رئيس التحرير: عادل صبري 11:28 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

السجون والفئة الثالثة

السجون والفئة الثالثة

ساحة الحرية

عزت غنيم

السجون والفئة الثالثة

عزت غنيم 23 ديسمبر 2016 10:41

القائمون على ملاعب الكرة يهتمون بشكل كبير بتحسين المدرجات وتجميلها من أجل  استيعاب عدد أكبر من الجماهير، وتوفير أكبر سبل الراحة لهم أثناء حضورهم ومشاهداتهم للمباريات، لذا فقد قاموا بتقسيم المدرجات إلى درجات كل شخص يدخل إلى الملعب ويجلس في درجة معينة سواء الأولى أو الثانية أو الثالثة يرى الملعب واللاعبين من زاوية تختلف عن الدرجة الأخرى حسب مكان جلوسه.
ينطبق هذا الوضع تقريبًا عن الوضع في السجون المصرية؛ فالجالس في الدرجة الأولى يرى أنها دار إصلاح وتهذيب وتأهيل، إذا كان يجلس على يمين السلطة ومن المرضي عنهم وينطبع في ذهنه أن المسجونين جميعًا سواءً كانوا جنائيين أو سياسيين هم مجرمون يجب أن يتم إنزال أقصى العقاب بهم لحماية المجتمع منهم.
والبعض الآخر الجالس في الدرجة الثانية على يسار السلطة يرى أن السجن للرجالة والسجن للجدعان ويرى أن كل مسجون هو قائد معارض للسلطة وجوده في السجن قوة, وهو قيمة في حد ذاته وأن خروجه بعفو من السلطة إهانة له ولقيمه التي يدافع عنها, فبقاؤه في السجن طاقة أمل للمريدين بخارجه.
ولكن أمام هاتين الصورتين هناك صورة ثالثة يرسمها آخرون وأنا منهم يرون في السجن دار إصلاح لأي مجرم جنائي- إن كان هناك إصلاح له-  ودار إهانة لأي محبوس أو مسجون أو معتقل سياسي , فالسجن لم ولن يكون دار تأهيل وليس للرجال أو للأحرار, وليس مكانا يمكننا أن نحتفي به ونفرح بوجود شباب وقامات علمية مصرية بداخله, فمن  الدكتور عبدالله شحاته استاذ الاقتصاد, أو الكاتب الصحفي حسن القباني, أو عَلم المحاماة عصام سلطان , أو القاضي الفاضل المستشار الخضيري أو الشاب الثوري علاء عبدالفتاح  لا يمكن مع وجود أمثال هؤلاء داخل السجون أن نقول السجن للرجال أو السجن دار تأهيل وإصلاح, هؤلاء ليس مكانهم السجون ولا المعتقلات, نحن في فترة عصيبة يمر بها الوطن في كافة المجالات , وأزمات  في المجالات الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية تحتاج فعليا تضافر الجهود لإخراج هذا الوطن من معاناته هذه الفترة تحتاج كل هؤلاء وأمثالهم ليساعدوا في بنائه, كيف يتم الاستفادة بهذه الطاقات خارج أبنية السجون هو سؤال يحتاج إجابة فعلية من كل الرموز الفكرية في مصر للوصول إلى حل لأزمة الوطن لنعيد رسم صورة الوطن بكل أبنائه من جديد.
هنا  الفئة الثالثة التي تختلف مع السلطة والمعارضة هي الفئة التي تبحث عن الوطن بعيدًا عن مطامع السلطة والمناصب تبحث عن الوطن في أوجاع المظلومين وأنّات المعذبين وبين أقبية الإخفاء القسري لتخرج من بينها أبناء الوطن ليعودوا من جديد إلى أماكنهم ليبني الوطن بيد أبنائه والمخلصين له وليس بيد الفاسدين.
سنظل الفئة الثالثة التي لا تعتبر السجن دار تأهيل ولا تعتبره مكانًا للأحرار , فالسجون لا تصنع أوطانا , ولا تبني دولا ولا تبقي حكومات ولا تحمي سلطة, السجون دار لصناعة المظالم والكراهية .
ولعل المشاهد الأقرب من مأساة  السجون - ومعاناة من يدخله بالتعذيب والاخفاء و الإهانة ومعاناة الأسر في الزيارة أو بحثهم عن أبنهم المختفي بين أقبية التعذيب أو جنبات السجون – يري صورة ذهنية مختلفة عن السجون صورة بعيدة كل البعد عن رؤية السلطة ومن يواليها ورؤية المعارضة ومن يدعمها , رؤية الانسان هو منبعه الأول والأخير والدفاع عن الإنسانية هو البرهان الوحيد على أن في هذا الوطن لايزال هناك بشر.. أفرغوا السجون لنعيد بناء الوطن.
وسيظل المدافعون عن الإنسان في مصر هم شعلة الأمل الأخيرة بعد انطفاء كل الشعلات ليضيئوا للمظلومين طريقًا من الأمل في ظلمة السجن والسجان

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان