تفجيرات تكشف الثغرات، وفي حضرة الإرهاب ينفضح "تكتيك ضرب السياحة والاقتصاد القومي"، وتتجلى "الصدفة" في معبد الكرنك، لتبدو وحدها هي من أحبطت تلك المؤامرة الإرهابية.
مؤامرة من واقع محضر الأمن الوطني، وهي استهداف منشآت سياحية لضرب الاقتصاد القومي، وتقف "الصدفة" وحدها في وجه ما عُرف إعلاميًا بـ "عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس"، أو "ولاية سيناء"، الذين استقطبوا، وكلفوا، وخططوا، ورصدوا، ومن ثم نجحوا في قطع المسافة من محافظة بني سويف حتى وصلوا إلى الأقصر لتنفيذ مخططهم، دون أن يدركهم أحد.
- مخطط ضرب السياحة
فى 13 يونيو 2015 حررت جهات أمنية محضر جمع استدلالات لكشف ملابسات عملية إرهابية استهدفت تفجير معبد الكرنك بمحافظة الأقصر، توصلت فيه إلى أن تنظيم "ولاية سيناء" وضع مخططًا لضرب الأمن القومى، يقوم على استقطاب عناصر جديدة ممن يعتنقون الأفكار التكفيرية، لتنفيذ ذلك المخطط.
وتناول المحضر الترتيبات التي سبقت العملية الإرهابية بداية من الاستقطاب والتجنيد، حتى قيام قيادي بتنظيم "ولاية سيناء" الإرهابي يدعى أشرف علي حسانين الغرابلي، يحمل ثلاثة أسماء حركية، بتكليف أحد أعضاء التنظيم – طارق عبد الستار إمام - للقيام بتشكيل خلية جديدة تضم العناصر المستقطبة، مهمتها تنفيذ عمليات متعددة ضد "الجيش والشرطة"، واستهداف المنشآت العامة لزعزعة أمن البلاد.
وفى سبيل تجهيز الخلية وإعداد عناصرها عسكريًا، أصدر القيادي في التنظيم تعليماته لعضو آخر من ذوي الخبرة في «مجال الإرهاب»، يدعى حسن سمير بسيوني، لإعداد «دورة تفجيرية»، لتدريبهم على استخدام العبوات الناسفة وصناعتها، وكيفية رصد المنشآت والتخفي تجنبًا للرصد الأمني.
- استهداف معبد الكرنك
عقب الانتهاء من تأهيل أعضاء الخلية الجديدة، قرر القيادي أشرف الغرابلي، تطوير بنك أهداف التنظيم، من استهداف المنشآت الأمنية ورجال الجيش والشرطة، لإصدار تكليفات لقائدها بتفجير معبد الكرنك بمحافظة الأقصر، وقتل السياح المترديين عليه، وإطلاق رصاصتها على حلم السياحة في مصر.
وتضمنت خطة استهداف معبد الكرنك، دعم الخلية ومدها بعناصر أجنبية، مهمتها شن هجمات انتحارية، لمعاونة باقي المجموعة في المؤامرة على السياحة التي دخلت حيز التنفيذ.
وبحسب محضر الأمن الوطني، وزّع طارق عبد الستار إمام، قائد الخلية، الأدوار على أعضائها لتنفيذ العملية، وكلف علي جمال أحمد علي، برصد معبد الكرنك، والخدمات الأمنية المعينة لحراسته، وأعداد السائحين المترددين عليه.
ودون أن يعترضهم أحد!، نفذ عضو الخلية المكلف برصد معبد الكرنك مهمته في سلام، والتقط عددًا من الصور الفوتوغرافية للمعبد، بصحبة متهم آخر يدعى عبد الله عبد الرحمن عبد العزيز، كما تولى بجانب حسين بركات مبروك، مهمة اصطحاب العنصرين الانتحاريين إلى مسرح العملية المستهدف تنفيذها، ونقلهما إلى الأقصر.
- رحلة الإرهابيين للأقصر
وبدأت رحلة العنصريين الأجنبيين إلى محافظة الأقصر، بنقلهم إلى محطة سكك حديد بني سويف لاستقلال أحد القطارات برفقة المتهمين، الذين جلبا معهما المتفجرات والأسلحة اللازمة لتنفيذ العملية الإرهابية، عن طريق اصطحابهما عبر طريق الفيوم الدائري لعدم المرور على أي أكمنة أمنية.
وما أن وصلا الإرهابيين الأجنبيين محافظة الأقصر حتى استقلا سيارة أجرة توجها بها صوب معبد الكرنك، وطلبا من سائقها الإسراع بعبور بوابة دخول المعبد لتفادي تفتيش السيارة، وتقابلا مع الإرهابي علي جمال أحمد علي، بإحدى المقاهي بساحة المعبد عقب وصولهما، ما آثار ريبة أحد السائقين الذي أبلغ قوات الشرطة بأمرهم، وتسبب في إفشال تريبات مخططهم، ما دفعهم للتعجل بتنفيذ العملية.
وفور وصول فوج من السائحين لساحة معبد الكرنك توجه المتهمون صوبهم، فاستوقفتهم قوات الأمن فبادرهم أحد العناصر الأجنبية بتفجير نفسه باستخدام عبوة ناسفة شديدة الانفجار، وأطلق الأخر أعيرة نارية من سلاح آلي صوب السائحين وقوات الأمن، فأصاب المتهم "علي جمال" وتمكنت القوات من ضبطه، وبادلت المتهم الثاني الأعيرة النارية وتمكنت من قتله.
- علاقة وتفجير معبد الكرنك
وكشف محضر استجواب لـ "علي جمال أحمد علي"، عن انضمامه لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام – داعش – وأنه فور مبايعة أنصار بيت المقدس للتنظيم وتحولها لمسمى "ولاية سيناء"، قرر الانضمام لخلاياهم في مصر للمشاركة في تنفيذ العمليات العدائية بالبلاد، وفي سبيل ذلك تواصل مع المدعو حركيًا أبو عمر البغدادي، مسئول التنظيم بمحافظة بني سويف.
وأقر أنه في إطار تنفيذ الجماعة لمخططاتها الإرهابية عقد مع أعضاء بالتنظيم لقاءات تدارسوا خلالها أفكار ووسائل قتال أفراد القوات المسلحة والشرطة، ثم تلقى تكليفات باستهداف معبد الكرنك والسائحين.
واعترف أنه نفاذا للتكليف قام برصد معبد الكرنك برفقة عنصر آخر، والتقط صور فوتوغرافية لأماكن تجمع السائحين، وقوات الشرطة المرابطة للتأمين، ثم شارك فى مهمة نقل العنصريين الانتحاريين وحقائبهم المحملة بالأسلحة النارية والمتفجرات إلى محطة قطار بني سويف، ثم وصلوا إلى محافظة الأقصر وعقب إبلاغ الشرطة عنهم حاول الهرب إلا أنه أصيب جراء اشتباك العنصريين الآخريين مع الأمن.
- القضاء العسكري
يذكر أن نيابة أمن الدولة العليا، برئاسة المستشار تامر الفرجاني، المحامي العام الأول، أحالت بتاريخ 27 أغسطس الماضي ملف التحقيقات في تفجير معبد الكرنك إلى المدعي العام العسكري، لاتخاذ الإجراءات القانونية حيال المتهمين.
وأسندت النيابة العامة للمتهمين ارتكاب جرائم الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون، تدعو لتعطيل الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، وحيازة متفجرات، وتخريب المنشآت الحيوية والأمنية والسياحية، وهى الجريمة التي تخضع للقضاء العسكري بحسب القرار الجمهوري الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 2014، الخاص بتكليف القوات المسلحة مشاركة جهاز الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة والحيوية بالدولة، وإحالة الجرائم التي ترتكب ضد هذه المنشآت إلى النيابة العسكرية.
وتشمل المرافق العامة التي تخضع للقانون محطات المياه، وشبكات الطرق، وأبراج الكهرباء، وخطوط الغاز، وحقول البترول، وخطوط السكك الحديدية، والمنشآت الأمنية، ودور المحاكم، والأكمنة الشرطية، والمزارات السياحية والدينية، وما في حكمها يعد في حكم المنشآت العسكرية طوال الفترة، التي حددها القرار بعامين من تاريخ صدوره.
اقرأ أيضًا: