبل "الروح القدس، استخدام الأسلحة النارية، وأمرت أتباعها باستخدام العصي والحجارة فقط، ودهن أجسادهم بزيت "جوز الشيا" (نبات أفريقي) لحمايتهم من الرصاص.
في حين كانت "لاكوينا" تنهى أتباعها عن الاختباء أو الانسحاب من المعركة، كانت تأمرهم بعدم قتل الثعابين أو النحل على الإطلاق.
انتهي المطاف بـ"لاكوينا" في المنفى بعد أن خسرت معركتها ضد الحكومة، بينما سيطر ابن أخيها جوزيف كوني (الزعيم الحالي) على الجماعة المتمردة منذ عام 1986.
مؤسسا أيديولوجيته على الوصايا العشر (في الكتاب المقدس)، غير كوني اسم الجماعة إلى "جيش الرب للمقاومة"، وحمل السلاح ضد الرئيس يوري موسيفيني.
في البداية، طالب المتمردون بإنهاء ما وصفوه بـ"انتهاك جسيم لحقوق الإنسان وتهميش مجموعات من الناس الذين قد لا يوافقون على أيديولوجية حزب حركة المقاومة الوطنية".
كما طالبوا بالاستعادة الفورية للتنافسية الديمقراطية التي تقوم على نظام التعددية الحزبية في أوغندا، وقالوا إنهم يريدون ضمان الوحدة والسيادة والازدهار الاقتصادي لجميع الأوغنديين.
غير أنه في وقت لاحق، خسرت الجماعة المتمردة التأييد في صفوف السكان المحليين، وبدافع من الإحباط اختطفت الآلاف من الأطفال لزيادة عدد أعضائها، وحولتهم إلى قتلة وسفاحين ذبحوا الناس في قرى شمال أوغندا، بحسب روايات السكان.
وكان المتمردون، الذين في أغلب الأحيان يتنكرون في زي جنود، يداهمون تجمعات القرويين خلال مناسبات مثل قداديس الكنيسة، ويقتلون في هجماتهم الشرسة الضعفاء وكبار السن باستخدام السيوف أو الحجارة.
واعتادوا قطع آذان وشفاه وأنوف ضحاياهم ليكونوا بمثابة تحذير للآخرين، وكذلك خطف صغار القرويين، وبينهم الأطفال، لتلقينهم وتحويلهم إلى جنود وحمالين وطهاة أو عبيد جنس (رقيق لأغراض جنسية)، وكثيرا ما كانوا يجبرون أسراهم على قتل أو اغتصاب أفراد أسرهم.
كان الأطفال في شمال أوغندا يعرفون بأنهم "رحالة الليل" لأنهم يسيرون أميالا من منازلهم إلى مركز المدينة، ويقضون ليال في المدارس والكنائس ومحطات الحافلات لتجنب التعرض للاختطاف من جانب عناصر "جيش الرب للمقاومة"، الذي تشير تقديرات إلى أنها قد اختطفت أكثر من 30 ألف طفل حولتهم إلى عبيد جنس وقتلة.
في أوائل عام 1990، وفي ظل غياب الدعم شمالي أوغندا، حيث قتلوا وشوهوا الآلاف من بني جلدتهم، أوردت تقارير أن أمير الحرب "كوني" ورجاله اتجهوا إلى المنطقة الي أصبحت الآن جنوب السودان، حيث تردد أنهم تلقوا دعما من حكومة الخرطوم.
وشارك قادة "جيش الرب للمقاومة" في عمليات صيد غير مشروع وتهريب عاج الأفيال، بحسب تقارير.
في عام 2005، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق كوني وكبار مساعديه، دومينيك أونغوين، وراسكا لوكويا، وأوكوت أوديامبو، وفنسنت أوتي.
ومن بين هؤلاء لا يزال كوني، وأونغوين، وأوديامبو هاربين، فيما قتل لوكويا في القتال من قبل الجيش الأوغندي في أغسطس 2006، وقتل أوتي في نوفمبر 2007 بأمر كوني لأنه طلب منه توقيع اتفاق السلام، وهو الأمر الذي فسره الأخير على أنه خيانة.
في يوليو 2006، بدأت حكومة أوغندا محادثات السلام مع الجماعة المتمردة التي أبدت اهتماما بمفاوضات السلام، حيث أرسل كوني وفدا للتفاوض نيابة عنه في محادثات السلام التي استضافتها جوبا، التي كانت لا تزال آنذاك جزءا من السودان.
في شهر أغسطس من عام 2006، تم التوقيع على اتفاق وقف الأعمال العدائية بين الجانبين، غادر على إثره "جيش الرب للمقاومة" أوغندا بشكل دائم مع بدء محادثات السلام في جوبا، التي استمرت على مدار عامين، وأسس معسكرا له في حديقة "غارامبا" الوطنية شمال شرق الكونغو.
ولكن عندما كان اتفاق السلام النهائي جاهزا للتوقيع في أبريل 2008 ، أرجأ كوني موعد التوقيع أكثر من مرة، ولم يحضر لتوقيع اتفاق سلام في نوفمبر من العام نفسه.
من جهتها اتهمت الحكومة الأوغندية الغاضبة "كوني" باستغلال عامين من محادثات السلام للراحة وإعادة تنظيم صفوفه، حيث واصل المتمردون مهاجمة القرى واختطاف الأطفال في جمهورية الكونغو الديمقراطية خلال محادثات السلام.
في مارس 2008 ، اختطفت "جيش الرب للمقاومة" عشرات الأشخاص جنوب شرق جمهورية أفريقيا الوسطى، ومئات الأطفال الكونغوليين من فصولهم الدراسية في سبتمبر، من العام نفسه.
في ديسمبر 2008، شن الجيش الأوغندي، بدعم لوجستي من الولايات المتحدة، هجوما مشتركا على قواعد "جيش الرب للمقاومة" في حديقة "غارامبا" الوطنية في الكونغو، فيما أطلق عليها اسم "عملية البرق والرعد".
وعلى الرغم من مشاركة قوات أخرى من جمهورية الكونغو الديمقراطية، والسودان، وأفريقيا الوسطى، فشلت هذه الهجمات في القبض على "كوني" وكبار قادته، حيث هرب الأخير بعدما ورد أنه أخطر بعملية الهجوم قبيل ساعات من الضربات الجوية.
انتقاما لذلك الهجوم، هاجم المتمردون قرى في جمهورية الكونغو الديمقراطية في 24 ديسمبر 2008، مما أسفر عن مقتل 865 مدنيا وخطف أكثر من 160 على مدى أسبوعين.
وذكرت تقارير أنهم تلقوا تعليمات باستهداف الكنائس، حيث يتجمع الناس مع عائلاتهم من أجل حضور قداديس عشية عيد الميلاد، وهو الهجوم الذي عرف في وقت لاحق باسم "رسالة عيد الميلاد".
وبعد ذلك بعام، كررت حركة "جيش الرب للمقاومة" مجازر عيد الميلاد في منطقة "ماكومبو" شمال شرق الكونغو للتذكير بقوتها التدميرية، وأسفرت تلك الهجمات التي وقعت بين 14-18 ديسمبر، عن مقتل321 شخصا، واختطاف 250 آخرين.
ونفذت الجماعة أول هجوم كبير لها في جمهورية أفريقيا الوسطى في مارس 2008، عندما اختطفت عشرات الأشخاص، في سلسلة من الغارات قرب "أوبو"، عاصمة هوت مبومو، إحدى محافظات "الوسطى" الـ 14.
الجماعة المتمردة سيئة السمعة، ينحى عليها باللائمة في اختطاف وقتل وتشريد سكان محليين في جميع أنحاء شرق ووسط أفريقيا.
وفقا لمنظمة "أطفال غير مرئيين"، وهي منظمة غير حكومية محلية، فإن مستوى عنف جماعة "جيش الرب للمقاومة" كان صادما، حيث تفيد التقارير أنه منذ سبتمبر عام 2008، اختطف الحركة 5600 شخص وقتلت نحو 3100 آخرين.
منذ فشل عملية "البرق والرعد"، واصلت قوات الجيش الأوغندي ملاحقة "كوني" في السودان، والكونغو وأفريقيا الوسطى.
في 12 مايو من عام 2012، اعتقل "سيزار أتشيلام"، أقدم عضو في "جيش الرب للمقاومة"، وأحد أكبر ثلاثة قادة من مساعدي "كوني"، من قبل الجيش الأوغندي في أفريقيا الوسطى.
في عام 2013، تحرك عناصر "جيش الرب للمقاومة" شمالا إلى "هوت كوتو"، أكبر محافظات أفريقيا الوسطى، وشنوا هجمات على نطاق واسع.
على الرغم من أن الجيش الأوغندي، يعمل كجزء من قوة الاتحاد الأفريقي الإقليمية، التي تواصل ملاحقة "كوني" في أفريقيا الوسطى، فإن القوات تتمركز بعيدا ويتعذر عليها الوصول إلى تلك المناطق حيث يعتقد أن كوني يختبأ فيها، بسبب قيود لوجستية.
ويعتقد أن الجماعة قد انقسمت في الوقت الراهن إلى عدة مجموعات فرعية كثيرة التنقل، تعمل بدرجة كبيرة من الاستقلالية في كل من أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتفيد تقديرات أنه تم خفض القوة القتالية (العناصر المقاتلة) لـ"جيش الرب للمقاومة" من نحو ألف (مقاتل) تزامنا مع نهاية محادثات السلام في جوبا عام 2008 إلى ما يقدر بنحو 300 مقاتل في عام 2012، على الرغم من أن هذا العدد لا يشمل النساء والأطفال المختطفين الذين يستخدمون كزوجات وحمالين.
ويقول الخبراء إن عناصر الجماعة المسلحة متورطون بالأساس في أعمال إجرامية تشمل مهاجمة المدنيين والقتل والنهب والاختطاف.
روابط ذات صلة