عم عبد العزيز أو زيزو كما يطلقون عليه، هو أشهر وأقدم عامل نظافة بجامعة القاهرة، فالكل يعرفه ولكن باسم الشهرة الذي أطلقه عليه الطلبة منذ عشرات السنين.
للوهلة الأولى، تراه منهمكًا في عمله دؤوبًا على الحضور يوميًا دون انقطاع لتنظيف قاعات امتحانات جامعة القاهرة دون كلل أو ملل وبوجه تكسوه البسمة ضاربًا بتجاعيد الهم والمرض عرض الحائط.
وجهه الضاحك يجعلك تتحدث معه ببساطة وكأنك تعرفه منذ زمن بعيد، عمره قد يتجاوز 61 خريفًا، إلا أنك رغم ذلك لن تلمح في معالم وجهه سوى الرضا والقناعة بالمقسوم، الأمر الذي يجعل من تشاؤم وكأبة الشباب شيء غير مقبول، فأين هم من عم "زيزو" الذي ظل يعمل ويكافح في مهنة قد يراها البعض غير مناسبة لسنه خاصة أنه بدأها منذ 13 عامًا أي في الخمسينات من عمره.
يروي عم "زيزو" قصة كفاحه لـ"مصر العربية": أنا عندي 61 سنة وبشتغل عامل نظافة في جامعة القاهرة تبع شركة خاصة بكلية التجارة الإنجليزي.
وبحرص ممزوج بنبرة ود وألفة يستكمل حديثه: صاحبت الطلاب وهما كمان صاحبوني وعلموني كام كلمة إنجليزي عشان أصبح بيهم عليهم كل يوم.
ويتابع عم "زيزو" كلامه الذي لا يمكن أن تشعر وأنت تسمعه سوى بشغف وإصرار على استكمال حكايته للنهاية: ومن حب الطلاب ليا طلعوني عمرة كانت تبع الكلية وساعدوني بكل حاجة وعملولي صفحة على الفيس بوك.
وحينما تسأله عن حلم حياته بعد هذا العمر المديد يرد قائلًا: كل حلمي إني أطلع حج بس لازم بعد خمس سنين عشان شروط الجامعة وكمان نفسي أفتح كشك عشان لما أكبر ومقدرش أشتغل ألاقي حاجة أصرف منها.
تركني عم "زيزو" مسرعًا لمكان يجلس فيه مع أصدقائه من عمال النظافة ولكن سرعان ما عاد ليّ بملصق كبير وهو عبارة عن صورة مطبوعة له من الصفحة الشخصية التي أطلقها الطلاب وهو مع عميدة الكلية والوكلاء والطلاب.
حب الطلاب والعاملين بالجامعة لعم زيزو يثير الدهشة لكل من يجلس معه بالرغم من وجود الكثير من العاملين بشركات النظافة إلا أنه يتمتع بحب الجميع فكل من يذهب ويأتي يلقي التحية عليه سواء بسابق معرفة أو بدون.
حرصه على استكمال عمله الذي يعكف عليه يوميًا من أجل لقمة عيش من مال حلال دفعه لإنهاء حديثه معنا، ولكن دعونا نتساءل: ماذا يحدث لو وفرت الحكومة فرص عمل لكبار السن بدلًا من تركهم يتسولون الجنيه من المارة بكل شارع وميدان؟ ماذا لو اكتسب طلاب الجامعة نصف ما أوتي عم "زيزو" من صبر وجلد وتفاؤل وحب للحياة بدلًا من حالة الاكتئاب والانتحار والتفكير في الهجرة التي سادت صفوف الشباب إلا من رحم ربي؟.
اقرأ أيضًا: