رئيس التحرير: عادل صبري 10:06 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

السعودية تخرج عن صمتها وتتحدث عن أزمتها مع المغرب.. هل تسعى للتهدئة؟

السعودية تخرج عن صمتها وتتحدث عن أزمتها مع المغرب.. هل تسعى للتهدئة؟

العرب والعالم

الملك سلمان والملك محمد السادس

السعودية تخرج عن صمتها وتتحدث عن أزمتها مع المغرب.. هل تسعى للتهدئة؟

إنجي الخولي 08 مايو 2019 01:14

عقب شهور من الأزمة الدبلوماسية الصامتة بين الرياض والرباط، أدلى سفير المملكة العربية السعودية لدى المغرب، عبد الله بن سعد الغريري، بأول تعليق رسمي حول العلاقة مع المغرب، منذ ما نشرته وسائل إعلام حول وجود أزمة غير معلنة بين المملكتين.

 

وقال سفير المملكة العربية السعودية لدى المغرب، عبد الله بن سعد الغريري، إن بلاده تقف دائما مع الوحدة الترابية للمملكة المغربية وتعتبرها "خطا أحمرا" وثابتا من ثوابت سياستها الخارجية.

 

وأوضح بيان لمجلس النواب أن سفير المملكة شدد خلال استقباله من طرف رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، على قوة العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين قيادة وشعبا، مضيفا أنها "علاقات تاريخية واستراتيجية متعمقة التجذر"، وفقا لصحيفة "أخبار اليوم" المغربية.

 

كما أشاد السفير السعودي بالتطور الكبير الذي يعرفه المغرب في السنوات الأخيرة، تحت قيادة الملك محمد السادس، مشيرا إلى "النهضة العمرانية والأوراش التي تم إنجازها في مجال البنية التحتية والمواصلات على الخصوص".

 

وسجل الدبلوماسي أيضا "ازدهار القطاع السياحي بالمملكة المغربية، مبرزا أهمية تشجيع التبادل السياحي بين البلدين" .
 

وعلى المستوى البرلماني، أعرب رئيس مجلس النواب المغربي عن الرغبة في توطيد علاقات التعاون مع مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، ووجه في هذا السياق دعوة لرئيس مجلس الشورى من أجل القيام بزيارة عمل للمغرب تشكل مناسبة لبحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.

 

ويعد هذا أول تصريح رسمي يدلي به مسئول سعودي منذ ما نشرته وسائل إعلام حول وجود أزمة غير معلنة بين المملكتين.

 

أزمة السفراء وفيلم"العربية"

 

وكانت العلاقات بين الرياض والرباط شهدت بعض التوترات خلال الفترة الماضية، حيث نقلت وكالة "أسوشييتد برس"، عن مسئولين حكوميين (لم تسمهم) زعمهم، أن المغرب انسحب من التحالف الذي تقوده السعودية، في الحرب اليمنية.

 

وادعت الوكالة أن المغرب استدعى سفيره لدى المملكة العربية السعودية، لإجراء مشاورات بعدما بثت قناة "العربية" فيلما وثائقيا أغضب المغرب لأنه يدعم جبهة "البوليساريو" التي ترى أن سيادة المغرب على الصحراء "استعمار".

 

ورغم أن السفير المغربي لدى السعودية أكد بنفسه خبر الاستدعاء "للتشاور"، في تصريحات مع موقع مغربي، نفى وزير الخارجية ناصر بوريطة ذلك الكلام، وقال إن "الخبر غير مضبوط ولا أساس له من الصحة ولم يصدر عن مسئول، وأن تاريخ الدبلوماسية المغربية يؤكد أنها تعبر عن موقفها بوسائلها وليس من خلال وكالة أنباء أمريكية".

وبسبب التزام الرباط الحياد في الأزمة الخليجية، شهدت العلاقات مع الرياض خلال العام الماضي أزمات صامتة ظهرت مؤشراتها في عدد من المحطات، دون أن تصدر تصريحات رسمية من الجانبين بشأنها.

 

وخلال الأزمة الخليجية، اختار المغرب التزام الحياد، وعرض القيام بوساطة بين الأطراف المتنازعة. كما أرسل طائرة محملة بالمواد الغذائية إلى قطر، وزار العاهل المغربي الدوحة لاحقًا في نوفمبر 2017، والتقى بأميرها.

 

 وفي يونيو 2017، قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، علاقاتها مع قطر، وفرضت الدول الثلاث الأولى حصارًا بريًا وجويًا على الدوحة بدعوى “دعمها للإرهاب”.

 

وتنفي قطر صحة الاتهامات الموجهة إليها، وتقول إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب تهدف إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.

 

وقررت السعودية والإمارات التصويت ضد الملف المغربي لاستضافة نهائيات كأس العالم 2026، في وقت كانت الرباط تعول على الأصوات العربية لتجاوز الملف الأمريكي الكندي المكسيكي المشترك.

 

ونتيجة لتوتر العلاقات ، بدأ المغرب يقاطع اجتماعات التحالف لأنه اعتبر تصويت السعودية لصالح الملف الثلاثي بين أمريكا وكندا والمكسيك "خيانة"، واستمر التوتر غير المعلن، إلى أن خرج وزير الخارجية المغربي على قناة الجزيرة متحدثا عن أن مشاركة المغرب في اليمن "تغيرت".

 

بعدها بثت قناة "العربية" فيلما وثائقيا، يدور حول الصحراء المتنازع عليها، ويدعم وجهة نظر جبهة البوليساريو التي تدعي أن المغرب غزاها بعد أن غادر المستعمرون الإسبان في عام 1975، وهو أمر لا يتهاون فيه المغرب مع أي دولة، إذ يقاطع أي دولة تتبنى وجهة النظر هذه. عندئذ استدعى المغرب سفيره للتشاور، وفقا لرواية الوكالة الأمريكية.

 

و"البوليساريو" هي اختصار لـ"الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" وهي حركة تحررية تأسست في 20 مايو 1973، وتنازع المغرب السيادة على إقليم الصحراء، منذ جلاء الإسبان، وتحول النزاع إلى صراع مسلح توقف عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.

 

وتسعى الجبهة إلى تحرير الصحراء الغربية مما تراه استعمارا مغربيا، وتأسيس دولة مستقلة جنوب المغرب وغرب الجزائر وشمال موريتانيا تحت اسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.

 

وتخوض الجبهة صراعا مسلحا من أجل ذلك، في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات برعاية الأمم المتحدة لحل المشكلة ولم تستطع منظمة الوحدة الأفريقية ولا منظمة الأمم المتحدة الوصول بعد إلى حل سلمي لنزاع الصحراء الغربية الذي قارب عمره ثلاثة عقود.

 

وفي ديسمبر الماضي كان المغرب البلد الوحيد الذي لم يزره ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال جولة قام بها لمنطقة شمال أفريقيا بعد تفجر قضية مقتل جمال خاشقجي، وفسر وزير الخارجية المغربي في مقابلته مع الجزيرة عدم زيارة بن سلمان لبلاده بأسباب لها علاقة بالبروتوكول.

 

موقف المغرب

 

 وكشف وزير الخارجية المغربي في 23 يناير الماضي حقيقة موقف بلاده من الأزمة الخليجية، وحقيقة انسحاب القوات المغربية من تحالف السعودية وأبوظبي في اليمن، وسبب عدم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرباط خلال جولته الأخيرة نهاية نوفمبر وخلال ديسمبر 2018 لدول المغرب العربي التي زار خلالها تونس والجزائر وموريتانيا باستثناء المغرب.

 

وأكد ناصر بوريطة خلال حواره مع قناة "الجزيرة"، أن المغرب ليس دوره الاصطفاف مع طرف ضد طرف فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، ولكن محاولة تقريب وجهات النظر بين دول مجلس التعاون.

 وحاول الوزير المغربي الابتعاد عن الإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بقضايا شائكة أو الرد بكلمات مقتضبة و"دبلوماسية" خاصة فيما يتعلق بالموقف من تصويت السعودية ضد ملف المغرب لتنظيم كأس العالم 2026، وعدم زيارة ولي العهد السعوي محمد بن سلمان للرباط رغم الزيارات التي قام بها مؤخراً لدول منطقة المغرب العربي.

 

وبشأن الحرب في اليمن وحقيقة انسحاب المغرب من تحالف أبوظبي والسعودية، قال وزير الخارجية المغربي إن بلاده شاركت في أنشطة التحالف العربي في اليمن ولكن قررت لاحقاً تغيير مشاركتها بعد تقييم الأمر، مضيفاً أن المغرب لم يشارك في المناورات وبعض الاجتماعات الوزارية للتحالف العربي في اليمن، مضيفاً أنه إنه يحز في النفس أن تكون الأزمة الإنسانية في اليمن الأسوأ في العالم بحسب الأمم المتحدة، مؤكداً أن الجوانب الإنسانية يجب أن يتم الاهتمام بها بشكل أكبر، لأن الشعب اليمني لا يستحق هذه المعاناة الإنسانية.

 

تاريخ العلاقات المغربية السعودية

 

تعد العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والسعودية التي بدأت في العام 1957، أي بعد أقل من عام على حصول المغرب على استقلاله، من أكثر العلاقات العربية استقرارا – على حد وصف وزارة الخارجية السعودية – وذلك انطلاقا من الثوابت الأساسية القاضية بعدم التدخل في شؤون الغير.

 

يتقاسم البلدان الرؤى ووجهات النظر في العديد من القضايا على الساحتين العربية والدولية، فالمغرب يساند رؤية المملكة العربية السعودية لما يحدث في اليمن ومدى الخطر الإيراني على الحدود الجنوبية للمملكة والمتمثل في دعم الحوثيين في صنعاء، وهو ما دفع بالرباط إلى المشاركة في التحالف العربي لإعادة الشرعية للحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي، وفي ذراعه العسكرية عملية "عاصفة الحزم". كما أن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تدعم المغرب بقوة في ملف الصحراء الغربية التي يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أراضيه ، بحسب " أ ف ب".

 

ويعد المغرب شريكا إستراتيجيا لدول الخليج العربي ومجلس التعاون والتي دعته للانضمام إليها بوصفه عضوا كامل العضوية في المجلس عام 2011 بعد بداية الربيع العربي، لكنه امتنع على الرغم من ترحيبه بالدعوة على حد قول عبد الله بن صالح العقيل – من مركز دار المشورة لقياس الرأي العام بالرياض.

 

توطدت العلاقات بين السعودية والمغرب طوال العقد الماضي، وكان للملف الاقتصادي شأنه في دعم العلاقات بين البلدين، فالسعودية شريك تجاري لا غنى عنه للمغرب، إذ تذهب إليها 49 بالمئة من صادرات الرباط لدول مجلس التعاون الخليجي، كما إن 79 بالمئة من واردات المغرب من دول المجلس تأتي من السعودية، وذلك طبقا لإحصاءات العام 2015. وبين البلدين اتفاقات اقتصادية ومشاريع بملايين الدولارات، فالسعودية الشريك السادس للمغرب تجاريا والثالث استثماريا، كما تستثمر الرياض في أكبر مشروع في العالم لتوليد الطاقة الشمسية بالمغرب، ومشروع آخر لدعم القطاع الصناعي بقيمة 500 مليون دولار، إضافة لعشرات الشركات المشتركة بين البلدين. ويرتبط البلدان أيضا بخط بحري مباشر من طنجة إلى جدة لا يزال قيد التنفيذ.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان