الرأي السائد حاليا في مصر هو أن وقت الإسلاميين قد انتهى، ماذا لو كانت هذه هي بدايتهم؟
إن قراءة الصحف المصرية هذه الأيام أو التحدث إلى الليبراليين المصريين منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد "محمد مرسي" في 3 يوليو الجاري، هي كفيلة بأن تعطيك انطباعا بأن "وقت" جماعة الإخوان المسلمين في مصر استمر لـ12 شهرا فقط وقد انتهى، رغم التمهيد الطويل الذي قدموه من أجل صعودهم إلى السلطة والذي بدأ في عشرينيات القرن الماضي.
ويقول الاعتقاد السائد، إن الإخوان المسلمين التي تأسست لمعارضة الاستعمار البريطاني، قد أحرقت نفسها بعد عام واحد فقط من عجزها التام عن الحكم.
ومع ذلك، فإن العجز التام عن الحكم هو العرف السائد في مصر؛ فتعتبر السيادة الشعبية جديدة على البلاد، ولا يمكن إنكار أن عددا غير محدود من المصريين الذين صوتوا لصالح مرشحي الإخوان المسلمين ودستورهم قد تغيروا في موقفهم إلى معارضة هذه الجماعة الإسلامية في مظاهرات حاشدة صدمت الجماعة من حجمها.
لكن مظاهرات حركة تمرد وتحركات الجيش هي التي أثارت انتقاد الإسلاميين داخل المجتمع المصري، ويُنظر إلى الجيش المصري والأجهزة الأمنية والشرطة -التي لم يتم إصلاح أي منها حتى الآن منذ سقوط الرئيس "حسني مبارك" في 2011- بشكل مثير للريبة والشكوك، إن لم يكن بالعداء.
وبالنسبة لعلاقة الحب المكتشفة حديثا بين الجيش والليبراليين العلمانيين في مصر الذين توصلوا إلى استنتاج أنهم بحاجة إلى الجيش للتحقق من قوى الإسلاميين، من المرجح أنها لن تؤثر إطلاقا للحد من الشكوك لدى المخلصين المصريين تجاه ضباط الجيش وأعوانهم.
ومن الواضح جليا أن محمد مرسي لم يتصرف جيدا خلال مدته القصيرة في الحكم؛ فقد أبعد حلفاء جماعته دون داع، بما في ذلك حزب النور السلفي القوي، لكن معظم مشاكل "مرسي" كانت إما مدبرة أو جاءت بتشجيع من الجيش والأجهزة الأمنية والشرطة ونخبة رجال الأعمال العلمانيين.
وجدير بالذكر، أن الجماهير العلمانية هي أقل مهارة من المسلمين المؤمنين في الناحية الاقتصادية؛ حيث إن الشريعة الإسلامية تعلم احترام الملكيات الخاصة.
ومن المرجح أن القيادة العليا للإخوان المسلمين لن تتعافى وتسترد سلطاتها من الانقلاب؛ فالإسلاميون في مصر ليسوا بمنأى عن الواردات الجربية من النزعة الفردية وكره التسلسل الهرمي، وقد حاز حزب النور السلفي على 30% تقريبا – بنسبة أعلى من أي حزب علماني- في الانتخابات البرلمانية التي ألجيت العام الماضي، وأصبح السلفيون حاليا أصوليين، ويمكنهم الفوز على حساب الإخوان.
لكن المضللين والسذج والمخدوعين سياسيا – حيث إن المؤيدين الغربيين للانقلاب مصنفون تحت الثلاثة أوصاف السابقة - هم فقط من يمكنهم اعتقاد بأن "وقت" الإسلاميين في مصر قد انتهى، بل إنها مجرد استراحة أو فترة فاصلة على الأرجح.
جرشت هو خبير في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وخدم في قسم الخدمات السرية في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـ "سى آي إيه" بين عامي 1985 إلي 1994 وتخصص في شئون الشرق الأوسط، المقال في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.