رئيس التحرير: عادل صبري 05:08 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

خلافات روسية - إيرانية تضع الأسد في خندق الاختيار الصعب

خلافات روسية - إيرانية تضع الأسد في خندق الاختيار الصعب

العرب والعالم

الحرب في سوريا

خلافات روسية - إيرانية تضع الأسد في خندق الاختيار الصعب

أحمد علاء 31 يناير 2019 20:10
قبل ثماني سنوات، استدعى رئيس النظام السوري بشار الأسد المليشيات الإيرانية والقوات السورية بغية الحفاظ على أركان نظامه بعدما حطّت سفينة الربيع العربي في صقيع يناير السوري، لكنّه الآن ربما بات مضطرًا - جبرًا لا اختيارًا - للاصطفاف في جانب أحد الحلفين على حساب الآخر بعد تصاعد حدة الخلافات بينهما.
 
في سوريا، تبدو التحالفات استراتيجية وطويلة الأمد بالنسبة لحليفي بشار الأسد الرئيسيين (إيران وروسيا)، لكن إلى متى تدوم هذه الصداقة في ظل الاعتراض الدولي على الوجود الإيراني تحديدًا وهل ينجح النظام في الحفاظ على توازناته أم يقصي أحدهما نزولًا عند الرغبة الخارجية.
 
صحيفة "آل موندو" الإسبانية تجد أن كلًا من روسيا وإيران تسعيان إلى تعزيز وجودهما وحماية مصالحهما على حساب الطرف الآخر، وفي المقابل تعتبر أنّ النظام السوري تعلّم كيفية الاستفادة من الأزمات المتصاعدة بين حليفيه، لا سيّما أنّه لا يزال بحاجة إليهما، ما دفعه للتصرف وفقًا للظروف والتغيرات.
 
بعيدًا عن الجانب العسكري وخلاف مناطق النفوذ، يبرز خلاف آخر بين طهران وموسكو حول حصتهما من مشروعات الاستثمار، وبخاصةً ما يتعلق بإعادة الإعمار، وهو ما قاله علانية موقع تابناك الموالي للقائد السابق للحرس الثوري الإيراني محسن رضائي إنّ الشركات الإيرانية استبعدت بشكل جزئي من عملية إعادة الإعمار والاستثمار في سوريا بناءً على اتفاقٍ بين القيادة الروسية ودمشق.
 
وبينما تلعب إيران على وتر العلاقة المباشرة مع الأسد للحفاظ على مصلحتها أولًا بحسب التصريحات المتتالية لمسؤوليها، تتجه موسكو إلى خلق توازنات خارجية من شأنها ممارسة الضغط على النظام لإقصاء طهران خارج المربع السوري.
 
والحديث عن خلافات روسية إيرانية على حلبة الحرب السورية ليس جديدة، لكن يمكن القول إنّ عناصر كثيرة قد غذّت هذا الصراع المبطّن الذي تحوّل لاحقًا إلى العلن.
 
في أكتوبر الماضي، لوّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جانبٍ من هذا الصراع عندما قال إنّ موسكو ترغب في انسحاب كل القوات الأجنبية من سوريا في نهاية المطاف بما فيها قوات بلاده.
 
وقبل ذلك بعدة أشهر، صرح بوتين عقب اجتماع مع بشار الأسد في سوتشي: "مع بداية المرحلة الأكثر نشاطًا من العملية السياسية، ستنسحب القوات الأجنبية المسلحة من الأراضي السورية"، ولاحقًا أكّد مبعوث بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف أنّ هذا الانسحاب يشمل إيران.
 
سريعًا، ردّت إيران على ذلك، وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي: "لا أحد يمكنه أن يجبر إيران على فعل شيء ضد إرادتها".
 
في خضّم هذا التوتر، حاولت دمشق نزع فتيل الأزمة سريعًا، حيث قال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد إنّ انسحاب أو بقاء القوات المتواجدة على الأراضي السورية بدعوة من الحكومة وبينها إيران ومليشيا حزب الله اللبناني هو شأن يخص دمشق، وغير مطروح للنقاش.
 
قرأت هذه التطورات بأنّها تمثل منعطفًا مهمًا في سياق العلاقة بين روسيا وإيران على الساحة السورية، لا سيّما أنّ البلدين ظلّ يجمعهما تنسيق لأنشطتهما، حيث وفرت روسيا القوة الجوية بينما أوكلت إلى القوات الإيرانية المهمة الصعبة على الأرض.
 
لكن بشكل أدق، يُنظر إلى تحالف روسيا مع إيران في هذا الملف، هو تعاون فرضته الوقائع الميدانية، وأكّدت تطورات الأزمة أنّه لم يكن خيارًا لأي من الطرفين، ما يعني أنّه كان تحالفًا إجباريًّا اقتضته مصالح متباينة، لكن يجمهما لعب كل منهما وفقًا لمصالحه على الملعب السوري.
 
وإزاء محاولات النيل من وجودها، أمّنت طهران استمرارها عسكريًّا في سوريا، عندما تم الإعلان نهاية العام الماضي عن اتفاق تعاون ثنائي بين البلدين، يُبقي المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا حتى بعد انتهاء الحرب، حسبما أعلن الملحق العسكري الإيراني لدى سفارة طهران في دمشق الجنرال أبو القاسم علي نجاد.
 
نجاد قال إنّ "الوجود الدائم للمستشارين الإيرانيين هو أحد النقاط التي شملها اتفاق عسكري وُقّع مؤخرًا بالإضافة إلى دعم طهران لاستقلال سوريا ووحدة أراضيها"، وأضاف أنّ "طهران ستساعد في تطهير حقول الألغام وإزالة العتاد المتبقي في مناطق مختلفة من سوريا، بالإضافة إلى إعادة تأهيل المصانع العسكرية السورية جراء الحرب".
 
دخل الاتفاق حيز التنفيذ في يوم توقيعه (26 أغسطس) ولم يُكشف عن البنود الكاملة له، لكنّ وكالة تسنيم الإيرانية نقلت عن وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي قوله إنّ هذا الاتفاق تناول دور طهران في مرحلة ما بعد سوريا" target="_blank">الحرب في سوريا، وأشار إلى أنّ البلاد تخرج تدريجيًّا من مرحلة الأزمة لتدخل في مرحلة الإعمار.
 
وفي تأكيد واضح لعمق الفجوة بين حليفي الأسد، كشفت مجلة "دير شبيجل" الألمانية امتلاكها أدلةً عن وقوع اشتباكات دموية بالنيران الثقيلة بين قوات إيران وروسيا في سوريا، على خلفية تقسيم مناطق النفوذ.
 
المجلة قالت - الجمعة الماضية - إنّ الخبير الألماني كريستوف رويتر، الذي يعمل أيضًا مراسلًا لها في منطقة الشرق الأوسط، اطلع على تسجيل لمحادثة لاسلكية من الفرقة الرابعة في جيش النظام السوري، تفيد بوقوع باشتباكات مسلحة عنيفة بين القوات الإيرانية والروسية في منطقة الغاب بمحافظة حماة.
 
وبحسب كريستوف رويتر، فإنّ قوات الدولتين اللتين تدعمان نظام بشار الأسد، اشتبكتا في مساء 19 يناير الجاري، بتحريك الدبابات وإطلاق قذائف الهاون وتبادل النيران بالرشاشات الثقيلة، وذلك في سياق الصراع على النفوذ بين إيران وروسيا على الأراضي السورية وبخاصةً في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات البلدين في محافظة حماة.
 
وأرسلت إيران الفرقة الرابعة من جيش النظام السوري إلى المنطقة عقب تلك الاشتباكات، بعدما سيطرت خلال الأسابيع الأخيرة على عدد من القرى هناك، وأشارت الصحيفة إلى أنّه رغم أن ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري، هو من يقود الفرقة الرابعة، لكنّه يخضع عمليًّا لإمرة القوات الإيرانية.
 
من جهة أخرى، تريد روسيا السيطرة على نفس المناطق، حيث أرسلت معدات وقوات لدعم الفرقة الخامسة في جيش النظام السوري والتي يقودها اللواء سهيل الحسن.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان