رئيس التحرير: عادل صبري 09:14 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

بعد انتحار شابين جديدين.. هل تنفجر قنبلة البدون بالكويت؟

بعد انتحار شابين جديدين.. هل تنفجر قنبلة البدون بالكويت؟

محمد الوقاد 11 نوفمبر 2019 21:00

لا يبدو أن أزمة معدومي الجنسية (البدون) في الكويت قابلة للهدوء، قياسا إلى استمرار حدوث انفجارات اجتماعية صغيرة تدفعها إلى السطح بشكل دوري.

 

وقبل أيام، انتحر شابان من البدون في الكويت، وتسببت عبارة قالها أحدهم قبل موته، في إطلاق هاشتاجات للتضامن مع البدون في البلاد.

 

والشابان هما "زايد العصمي" و"بدر مرسال الفضلي"، الذين انتشرت بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي محادثات قيل إنها كانت الأخيرة لهما.

 

وفي إحدى هذه المحادثات، يقول المستخدمون إنها بين "العصمي" وابنه، حيث يخبر الوالد ابنه أنه سينهي حياته لأنه "ضاق ذرعا بما يعيشه من ذل"، إذ يقول: "انذليت حيل"، وهي العبارة التي تحولت إلى هاشتاج مشتعل على مواقع التواصل.

ويبدو أن السلطات الكويتية شرعت في صياغة تصورات للحل أمام تزايد الأزمة.

 

ففي اجتماع عام في منطقته الانتخابية في أوائل نوفمبر الجاري، قدم رئيس البرلمان الكويتي، "مرزوق الغانم"، تفاصيل حول قانون جديد مقترح يهدف إلى معالجة القضية الحرجة المتمثلة في وضع "البدون"، أو عديمي الجنسية، قال إنه سيتم مناقشته في الجلسة البرلمانية الحالية، التي بدأت في 29 أكتوبر.

 

وأكد "الغانم" أنه من خلال تطبيق القانون الجديد "لن يكون هناك أي بدون في الكويت بعد عام واحد"، مؤكدا للكويتيين أنه سيحل المشكلة بشكل دائم.

 

جنسياتهم الأصلية

 

ويشترط القانون على البدون إعلان جنسياتهم الأصلية في غضون عام، ثم التقدم بطلب للحصول على الجنسية.

 

وفي غضون ذلك، سيتم منحهم إقامة دائمة قابلة للتجديد لمدة 15 عاما، ويحصلون على الرعاية الصحية والتعليم المجاني، بالإضافة إلى الحق في العمل، من بين مزايا أخرى.

 

ومع ذلك، فسوف يتم معاملة أولئك الذين لا يعلنون عن جنسياتهم الأصلية كمقيمين غير شرعيين، وسيتم منعهم من التقدم بطلب للحصول على الجنسية الكويتية.

 

قصة البدون

 

وتشكل مجتمع البدون في الكويت على مدى عقود، حيث فشل العديد من الناس من القبائل البدوية التي كانت تعيش في الصحراء في الكويت وحولها في تسجيل أنفسهم كمواطنين بموجب قانون الجنسية لعام 1959.

ولم يدرك الكثيرون منهم أهمية القيام بذلك أو لم يكن لديهم القدرة على السفر إلى مدينة الكويت للتسجيل.

 

بالإضافة إلى ذلك، يصعب على المرأة الكويتية نقل جنسيتها إلى أطفالها إذا كان والدهم  من البدون.

 

وتؤكد الحكومة أن آخرين من بين البدون جاءوا إلى البلاد في وقتٍ لاحق وادعوا أنهم جزء من هذا المجتمع عن طريق إخفاء وثائقهم الأصلية.

 

ولا توجد إحصاءات واضحة بشأن حجم السكان البدون.

 

ومع ذلك، بناءً على الأرقام التي قدمتها السلطات، يقدر عدد البدون بما يزيد قليلا عن 100 ألف. وقبل غزو العراق واحتلاله للكويت في الفترة 1990-1991، كان يُعتقد أن عدد البدون يصل إلى 220 ألفا.

 

وغادر العديد من البدون الكويت في ذلك الوقت للعودة إلى بلدانهم الأصلية، على الرغم من أن عددا كبيرا منهم ظلوا في البلاد أثناء الاحتلال، حيث تم أخذ بعضهم أسرى حرب أو تم قتلهم على أيدي القوات العراقية.

 

وانخفضت أعدادهم لأسباب أخرى كذلك. وتقول السلطات إن أكثر من 8 آلاف من البدون أعلنوا عن جنسياتهم الأصلية وأصبحوا مقيمين أجانب في الكويت بين عامي 2011 و2016.

وفي نظر الدولة، فهناك تمييز بين البدون الذين وصلوا إلى البلاد قبل عام 1965، عندما أجرت السلطات تعدادا للسكان، وأولئك الذين أتوا بعد ذلك.

 

وبناءً على قانون أقره "مجلس الأمة" عام 2000، يمكن تجنيس هذه المجموعة الأولى، التي تضم اليوم نحو 34 ألف شخص.

 

ومع ذلك، يتم إصدار بيانات مرتبكة ومتناقضة من قبل السلطات فيما يتعلق بعملية تجنيس هذه المجموعة.

 

بداية المعاناة

 

ولوقت طويل، عومل أفراد مجتمع البدون على غرار الكويتيين في الحصول على التعليم والرعاية الصحية المجانية والتوظيف الحكومي، وغالبا ما يكون ذلك داخل قوات الأمن.

 

لكن تغير هذا الوضع منذ الفترة 1985-1986، عندما بدأت الحكومة في حرمانهم من الامتيازات لإجبارهم على إعلان جنسياتهم الأساسية، والتخلي عن محاولتهم للحصول على الجنسية الكويتية، والتسجيل كمقيمين أجانب. ومنذ ذلك الحين، يزعم البدون أن أوضاعهم قد ساءت.

 

وفي عام 2010، أنشأت الحكومة النظام المركزي لعلاج وضع السكان غير القانونيين بقيادة  البرلماني السابق"صالح الفضالة".

ومنذ ذلك الحين، أكد ناشطو البدون أنه أصبح من الصعب الحصول على بطاقة الأمان أو تجديدها، وهي بطاقة يحتاجون إليها للعمل أو الدراسة أو الحصول على رخصة قيادة.

 

ويزعم بعض البدون أنهم تم إجبارهم على التوقيع على مستندات يعترفون فيها بأنهم مواطنون في بلد آخر من أجل الحصول على بطاقات الهوية الخاصة بهم، وبالتالي التخلي عن مطالبهم بأن يصبحوا مواطنين كويتيين.

 

وبدون تجديد بطاقات الهوية، لا يمكن للبدون التقدم للحصول على شهادات ميلاد لأطفالهم حديثي الولادة، ولا يمكن لأطفالهم الالتحاق بالمدارس، ولا يتم توفير الرعاية الصحية لهم، ولا يُسمح لهم بالعمل.

 

وفي الآونة الأخيرة، أمرت الحكومة البنك المركزي بتجميد الحسابات المصرفية للبدون الذين ليس لديهم بطاقات أمان خاصة بهم. ومع ذلك، فقد أمر رئيس البنك المركزي البنوك بالسماح للبدون الذين ليس لديهم بطاقات هوية صالحة بسحب أموالهم من حساباتهم المصرفية ثم إغلاقها.

 

وتشجع الحكومة البدون على الإعلان عن جنسياتهم الأصلية، مع تعهدات بمنحهم إقامة دائمة وتعليم مجاني ورعاية صحية مجانية وإعانات غذائية مقدمة للكويتيين. ومع ذلك، غالبا ما يكون من الصعب على البدون الحصول على وثائق تعود إلى 30 أو حتى 50 عاما من بلدان مثل العراق وسوريا التي عانت من الحروب الأهلية.

 

وفي مواجهة هذه المعضلة، اشترى بعض البدون جوازات سفر من دول أخرى مثل جمهورية الدومينيكان وليبيريا. ومع ذلك، اشترى الكثير منهم، دون علم، جوازات سفر مزورة، وبالتالي لم يتمكنوا من تجديد إقامتهم الدائمة في الكويت.

 

صعوبة الحل

 

ومع مرور الوقت، سيكون من الصعب حل هذه المشكلة. فقد أصبح مجتمع البدون أكبر نتيجة لمعدل المواليد الطبيعي. واليوم، يعيش الجيل الثالث من البدون في البلاد، وأصبحوا أكثر تنظيما، وحصلوا على دعم دعاة حقوق الإنسان الكويتيين.

 

وتم تشكيل منظمة جديدة، هي "منصة الدفاع عن البدون في الكويت"، من قبل 3 ناشطين، وهم "ابتهال الخطيب"، و"فهد المطيري"، و"لما العثمان". بالإضافة إلى ذلك، قدمت لجنة حقوق الإنسان في "مجلس الأمة" تشريعات في فبراير/شباط لإعطاء البدون حقوقا مدنية واجتماعية مماثلة للكويتيين، ومنحهم إقامة دائمة في الكويت.

 

وتشير التطورات إلى وجوب أن تجد السلطات الكويتية حلا للأمر، قبل أن تتحول القضية إلى مسألة يصعب احتواء آثارها السلبية الكبيرة على الأمن القومي للبلاد.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان